تلويح قيادات “البيجيدي” بالاستقالة.. ابتذال سياسي وعزف على وتر المظلومية
الدار / خاص
من جديد عاد اخوان حزب العدالة والتنمية لرفع يافطة الاستقالة سواء من الحكومة أو من الحزب بعد أن قرر ادريس الازمي الادريسي تقديم استقالته من الأمانة العامة والمجلس الوطني لحزب “المصباح” في خطوة أثارت سخرية على شبكات التواصل الاجتماعي، وقبله مصطفى الرميد، الذي قدم استقالته من مهامه الوزارية بسبب وضعيته الصحية، قبل أن يتراجع عنها.
وتضمر استقالة الأزمي الادريسي قبل موعد الانتخابات التشريعية المقبلة، مناورات سياسوية وشعبوية كبيرة، بل اعتبرها البعض “حركة بهلوانية في الدقائق الاخيرة من الولاية” على اعتبار أن الرجل ظلا يتنقل بين مناصب تذر عليه تعويضات مهمة منذ سنة 2011. بدأها وزيرا منتدبا في المالية، ثم جمع بعد ذلك ثلاث مناصب انتخابية دفعة واحدة؛ عمدة مدينة فاس، ورئيس فريق الحزب بمجلس النواب، ورئيس لجنة المالية بذات المجلس، ثم برلماني، وهي المهام التي تصل فيها التعويضات المالية الى أزيد من 100000 ألف درهم شهريا ان لم يكن أكثر من ذلك.
رسالة الأزمي التي تناقلتها شبكات التواصل الاجتماعي، ظلت وفية للحقل المفاهيمي التي تنهال منها التيارات الاخوانية، التي تبني ايديولوجيتها على شعارات المظلومية، والمؤامرة، والمبادئ الزائفة، وهو مادفع بعض رواد شبكات التواصل الاجتماعي الى مطالبة الأزمي الادريسي بالتحلي بالشجاعة ويقدم استقالته من البرلمان وعمودية فاس التي رجع بها عقودا للوراء، غير أن المنطق الديبشخي يرفض التنازل عن المهام الحبلى بالتعويضات المالية وسيارات الخدمة.
وعوض أن يقدم الأزمي على تقديم استقالته من مهامه التي يتلقى منها تعويضات مالية مهمة، دبج رسالة مليئة بعبارات فضفاضة دأبا على عادة اخوان العثماني، حيث جاء في الرسالة: “أصبح الحزب اليوم” يلاحق الواقع ويركض وراءه ليس لأن الواقع أعقد وأسرع، ولكن لأن الحزب ربما ركن إلى الراحة وأعجبته الكثرة وخلد إلى الانتظارية وإلى الواقعية المفرطة وألبس كل هذا لبوسا يجعله مستعدا إلى قبول كل شيء، مسخرا ملكاته وقدراته ومؤسساته للتبريرات البعدية عكس ما يعتقد أو في الحد الأدنى بعيدا عما كان يدافع عنه بالأمس”.
أما بخصوص مصطفى الرميد، الذي قدم استقالته من منصبه الوزاري لأسباب صحية يمكن تفهمها أخلاقيا وانسانيا؛ قبل أن يتراجع عنها، فلم تكن المرة الأولى التي يلوح فيها بمغادرة دفة الحكومة؛ بل سبق أن هدد بالاستقالة من حكومة العثماني سنة 2011، لما كان وزيرا للعدل والحريات، إذا فشل في الرفع من أجور القضاة.
مصطفى الرميد عاد مجددا للتلويح بتقديم استقالته من الحكومة سنة 2016، في عز أجواء الانتخابات التشريعية، حيث هدد في تدوينة نشرها على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” بتقديم استقالته من اللجنة العليا المكلفة بالانتخابات؛ وهي اللجنة التي كانت تضم إلى جانب الرميد محمدا حصاد، وزير الداخلية السابق، مبررا ذلك بـ”وجود تجاوزات طالت العملية الانتخابية”.
تدبيج قيادات حزب العدالة والتنمية لرسائل الاستقالة سواء من الحزب أو من الحكومة في مناسبات عديدة، وعدم قيامهم بذلك فعلياً، حولهم الى محط سخرية، و أسقطهم في الابتذال، مما يؤكد بالملموس أن الأمر لا يعدو أن يكون مناورات سياسوية عقيمة تحاول تبخيس العمل السياسي، بشكل يسهم في عزوف المواطنين عن العملية السياسية، عندما يلاحظون أشخاص يلوحون بالاستقالة ثم يتراجعون عنها فيما بعد.