الرأيسلايدر

راضي الليلي.. يتهم فايسبوك بسبب المغرب

أجرى التلفزيون الجزائري جلسة “استجواب” مع الانفصالي محمد راضي الليلي، الذي جلس في وضعية انكفاء وهو يستظهر أجوبة معدة مسبقا حول أسئلة مرقونة في الشاشة، وهو المشهد الدرامي الذي جعل العديد من المعلقين والنشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي يشبهون الحوار وكأنه حصة استجواب تجريها المخابرات الجزائرية مع المذيع السابق بالتلفزة المغربية.

ولم تكن طريق الحوار هي وحدها التي تثير الشفقة والهوان، “إذ ما لجرح بميت إيلام“، كما يقول البيت الشعري القديم، وإنما سذاجة الرجل وصفاقته هي التي كانت أكثر مدعاة للسخرية السوداء. فالرجل اتهم إدارة فايسبوك بالتواطؤ مع المغرب، بل إنه شكك في الذمة المالية لمالك موقع فايسبوك بدعوى أنه يتقاضى عمولات من المغاربة مقابل حذف الحساب الخاص به في وسائط التواصل الاجتماعي! فهل هناك وقاحة وصفاقة أكثر من هذه؟

فالانفصالي محمد راضي الليلي نسي أو تناسى بأن مواقع التواصل الاجتماعي ، كما يدل على ذلك اسمها بشكل صريح، هي منصات للتفاعل والتثاقف والتواصل بين عموم البشر من مختلف الجنسيات، وليست آلية عسكرية لبث الدعاية والتوجيه المعنوي في الجيوش والمحتجزين في مخيمات تندوف، ولا هي راجمة لقذف كريات الكذب الملتهبة، التي تدعي أحيانا أن البوليساريو تجاوزت السمارة ووصلت حتى منطقة “لبيار” حيث قبائل أيت لحسن والشرفاء بضواحي طانطان، وفي أحيان أخرى تزعم أن مدفعية “الفايسبوك الصحراوي” قتلت العشرات من الجنود الافتراضيين ووصلت حدود الزويرات من جهة تخوم الكويرة.

فإدارة فايسبوك لا تحتاج لأموال المغرب أو لتحركات مجموعات الضغط الموالية له لتقطع عنك الإرسال، أو تسحب منك صفحتك الشخصية على هذا الموقع التواصلي، وتجعلك منك لاجئا في يوتيوب مثلما أنت لاجئ في الواقع، إذ يكفيها فقط أن تطلع على حواراتك التجييشية مع معتوه الجزائر السعيد بنسديرة، أو مع معتقل الإرهاب والتطرف محمد حجيب، لتدرك بأن الصفحة زاغت عن بديهيات ميثاق التواصل الاجتماعي، وهو مسوغ كاف لطردك افتراضيا من الموقع، مثلما طردتك فاطمة البارودي واقعيا من التلفزة، بسبب شبهات الانفصال التي تعززت لاحقا وأصبحت واقعا معاشا.

والمغاربة اليوم ليسوا بحاجة للتلفزيون الجزائري لكي يعرفوا حقيقة محمد راضي الليلي، إذ يكفي أن يستمعوا لوالدتك وهي تدعو لك بالهداية الربانية، وهي تذرف عبرات الأسى والتأسي، ليعلموا أن من خان الوطن ونكت العهد لا يحتاج لهدر المال العام عليه وشراء ذمة فايسبوك لطرده من الموقع، فهو أصلا مطرود من ذاكرة المغاربة ووجدانهم قبل أن تلفظه حساباتهم الشخصية في وسائط الإعلام البديل.

ولعلّ المثير في خرجة محمد راضي الليلي الأخيرة في التليفزيون الجزائري، هو أنه يمنح لنفسه صلاحية إجراء الحوارات الصحفية مع الخصوم والأعداء، من كل المشارب والروافد المتطرفة، بينما يمنع على صاحب موقع إخباري مغمور في مدينة كلميم أن يجري حوارا مصورا مع والدته، التي كشفت حقيقته للرأي العام: حقيقته كلاجئ يقايض الخبز بالعمالة للأجنبي.

فتصريحات والدة محمد راضي الليلي هي من استفزت مشاعره وجعلته يضرم النار في  التجسيد الهوياتي لجنسيته (جواز سفره المغربي)، لأنها عرّته أمام الرأي العام، وقدمته كمناضل “خبزي” كان “يلوّد على الرزق” بالحسانية، في الوقت الذي كان يقدم فيه نفسه للصحراويين المحتجزين وللجزائريين الممولين بأنه مناضل من الزمن الغابر.

زر الذهاب إلى الأعلى