محمد الصوفي
إنه مما يدمي القلب ويدفع إلى التشاؤم بل الإحباط أن ترى وطنك رهينة ثلة من الأشخاص هم أقرب إلى الشرذمة التي تعبث بسمعته في مختلف المحافل، تفتعل القضايا وتصطنع الأبطال وجهابذة الفكر وألمع الكتاب والمحققين من أفراد نكرة.
ومرد انفطار القلب إلى كل هذا اللغط المثار حول أشباه صحفيين بلا ماض ولا تكوين، وقبلهم مهرج في اليوتيوبرز يدعى العروبي في ميريكان، وقبل ذلك “مؤرخ تاريخي” لا يشق له غبار في اختلاس أموال الجمعيات، وقبلهم سياسي فاشل ومحام كبير جدا في السن، وجميع من يصطف وراءهم من كورال إعلامي يتجسم في حفنة ممن باعوا ضمائرهم في الخارج بعد فشل ذريع في المزاوجة بين الصحافة والابتزاز في بداية الألفية الجديدة، ممن يقتاتون اليوم على فتات إحسان من يبحث عن قضايا او ممن يتسول في غرف انتظار المخابرات الأجنبية.
ومما يحز في النفس، أن تجد لجعجعة هؤلاء جميعا رجع صدى لدى بعض المنتخبين وأصحاب البدلة السوداء الذين ينصبون أنفسهم للدفاع عن حيل وأكاذيب هؤلاء دونما تمحيص، وكأن بياناتهم وتصرفاتهم وتدويناتهم كتب منزلة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.وتصير المصيبة أعظم عندما تنطلي الحيلة على أناس لهم رمزيتهم ورصيدهم التاريخي، فيهيمون على وجوههم ويركبون بدورهم الموجة دون معرفة اتجاه الرياح، فيبدؤون بالرقص كالصم دون حتى سماع الإيقاع.
إن جميع مؤسسات الدولة المعنية من قضاء وبرلمان وأحزاب سياسية مدعوة للتعبير عن مواقفها وبكل شجاعة وبكل ما تتطلبه الوطنية الحقيقية والفعلية من صرامة. إنه من العبث أن تصرح إدارة من الإدارات بأن سجناء معنيين غير مضربين عن الطعام ويتم تكذيبها بصفة مباشرة وأخرى غير مباشرة في قبة البرلمان، ويصبح من يدعي أنه مضرب عن الطعام لمدة 3 أشهر محقا وهو يقوم بالتصريح للصحافة ساعة خروجه وهو واقف ويمشي على رجليه وآخر لمدة ما يقارب شهرين وهو سليم معافى. فهل نحن أمام بشر أم أمام ملائكة؟
كفى من العبث بهذا الوطن، كفى من السكوت الذي يصم الآذان من طرف أصحاب “قلبي مع علي وسيفي مع معاوية”.
وطننا في حاجة إلى يقظة ضمير حي يعلو صوته على الطبول الفارغة.
إنها كلمة للتاريخ وللوطن.. في زمن صار فيه من يهتك العرض ويتخابر مع الأجنبي ينعت بأنه مناضل تنويري، ومن يمتهن سب المؤسسات وتبخيسها يوصف بكونه فاعل حقوقي، ومن يحرض على قتل رجال القوة العمومي في الشوارع والطرقات صار فاعلا ولاجئا سياسيا، بينما أضحى من يصدح بالمنافحة عن الوطن والذود عن قضاياه”عياشا ومخزنيا”.