الغموض يلف المشهد الجزائري سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بعد عودة الرئيس تبون
الدار / خاص
بعودة الرئيس عبد المجيد تبون إلى الجزائر، مساء أمس الثلاثاء بعد شهرين من المغادرة إلى ألمانيا للعلاج من فيروس كورونا، عادت التكهنات والتساؤلات حول المستقبل الداخلي بالبلاد. وبقدر ما تثير حالة الرئيس الجزائري الصحية من فضول وتساؤلات، فإن عودته تتزامن مع أجواء صعبة تعيشها البلاد سواء على الصعيد الداخلي أو في علاقات هذا البلد المغاربي الخارجية، حيث شركاء البلاد الدوليين ينظرون بعين الريبة الى الجزائر، التي تشبه ذلك الطفل الصغير، الذي لا يكاد يحبو حتى يكبو.
تساؤلات حول وضع صحي غامض
قبل شهر نقل الرئيس عبد المجيد تبون، الذي أطفأ شمعته الخامسة والسبعين وهو على فراش المرض في ألمانيا، الى أحد المستشفيات هناك، إثر إصابته بفيروس كورونا. لكن تقارير عديدة تفيد بأنه خضع لعمليات جراحية عدة، وهو ما حتّم بقاءه فترة أطول مما كان متوقعا عما يفترض في حالة الإصابة بكورونا.
ومن المتوقع أن يستمر بعد عودته للبلاد تحت رعاية خاصة، وهو ما يثير في الجزائر وخارجها تساؤلات حول مدى قدرته على ممارسته مهامه الرئاسية على الوجه الأكمل حتى يتم تجنيب الجزائر الوضع الذي عاشت لما ظل بوتفليقة يسير البلاد وهو على كرسي متحرك منذ سنة 2013.
الوضع الصحي المقلق للرئيس تبون، دفعت بعض وسائل الإعلام والمحللين في الجزائر إلى إعادة طرح سيناريو تطبيق المادة 102 الشهيرة في الدستور الجزائري، الخاصة بإعلان حالة الشغور إذا استحال على الرئيس ممارسة مهامه. ويعيد الجدل حول هذه المادة في البلاد كابوس نهاية حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة بعدما أصيب بجلطة دماغية واستمر بعدها ست سنوات في الحكم حتى عزله إثر احتجاجات واسعة في البلاد.
وضع داخلي مقلق للغاية
ورغم عودته الى البلاد، وظهوره الإعلامي الثاني، فان حالة الرئيس تبون الصحية، ليس وحدها ما يثير تساؤلات المحللين، بل طرحت في الأيام الأخيرة قضايا عديدة داخلية وخارجية تلقي بظلالها على مستقبل الأوضاع في أكبر بلد مغاربي.
ويوجد في مقدمة الملفات التي تنتظر عودة الرئيس تبون في قصر المرادية بالجزائر، ملف التوقيع على التعديلات الدستورية التي أجري عليها استفتاء بداية شهر نونبر في ظل جائحة كورونا وفي غياب الرئيس ووسط دعوات المعارضة للمقاطعة، وكانت نسبة المشاركة والتصويت عليه من أضعف نسب المشاركة في تاريخ البلاد (23,7%..
على الصعيد الاقتصادي، تخيم عل الجزائر مؤشرات اقتصادية صعبة في ظل استمرار تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد، وانهيار أسعار مواد الطاقة من الغاز والبترول التي تشكل عائداتها نسبة 95 في المائة من الدخل القومي، بشكل يهدد السلم الاجتماعي، ويضع البلاد على فوهة بركان قابل للانفجار في أية لحظة.
انتقادات واسعة لأوضاع حقوق الانسان
ويبدو أن صفحة الحراك الشعبي لم تطوى رغم حملات التضييق عليه تحت طائلة الطوارئ الصحية بسبب كورونا. وتواجه الجزائر سلسلة انتقادات من منظمات حقوقية ودولية ومن البرلمان الأوروبي، على خلفية الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان عبر محاكمة العشرات من نشطاء الحراك والتضييق على حرية الصحافة. وأحدث تلك الانتقادات.
وانتقدت منظمة مراسلون بلا حدود السلطات الجزائرية على إثر قيام السلطات بحملة حجب لمواقع إعلامية مستقلة. فيما تنتظر الطبقة السياسية الجزائرية إصلاحات في قوانين تنظيم الأحزاب والجمعيات والإعلام.
تزايد اتهامات المعارضة
وتتهم المعارضة النظام بمحاولة احتواء مطالب الحراك الشعبي، التي ما تزال مفتوحة، رغم “هدنة الشارع” التي فرضتها جائحة كورونا. ويطالب الحراك بتغييرات جذرية في النظام والاتفاق على عملية انتقال ديمقراطي تمهيدا لإقامة الجمهورية الثانية.
المعارضة تعتبر، أيضا أن ترويج بعض الأوساط الجزائرية لما يسمى “مؤامرة” تتعرض لها البلاد، إنما هي أسلوب تقليدي يتم نهجه من أجل توحيد الصفوف الداخلية في مواجهة “العدو” المفترض، في وقت تواجه فيه البلاد استحقاقات وإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وصحية، ليس من الواضح أن هنالك رؤية للتغيير وبدائل للإجابة عنها على الأقل في الأمد القريب، الذي سيستمر فيه عبد المجيد تبون في تلقي العلاج، و أخذ فترة نقاهة.