عالم مغربي يغوص في بحر “المصنفات العربية والمعربة المخصصة للأوبئة والعدوى والحجر الصحي”
الدار / خاص
شارك الدكتور محمد السرار رئيس مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية، ممثلا للرابطة المحمدية للعلماء، في يوم المخطوط العربي الذي نظمه معهد المخطوطات العربية بالقاهرة تحت شعار: “التراث في زمن الأوبئة”.
وألقى الدكتور محمد السرار، عرضا بعنوان “برنامج المصنفات العربية والمعربة في الأوبئة، والعدوى، والحجر الصحي: تعريف وتقييم ”.
وأكد الأستاذ المحاضر أن “الحديث عن الوباء في التراث العربي من واجبات الوقت الآن، ومقتضيات السياق، ونحن نعيش في ظروف هذه الجائحة العالمية: وباء كوفيد 19″، مؤكدا أن “فتح الباب إلى التراث العربي المصنف في الأوبئة يفاجئ الباحث جدا، وذلك لأجل ما يجد عليه هذا التراث من الثراء، والتنوع، والدقة، بحيث إنه إلى الآن لا يزال هذا التراث قادرا على تقديم أجوبة سليمة ودقيقة على كثير من الأسئلة التي تُطرح إبان نوازل الوباء”.
وأشار الى أن التعريف بهذا التراث الإنساني، يُعَدُّ الآن من الواجب العلمي الذي يُمليه السياق التاريخي لهذه المرحلة التي يشهد فيها العالم وباء عاما؛ مضيفا أن ” الهدف من هذا التعريف هو أن يكون مدخلا للاستفادة من ذلك التراث، واستخراج النافع مما سجله من تجربة طويلة في كيفية معالجة حوادث الوباء”.
وتابع رئيس مركز “ابن القطان للدراسات و الأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية”، أن ” الاستفادة المثلى من التراث العربي في موضوع الوباء يحتاج إلى حصر ما ألّف في ذلك الموضوع على حسب الوسع والطاقة، مبرزا أن ” ما اشتمل ما ألف بالعربية أو نقل إليها في موضوع الوباء والعدوى والحجر الصحي ا يقارب: 300 عمل علمي، ويمكن بعد الاستقصاء والتحرير إلى أن يرتفع العدد إلى نحو: 400 عمل”.
واعتبر أن ” المعالجة العلمية لنوازل الوباء في تراثنا العربي دخلت فيها جملة وافرة من الصنائع العلمية، مبرزا أن “أهل تلك الصنائع أفردوا قضية الوباء بتصانيف مستقلة، ومن هذه الصنائع: الصناعة الحديثية، والصناعة الطبية، والصناعة الفقهية، والصناعة التاريخية، والصناعة الأدبية، ولا أقصد هنا إلا المصنفات المفردة في الوباء والصادر من جهة هذه الصنائع، وأما ما نثرت فيه أخبار الوباء أو أحكام نوازله، أو أخبار وقائعه، أو طرق علاجاته في مصنفات العلوم الإسلامية العامة فعن البحر حدث ولا حرج.
وأوضح الدكتور محمد السرار أن ” التأليف بالعربية لم يتوقف أو النقل إليها في موضوع الأوبئة والعدوى من القرن الثاني الهجري إلى القرن الخامس عشر الهجري”، مؤكدا أن ” القدرة على الاقتراح عند نزول الحوادث الكبرى، كالأوبئة مثلا كانت منوطة دائما بالجمع بين الرصيد التاريخي، والمعارف المعاصرة”.
وتابع أن ” كتب الطواعين سَجَّلَت تواريخَ الأوبئة، ومَشَتْ في هذا التوريخ على منهج كتب الوفيات، حيث يُذَيِّل اللاحقُ على السابق، ويعد هذا العمل الرائد الذي انفردت به الحضارة الإسلامية أوسع رصد لتاريخ الأوبئة في العالم، كما يعد ما قام به المؤلفون بالعربية في هذا المجال أدق تأريخ لـ: “حوليات الأوبئة“.
كما لافت الأستاذ المحاضر الانتباه الى أنه يُلاحظ أن الأوبئة كانت أَظْهَرَ مَا أبْرَز شدة حاجة الدول الإسلامية إلى الاختصاص الطبي الأجنبي في القرن الثالث عشر الهجري، التاسع عشر الميلادي خصوصا، مشددا على أن ” الأوبئة لازالت إلى عصرنا هذا تشكل مدخلا رئيسا تنفذ منه الدول لإعادة ترتيب علاقاتها الدولية مع غيرها”، مشيرا الى أن ” الطب كان -وسيبقى- له دور حاسم جدا، خصوصا وقت الأوبئة، في العلاقات الدولية”.