في قلب الرباط، مدينة الأنوار وعاصمة الثقافة، يتيح متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر مقاربة مبتكرة لاكتشاف هذه الحاضرة الألفية، كما يجعل المواهب الفنية في خدمة تموقعها السياحي.
هذه المعلمة البارزة احتضنت، ومنذ إحداثها قبل ست سنوات، أعمال أسماء بارزة من مختلف التيارات الفنية، ومعارض دولية والعديد من المبدعين المغاربة. دينامية تشي بهذا التكامل بين السياحة والثقافة، باعتبارهما رديفين للاكتشاف والانفتاح على الفن والإبداع.
في هذا الصدد، يعتبر رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، مهدي قطبي، أن الثقافة تعد رافعة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، إذ تساهم في إثراء العرض السياحي وتحفز مزيدا من السياح على اختيار وجهة المغرب.
يؤكد قطبي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الفن والثقافة يعدان اليوم عنصرين أساسيين ضمن التموقع السياحي للرباط، مشددا على الاختيار المتمثل في دمقرطة واستدامة وترسيخ الفن لدى جميع المغاربة. ويضيف “سنواصل تنظيم المواعيد الثقافية الكبرى لتمكين الجميع والزوار الأجانب من اكتشاف المغرب الغني ثقافيا بتراث متنوع”.
يأخذ متحف محمد السادس، بهندسته المعمارية التي تتماهى مع محيطها قرب الأحياء التاريخية للعاصمة، زواره في رحلة عبر الأعمال الفنية الكبرى لفنانين بارزين، مغاربة وأجانب، في تجسيد تام لهذه العلاقة الانصهارية بين المتاحف والسياحة.
وردا على سؤال حول مدى تأثير الأزمة الناجمة عن جائحة فيروس كورونا المستجد على خطط عمل المؤسسة الوطنية للمتاحف، أبرز قطبي أن الجائحة قائمة “لكن لا يجب أن نستسلم”، فتقاسم الفن، في نظره، يساهم في بعث الأمل، مسجلا أن “مهمتنا تتمثل في المساهمة في دمقرطة الفن وولوج المغاربة إلى المتاحف”.
لذلك، يضيف المتحدث، ومن ضمن أسباب أخرى، أطلقت المؤسسة الوطنية للمتاحف مبادرة مجانية الولوج إلى المتاحف أيام الجمعة، لكافة المغاربة، والولوج المجاني لفائدة الطلبة والأطفال، لتعويدهم على جعل الثقافة عنصرا أساسيا ضمن معيشهم اليومي.
واعتبر أنه يلاحظ، في هذه الفترة المتسمة بتفشي الجائحة، أن المتحف يواصل تأدية دوره في تقديم تقاسم الفن، كما يشهد على ذلك العدد الكبير لزوار معرض “الفنانين التشكيليين المغاربة في المجموعات الوطنية، من بن علي الرباطي إلى اليوم”، هذا الحدث يتواصل إلى غاية 15 دجنبر المقبل بمتحف محمد السادس، بالرغم من ظروف الجائحة، وذلك في احترام للمعايير الصحية.
وفي ما يتعلق بالمجموعات الفنية، فإن المؤسسة تتوفر على مجموعة غنية لفنانين مغاربة، تعود لصندوق وزارة الثقافة ولأكاديمية المملكة المغربية، وهي الأعمال التي يتم تقديمها ضمن معرض “الفنانين التشكيليين المغاربة في المجموعات الوطنية، من بن علي الرباطي إلى اليوم”. ويؤكد قطبي أن المعرض يلاقي نجاحا كبيرا، خاصة من حيث عدد الزوار، وذلك على الرغم من جائحة “كوفيد 19”.
وبحسب قطبي، فقد تقرر، في هذا السياق، تخصيص كافة المعارض للتراث الحديث والمعاصر، خاصة من خلال المعرض الاستعادي “الغرباوي: الجذور السامقات” المنظم إلى غاية 8 فبراير 2021، وأيضا المعرض الاسترجاعي لفؤاد بلامين ابتداء من 20 نونبر 2020.
وتابع بالقول “من المهم بالنسبة لنا المساهمة في كسب وفاء الجمهور وتعريفه بفنانينا المغاربة حتى يتمكن من تملك واكتشاف تاريخهم وتنوع تراثهم الفني”.
وختم رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف بالقول إن الرباط ستحتضن في أبريل المقبل، وبصفتها “عاصمة الثقافة”، معرض “أوجين دولاكروا .. ذكريات رحلة للمغرب”. إذ كان دولاكروا أول سفير لألوان ونكهات وحفاوة المغرب، وهي المرة الأولى التي يخصص له معرض بالرباط مع إبراز أدوات مغربية رافقته طيلة حياته.
المصدر: الدار– وم ع