أخبار الدار

الأحزاب السياسية تعلن لـ”الدار” موقفها من تطورات الوضع السياسي في الجزائر

الدار/ عفراء علوي محمدي

في الوقت الذي أعلنت مجموعة من الدول موقفها بخصوص الاحتجاجات الشعبية بالجزائر، بعد إصرار عبد العزيز بوتفليقة، الرئيس الجزائري، على تمديد ولايته الرابعة، والعمل على إعداد دستور جديد، الشيء الذي رفضه المحتجون، مطالبين بانسحابه نهائيا، اختارت السلطات المغربية "عدم التدخل في الشؤون الداخلية الجزائرية مهما كان"، على اعتبار أن ما يحدث بالجزائر يهمها لوحدها، وأن أي دولة أخرى غير معنية بالبت والمطلق.

حرص المغرب على التزام الصمت منذ اندلاع الاحتجاجات الجزائرية، المترتبة عن قرار بوتفليقة تقديم ملف ترشيحه لولاية خامسة، وهو ما كان بمثابة النقطة التي أفاضت كأس الغضب الشعبي، ما أرغمه على التراجع، والتشبث بالولاية الرابعة إلى حين فتور الاحتقان.

وزير الخارجية والتعاون، ناصر بوريطة، عبر عن موقف المملكة الرسمي تجاه الأمر، إذ أكد، بصريح العبارة، أن المغرب لن يتدخل أو يصدر أي تعليق حول تطورات ملف بلاد المليون شهيد، خصوصا منها الأخيرة التي تلت سحب بوتفليقة لملف ترشيحه، والإعلان عن تأجيل الانتخابات وتنصيب حكومة تكنوقراط شابة، ستتولى تسيير شؤون البلاد لمدة لا تتجاوز سنة.

وفي ظل تجنب المغرب التدخل في الشؤون الداخلية الجزائرية، استمرت الاحتجاجات بمختلف المناطق على الرغم من تنصيب رئيس الوزراء الجديد نور الدين بدوي، وإعلانه عن اتخاذه الإجراءات الأولى لتشكيل حكومة جديدة، التي قال إنها ستتكون من كفاءات متمكنة في مجموعة من المجالات، لتعوض الحكومة الحالية، استجابة لأبرز مطالب الشارع الجزائري، بعد مطلب تنحي الرئيس.

وتحاشت الحكومة المغربية إصدار أي تعليق على التطورات بالجزائر منذ بداية المظاهرات، بينما رفض الناطق الرسمي باسمها، مصطفى الخلفي، الرد عن سؤال بشأن الموضوع، أثناء لقائه الأسبوعي مع الصحافة.

وكانت تقارير إعلامية فرنسية وجزائرية أكدت أن المغرب أصدر موقفا بشأن الموضوع بالتنسيق مع باريس، وحيال ذلك، نفى بوريطة صحة هذه الأقوال، مبرزا أن المغرب لم يجر أي اتصال بباريس في هذا الصدد.

أحزاب سياسية ترفض التعليق

شأنهم بذلك شأن الحكومة المغربية، مجموعة من الأحزاب السياسية فضلت عدم التعليق على موضوع الاحتجاجات الجزائرية، التي ازدادت حدتها حتى بعد تنحي بوتفليقة عن الترشح لولاية خامسة، والإعلان عن تشكيل حكومة جديدة، وفي هذا الإطار، قال إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في تصريح لموقع "الدار"، إن حزبه "لا يملك موقفا حاسما في القضية، لكن الأمر الوحيد الذي نحن واضحون فيه، هو أننا لا نتدخل كثيرا في الأمور المتعلقة بالدول، خصوصا على مستوى شؤونها الداخلية"، على حد قوله.

من جهته، قال الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، امحند العنصر، في تصريح هاتفي يشمل ردا قصيرا عن سؤالنا حول موقف حزبه من التطورات الأخيرة بالجزائر، إن "السنبلة" "لا تتدخل في شؤون الدول الداخلية، قريبة كانت أم بعيدة، وبغض النظر عن طبيعة العلاقة التي تجمعنا بها".

بدوره، أكد سعيد شباعتو، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، أنه من الصعب أن يتحدث باسم حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي لا يخوض في شؤون البلدان الأخرى أو يقدم فيها مواقفا إلا نادرا، "لكن برأيي الشخصي، أنا أتمنى أن يحقق الشعب الجزائري الشقيق انتصارا ديمقراطيا، ونحن لا نريد له إلا الخير، ومستقبلا سياسيا زاهرا، حتى نسير في طور تحقيق الديمقراطية في المغرب الكبير الذي يتطلع إليه جميع المغاربيون"، على حد قوله.

وأعرب القيادي التجمعي عن تمنّيه بأن يصل الشعب الجزائري للحلول السلمية التي تريحه، والحلول الديمقراطية التي تأخذ بعين الاعتبار رأي الشعب، الذي عبر عليه بكل حرية ومسؤولية، وفق تعبيره.

أحزاب تنتصر لصوت الشعب

في مقابل ذلك، اختارت أحزاب سياسية عديدة التصريح بموقفها في القضية، أبرزها حزب التقدم والاشتراكية، الذي قال أمينه العام، نبيل بنعبد الله، إن الحزب يتمنى "أن يسير المسلسل الذي تعرفه الجزائر نحو مزيد من الدمقرطة، وأن يستمع النظام السياسي القائم بالجزائر لصوت الشعب، ويحقق تطلعاته".

