الرأيسلايدر

روتينيات.. الإرهابي ولد بديعة

الدار/ تحليل

لو تسنى إرجاع عدّاد الزمن إلى الماضي لطرح سؤال بسيط على زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن حول ما هي أفدح “موحشات سوء المنقلب وعاديات الدهر”؟ لأجاب ترجيحا “أن يتأسى بي ويتشبه بربطة عمامتي وبلحيتي تابع ومريد يُكنّى تيمّنا بوالدته، ويعيش عالة على أهل الذمة في بلادهم، وينشر رويتينياته اليومية على رؤوس الأشهاد”.

لكن، لحسن حظ الزعيم السابق لتنظيم القاعدة الإرهابي أن أيدي الجنود الأمريكان وصلت إليه في مخابئه في باكستان قبل أن تصله فيديوهات الإرهابي محمد حاجب، التي ينافس فيها، بلا خجل أو وجل، خاصرة ندى حسي وأرداف فتيحة بطلات سلسلة روتيني اليومي في منصات التواصل الاجتماعي ووسائط الاتصال الجماهيري.

فقد دخل الإرهابي ولد بديعة مؤخرا في متوالية روتينية، يحاول من خلالها جاهدا مقاومة النسيان ونواميس الطبيعة، بعدما نضب معينه من الكلام الفاحش، إذ انبرى ينشر روتينه اليومي في المطبخ وفي الأسواق الممتازة وفي السيارة والطرقات.. في تحدي جديد ومنافسة غير مسبوقة بين المؤثرين بالأرداف والمتطرفين المتدثرين “تقية” بعباءة النشطاء السياسيين.

ولعلّ من مهازل التطرف في زمن الإرهابي ولد بديعة هي عندما تشارك مع المتتبعين الافتراضيين في شبكات التواصل الاجتماعي محتوى جديد من محتويات روتيني اليومي “حاول التأسي فيه هذه المرة بأنجيلا ميركل”، إذ ظهر وهو (يكور) عجينا على منضدة صغيرة في المطبخ، بدعوى أنه يساعد زوجته في مشاغل البيت بعيدا عما اعتبرها “الانشغالات السياسية والإعلامية”.

فولد بديعة يعتبر روتينياته اليومية الرقمية “نشاطا إعلاميا” ويسدل على “هجماته الكلامية” وصف “الانشغال السياسي” ! ووفق هذا المنطق، فإذا كان روتيني اليومي بمقدوره أن يمنح معتقلا سابقا في قضايا الإرهاب والتطرف وصف الناشط السياسي والفاعل الإعلامي، فإن مي نعيمة تستحق أن تكون زعيمة حزب الخضر في ألمانيا، وندى حسي يمكنها أن تنافس على مكتب استشارية ألمانيا الاتحادية، أما الشيخ أبو النعيم فإنه يستحق أن يدخل مضمار السباق على رئاسة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان!!.

لكن، من ألطاف القدر برواد المنصات التواصلية وشبكات الإعلام الجديد، أن ماضي الإرهابي ولد بديعة لا يحفظ له شواهد تبريز صادرة عن كبريات الجامعات الدولية، ولا بطائق عضوية في شبيبات الأحزاب السياسية، ولا محاضرات في العلاقات الدولية والجغرافية السياسية. يحفظ له فقط تسجيلات فيديو يحضُّ فيها على قتل الناس وترويع الآمنين، وأخرى يحرّض فيها على العصيان وعدم الامتثال داخل مرافق السجن، وتسجيلات أخرى ينشر فيها روتينياته اليومية في مطبخ العائلة. ولعلّ أبلغ تعبير على سكيزوفرينيا الإرهابي ولد بديعة هو ذلكم المثال الشعبي الذي يسأل فيه طفلا والده “فوقاش نصبحوا شرفاء الواليد؟ حتى يموتوا لي كيعرفونا”، ولحسن الحظ أن الجميع، سواء في العالم المادي أو الافتراضي، يعرفون من هو محمد حاجب ومن هي سلالته.

زر الذهاب إلى الأعلى