سلايدرفن وثقافة

الأديب ياسين عدنان يضع المجتمع المغربي تحت مجهر التشريح من خلال راوية “هوت ماروك”

الدار / خاص

تحاول رواية “هوت ماروك” للإعلامي والأديب المغربي، ياسين عدنان، رصد تحولات المغرب منذ السبعينيات الى اليوم، وكيف انتقل المغاربة من حياة بسيطة الى حياة تعج بالصخب بظهور شبكة الانترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، وتطور نمط العيش والحياة في المدن، من خلال اختيار مدينة مراكش كفضاء لنسج أحداث الراوية.

وصدرت الراوية، التي تحمل عنوانا دالا، عن دار “الفينك” بالمغرب وعن دار النشر “العين” بمصر، و جاءت في 460 صفحة من الحجم المتوسط.

وبغية إضفاء حس خيالي على هذه الرواية، وجعلها أقرب الى تجسيد الواقع المغربي الراهن، اختار ياسين عدنان شخصية رئيسية لروايته اسمها “رحال العوينة”، الشخصية الطريفة والغريبة الأطوار، التي تظهر من خلال حبكة الرواية وفصولها المختلفة كـ “شخصية يائسة وجبانة وتعيش في الظل”.

الواقع الذي كان يعيشه “رحال العوينة”  في هوامش مدينة مراكش، حيث تجري أحداث الراوية، مناقض تماما للبطولات التي لا توجد الا في مخيلة وأحلام “رحال العوينة”، الذي يعش على الوشاية الكاذبة وتلفيق التهم أيام دراسته الجامعية، و خلق اسمين مستعارين لمعلقين من نسج خياله على موقع إخباري، وحساب لفتاة، جسدها واقعي وتفاصيلها من خيال، على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.

من جهة أخرى، تتطرق الراوية لما يعتمل في المجال الصحفي بالمغرب من اكراهات تنأى بالمهنة عن المهنية والنبل،  بسبب خضوع بعض المهنيين لأجندات توحي إليهم ما يعملون، من خلال شخصيتي “نعيم مرزوق”، كاتب أعمدة الرأي بجريدة “المستقبل” و”أنور ميمي”، رئيس تحرير الموقع الإخباري “هوت ماروك”.

المجال السياسي في المغرب، والتحولات المهمة التي عرفها بعد وفاة الملك الراحل الحسن الثاني، واعتلاء الملك محمد السادس العرش، نالت نصيبها من رواية “هوت ماروك”، التي تطرق فيها الأديب ياسين عدنان  لموضوع التعددية الحزبية وحرية التعبير، و الأحزاب السياسية التي تخلت عن الإيديولوجيات بغية تبوأ صدارة  صناديق الاقتراع، وما يرافق ذلك من استغلال للدين ومآسي العباد ومقدسات البلاد.

رصد مجمل التحولات التي طرأت على المغرب، وعلى المجتمع المغربي خلال الأربعة عقود الأخيرة، دفعت الأديب والإعلامي، ياسين عدنان، الى تسليط الضوء على  جوانب من حياة مهاجري بلدان جنوب الصحراء بالمغرب، من خلال شخصيات “أميليا” و”فلورا” و”ياكابو” الذين لم يجدوا بديلا عن الاشتغال في الدعارة.

كما تطرقت الراوية ذاتها، للفئة الانتهازية  في المجتمع المغربي، التي لا تهمها المبادئ بقدر ما تهمها مصالحها الشخصية، انطلاقا من شخصية “اليزيد” البراغماتي لدرجة تثير الغثيان، الى جانب غوص الرواية في ظاهرة التطرف الديني عبر الانترنت، من خلال شخصية “أبو قتادة”، وكذا تعطش الشباب المغربي للهجرة  إلى الخارج انطلاقا من شخصية “قمر الدين”، الى غير ذلك من المواضيع والقضايا “الساخنة” التي تناولها الأديب ياسين عدنان بحس أدبي راق، وبسيط نجح من خلاله في تشريح أعطاب مجتمع مغربي تعتمل فيه الكثير من التناقضات الصارخة، والظواهر التي تستحق الوقوف عندها قصد تجلية تمظهراتها.

زر الذهاب إلى الأعلى