نقيب سابق وشرطية معزولة.. في قلب فضيحة أخلاقية
ابتليت المحاماة، أو مهنة “النبلاء” كما ينعتها جهابذة القانون، بالنقيب السابق والمحامي الكبير في السن، الذي استباح، للأسف الشديد، كل أخلاقيات المهنة، وضرب عرض الحائط بكل الأعراف النبيلة لهيئة الدفاع، بل إنه انخرط بصفة “فاعل أصلي ومساهم مادي” في ارتكاب مجموعة من الأفعال الإجرامية الخطيرة، بما فيها جنحة “إعطاء القدوة السيئة في الأخلاق للأطفال القاصرين”، وهي الجريمة المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصل 482 من مجموعة القانون الجنائي المغربي.
ولم يُخف العديد من رجال البذلة السوداء امتعاضهم مما اعتبروها “الصورة السلبية” التي بات يقدمها المعني بالأمر، والتي قالوا أنها “تتنافى وأخلاقيات وأعراف المهنة، وتقوض أحد مرتكزات المحاماة وهو الشرف والاستقامة”، خصوصا بعدما تواترت مقالات صحفية وبرزت صور فوتوغرافية توثق للنقيب السابق وهو في وضعيات مشوبة بالإخلال بالأخلاق مع إحدى موكلاته. والأدهى من ذلك أن هذه الممارسات قد تكون ارتكبت بحضور طفل قاصر!
وتسود حالة من التذمر والاحتقان في أوساط مجموعة كبيرة من منتسبي “مهنة النبلاء”، بسبب هذه الصور والأخبار المتداولة إعلاميا، إذ لا حديث في باحات المحاكم وفي ردهات النقابات المهنية وفي مكاتب المحامين، إلا عن الزميل الكبير في السن الذي أعطى تعريفا جديدا “للأتعاب”، ممثلا في استخلاص قيمة المؤازرة عينا من جسد وشبق الموكلات، والذي أضحت تحوم حوله شبهات التعري وكشف أعضائه الحساسة في حضور طفل قاصر السن.
وقبل تداول هذه الصور إعلاميا، كانت العديد من المواد والمقالات الصحفية قد استبقت هذا الموضوع ونسبت للمحامي المذكور “تورطه في إقامة علاقة مشبوهة مع إحدى موكلاته”، وهي شرطية معزولة ومتزوجة من مواطن عربي مقيم بالولايات المتحدة الأمريكية. لكن لم يرد وقتها في الأذهان أن تكون هذه العلاقة المشبوهة قد ارتكبت بحضور قاصر إلا بعدما نُشرت العديد من الصور التي توثق لهذا الفعل الفاضح.
وفي سياق متصل، أبدى أحد المحامين، الذي أحجم عن الإدلاء بهويته احتراما لآصرة الزمالة المهنية، أسفه واستنكاره لمثل هذه التصرفات المعيبة، مُنزّها مهنة الدفاع عن هذه الأفعال التي اعتبرها “شاذة ونادرة”، والشاذ والنادر لا قياس عليه، يضيف المعني بالأمر، قبل أن يردف حديثه “نأسف أن يصبح المحامي موضوع شبهات تتعلق بالشرف، أو محل شبهة استدراج الموكلات لتحصيل قيمة المؤازرة. فالأمر هنا يتعلق بالاتجار بالبشر وليس بتحصيل أتعاب الدفاع”.
وكان موقع إخباري وطني قد نشر صورا تظهر النقيب السابق في وضعيات خليعة، وكاشفا عورته وأعضاءه الحساسة أمام موكلته وبحضور ابنتها أو ابنها القاصر، وهي الصور التي فتحت الباب على مصراعيه للتساؤل المشروع حول مزاعم التحرش الجنسي التي كانت الموكلة المذكورة قد نسبتها لرئيسها الإداري السابق. ولعلّ من ضمن التساؤلات المطروحة في هذا الصدد: هل السيدة التي تشتكي من مزاعم التحرش يمكنها أن تقع في حب محاميها الثمانيني وتظهر معه في وضعيات مشبوهة؟ ألا تٌسائل تلك الصور أخلاق المشتكية المعنية بالأمر وموكلها المحامي على حد سواء؟ خصوصا عندما يتم الانكشاف أمام حدث قاصر السن.
واللافت للانتباه أيضا، أن قضية النقيب السابق وموكلته الشرطية السابقة تجاوزت حدود الإطار المهني والأخلاقي والقانوني، وصارت مادة دسمة لمن يسمون أنفسهم ب”المعارضين ودعاة الانفصال”. فقد انبرى عسكري سابق لتحريض الشرطية المذكورة على استهداف أعلى مؤسسة بالبلاد من مكان إقامتها الحالية بالولايات المتحدة الأمريكية، مستعرضا عليها ما يمكن وصفه تجاوزا ب “الممارسات الفضلى في طلب اللجوء وفي مخاصمة المؤسسات الدستورية المغربية”.
وبدورهما، أدلى علي لمرابط ومحمد راضي الليلي بدلوهما في “جبّ” هذه القضية عبر شبكات التواصل الاجتماعي، إذ ادعى الأول أن مزاعم التحرش كانت مدعومة بقرائن وأدلة ولم يتم توقيف المشتكى به، أسوة بباقي القضايا المماثلة مثل حالة عمر الراضي، في حين نفث الثاني سمومه الانفصالية على هذه القضية، مثلما نفث سابقا سموم الكذب مٌدعيا تحقيق العديد من “الانتصارات الافتراضية الوهمية للبوليساريو في المحبس والفارسية وكلثة زمور وغيرها من ربوع الصحراء المغربية”.
وقد أثار “احتضان” قضية الشرطية السابقة وهيبة خرشش من طرف دعاة الانفصال وممن يشهرون العداء لوطنهم، جملة من التعليقات الساخطة في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تساءل أحد رواد موقع فايسبوك عن السر وراء “تهافت” محمد راضي الليلي ومصطفى أديب على قضية الشرطية المذكورة؟ مٌرجحا تقاطع الميولات “اللاوطنية” للمعنيين بالأمر الثلاثة.
وتعليقا على هذه القضية، نفى مصدر أمني، بشكل قاطع، المزاعم والادعاءات التي تحدثت عن وجود علاقة مصاهرة بين رئيس الأمن الإقليمي بالجديدة والمدير العام للأمن الوطني، معتبرا ذلك مجرد إشاعة مغرضة من نسج خيال صاحبها، قبل أن يستطرد تصريحه بأن المديرية العامة للأمن الوطني تعاملت مع هذه القضية بتجرد تام، إذ بمجرد توصلها بشكاية من قبل الشرطية السابقة بادرت بتكليف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية للقيام بالأبحاث القضائية اللازمة تحت إشراف النيابة العامة المختصة.
وأردف المعني بالأمر كلامه، بأن هذه القضية شكلت موضوع مجموعة من التحقيقات والمساطر والأبحاث التمهيدية، وانتهت بصدور مقررات قضائية عديدة قضت بعدم جدية مزاعم التحرش التي رفعتها الشرطية المعنية بالأمر، والتي صدر لاحقا قرار بعزلها من طرف المجلس التأديبي للأمن الوطني، بسبب غيابها غير المبرر عن العمل وتركها للوظيفة، بعدما هاجرت سرا نحو الخارج لطلب اللجوء في أعقاب تزويرها لشواهد طبية للتدليس على رؤسائها في العمل.