وأضاف بن عبد الله، في تصريح لموقع "الدار"، أن الحزب "يأمل أن يحافظ الشعب الشقيق على الاستقرار السياسي في بلاده، وإليه تتطلع الأمم والشعوب رغم الإكراهات".

من جانبه، قال القيادي بحزب العدالة والتنمية، عبد العزيز أفتاتي، في تعليقه على التطورات الأخيرة التي تعرفها الجزائر، إن الأمور الآن "مرتبطة بمحاولات إحداث تغيير في المواد الصلبة للنظام، وليست مرتبط فقط ببضعة أشخاص أو مقاربة رئيس حكومة معين، من خلال المطالبة بانسحاب الرئيس الذي يشكل بؤرة المشكل في الجزائر".

واعتبر أفتاتي، في تصريحه لموقع "الدار"، أن العملية الجارية، والمتعلقة بتأخير الانتخابات وتشكيل حكومة تكنوقراط، جاءت في سياق التفاعل مع فعاليات المجتمع الجزائري، وتروم تغيير المواد الصلبة للوضع والنظام، لكن مسألة تغيير عمق النظام وجوهره ليست هينة أو يسيرة"، وفق تعبيره.

وعلى الرغم من أن المغاربة عموما يبتعدون عن التدخل في أمور الجوار، وغيرها المرتبطة بالتطور السياسي للبلدان، أثير الانتباه لطبيعة الرهان الكبير جدا والعميق، وهذا بالطبع له علاقة بإرادة الشعب الجزائري، ونحن لا نعلم إن كانت هذه الفرصة ستحدث تغييرا أم لا"، يسجل أفتاتي.

وتابع، خاتما تصريحه "المأمول هو أن يكون للشعب الجزائري فرصة لتطوير جوهر النظام ومركزه وعمقه، لكن القضية لا ترتبط بالأماني فقط، بل بمزيد من الفعل".

تضامن مطلق

بدورها، أعربت الأمينة العامة لفيديرالية اليسار الديمقراطي، نبيلة منيب، عن تضامنها الكامل والمطلق مع الشعب الجزائري واصفة الاحتجاجات التي يخوضونها بـ"الحراك السلمي"، تقول: "نحن في فيدرالية اليسار نحي الشعب الجزائري الشقيق على هذا الحراك السلمي، الذي عبر فيه المواطنون عن رغبتهم في تجاوز السلطة، وبلوغ الانتقال السياسي والديمقراطي المنشود"، مبرزة أن هذا هو التظاهر الراقي الذي عبّر عليه الشعب الجزائري الشقيق، من أجل "النجاح في السير على درب الديمقراطية الحقيقية التي يستحقونها".

وأضافت منيب، في تصريحها لموقع "الدار"، أن الحراك "شارك فيه ملايين الجزائريين، مطالبين بتغيير النظام، وفسح المجال لمرحلة يمكن فيها البت في بناء الدولة الديمقراطية الجزائرية، وتحت ضغط الحراك لاحظنا أن هناك مجموعة من التنازلات، وهذا إيجابي، لكن الشعب الجزائري أشار الآن، بما لا يدع مجالا للشك، إلى أنه يحتاط من تنازلات الحكومة الجزائرية، تخوفا من مناورات لاستمرار النظام بالشكل الذي هو عليه".

وحول مسألة حكومة التكنوقراط، تقول منيب "حكومة الكفاءات لا يمكن أن تشكل بديلا عما هو سياسي، لأن هذا لن يخدم في الأخير إلا مصلحة هذا النظام الطاغي والليبرالي، وبذلك لن تستطيع الجزائر الخروج من الأزمة المزمنة التي تعرفها، على المستوى الاجتماعي والاقتصادي".

وأكدت الزعيمة اليسارية أن الجزائر في حاجة إلى أبنائها، وسياسييها، ليفكروا معا في طريقة نقلها إلى مصاف الدول الديمقراطية، و"نحن نحترم حق الشعب الجزائري في تقرير مصيره السياسي، ونحن إلى جانبه لأن حلمنا لا يزال واحدا، وهو حلم شعوب هذه المنطقة، ويتمثل في بناء مغرب كبير ديمقراطي متكامل على المستوى الاقتصادي والثقافي والعلمي، وفي ذلك خير كبير لشعوبنا المغاربية"، على حد تعبيرها.

وختمت منيب تصريحها بالقول إن "الجزائريين شعب واع، يستوعب المخاطر، ويسير بشجاعة وإقدام نحو تقدم البلاد وبنائها ديمقراطيا".

يشار إلى أن مجموعة من المراقبين والمحللين، انتقدوا صمت المملكة، فيما يتعلق بتطور الوضع السياسي بالجزائر، واعتبروا أن موقف المغرب مهم في هذا الصدد، خصوصا وأن الأمر يتعلق بـ"نظام ديكتاتوري يسيطر على ثروات الشعب، الذي يتعرض للتفقير، في الوقت الذي يصرف ملايير الدولارات على جبهة البوليساريو ضدا في الوحدة الترابية للمملكة".

على صعيد آخر، أكد مراقبون أن التعليق على ملف الجزائر بعيد عن موضوع الوحدة الترابية، ويتعلق بالأساس بقضية شعب، "فالمغاربة لا يرضوا أن يتم التدخل في شؤونهم الداخلية، لذلك يجدر بهم عدم التعليق على ما يحصل في سياسة البلدان الأخرى، بغض النظر عن طبيعة علاقتنا بها".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى