بقلم : يونس التايب
القاعدة الأخلاقية هي أن الرجل و المرأة شركاء في الإنسانية، و يتعين أن يتقاسما نفس الحقوق و نفس الفرص، بعيدا عن أي استغلال أو تبضيع أو تحقير و تبخيس …
ولا شك أن هذه القاعدة، كانت نبراسا لما تحقق من سير على طريق التأهيل الحقوقي والمؤسساتي، بمجهودات بذلتها الدولة المغربية بفضل الحرص الشخصي لجلالة الملك محمد السادس، ورعايته لمسار تأهيل واقع المرأة المغربية كي يصبح أفضل في النواحي القانونية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والتعليمية.
لكن الطريق نحو الأفضل يحتاج دائما استمرار اليقظة والتتبع، والترافع المستمر من أجل إبقاء الوعي الإيجابي وضمان المكتسبات التي تحققت، والوقوف في وجه أي تخلف أو ردة و نكوص.
وإذا كان صحيحا أن هنالك نقط ضوء كثيرة تحققت بفضل دفاع المرأة عن نفسها وعن كرامتها و عن حقوقها، و بفضل نضالات قوى العقل والكرامة ضدا في تفاهة التفكير الذكوري و عبث قوى الرداءة، لكن من الخطأ الاعتقاد أن كل النساء يشعرن بالأمان الاقتصادي والاجتماعي، وبالاحترام الحقيقي، أو يلمسن التوقير اللازم لهن في بيوتهن وفي الشارع العام، وفي مقرات العمل. الواقع أن رفيقتنا في المواطنة و في الإنسانية، لا زالت مجبرة على أن تناضل بألف شكل و شكل …
قد تناضل بالرحيل عندما تخر قواها وتقهرها الظروف… وقد تناضل بالبقاء والصمود أحيانا أخرى، عندما تجد القوة وبعض السند…
قد تناضل ضد الخشونة و سوء المعاملة من غرباء في الشارع، أو من زوح ظالم مستبد أو مستهتر غير مسؤول… وقد تناضل ضد “عقلية” زملاء العمل حين لا يقبلون بأن تتميز بذكاءها ومهنيتها …
قد تناضل ضد سكيزوفرينية بعض “رفاقها” أو “إخوانها”، في بعض التنظيمات المدنية و بعض الهيئات النقابية والسياسية، حين تتفوق اجتهاداتها على اجتهاداتهم و تبرز قدراتها القيادية على استحقاقهم “الطبيعي” بمقتضى “رجولتهم” المفترضة …
وقد تضطر لتناضل برفض حضور “لوجيستيكي” لتزيين منصة ندوة أو مهرجان خطابي أو دورة تكوينية، لأنها تؤمن أن صورة جماعية من ذلك الموقع يجب أن تكون امتدادا لإيمان حقيقي بقيم المساواة واحترام المرأة، يسكن العقول ويتجلى في الممارسة وليس من خلال شعارات و صور و ملصقات إعلانية …
اعتبارا لكل ذلك، علينا أن ننتبه إلى أن بعض النقط السوداء التي لا زالت موجودة في الواقع، حتى وإن قل حجمها عن السابق بفضل المجهودات التي أشرت إليها بداية، هي نقط سوداء مرتبطة بوعي ثقافي مجتمعي لا زال يطبع التخلف بعض أجزائه، ونصادف تجلياته في كل الطبقات الاجتماعية والمنظومات الفكرية، في الحواضر والبوادي، لدى أصحاب “اليمين” أو أصحاب “اليسار”، ولدى الفقراء والأغنياء، ولدى المثقفين كما عوام الناس، إلا من رحم ربك رحمة واسعة.
ولأن ما ارتبط بالوعي الثقافي يحتاج زمنا طويلا لتغييره، يبقى المطلوب هو تكثيف المجهودات التأطيرية والقانونية والتواصلية، حتى يستوعب الجميع أن المرأة المغربية هي الأم والزوجة والبنت والأخت، وهي الزميلة في العمل، وهي المفكرة والمثقفة، وهي المبدعة الفنانة والرياضية، وهي المستثمرة والأستاذة والمعلمة، وهي الإعلامية والصحافية، وهي الطبيبة والممرضة، وهي القاضية والمحامية والعدل، وهي المحدثة والعالمة، وهي الشرطية والجندية، وهي المنتخبة والرئيسة والنائبة، وهي الفلاحة والمستخدمة، وهي الوزيرة والمديرة.
ولا شك أن التواصل وإبراز تميز عدد كبير من نساء المغرب في كل الميادين، وتمكنهن من تحقيق إنجازات كبيرة علمية وفكرية واقتصادية واجتماعية وسياسية، داخل المغرب وخارجه، سيعين، أيضا، في كسر بقايا صور نمطية عن المرأة لا زالت موجودة لدى من يروجون ثقافة ازدراء المرأة وتسفيهها والتقليل من شأنها.
بذلك كله، سيتعزز التعاطي مع نساء هذا الوطن، على أساس أنهن مواطنات لا يقلل من إنسانيتهن شيء، لهن الحق في الاحترام الكامل، لا يهينهن إلا لئيم، و لا يظلمهن إلا ضعيف، ولا يبخس حقوقهن إلا متسلط أشر. و… #سالات_الهضرة
#المغرب_فخر_الانتماء
#على_هذه_الأرض_ما_يستحق_الحياة