أخبار الدارسلايدر

افتتاحية الدار: رسالة مباشرة لعسكر الجزائر.. كان يكفيكم شراء طائرة كنادير

الدار/ افتتاحية

كان يكفي عسكر الجزائر شراء طائرة كنادير في وقت سابق لتفادي الكارثة الإنسانية والبيئية في تيزي وزو وتجنب جريمة القتل الوحشية التي تعرض لها الناشط الجزائري جمال بن إسماعيل. طائرة كنادير واحدة لا أقل ولا أكثر سعرها لا يتعدى 32 مليون دولار، بينما أنفقت الجزائر في سنة 2019 ما مجموعه 10.3 مليارات دولار على شراء الأسلحة، وهو أعلى رقم في شمال إفريقيا ويشكل 44 في المائة من إجمالي النفقات العسكرية بالمنطقة. كم من طائرة كنادير كان من الممكن أن تشتريها الجزائر بهذا الرقم الهائل.

لقد ذهبت جل هذه النفقات في شراء أسلحة هجومية لا تفيد الشعب الجزائري والقبائلي في شيء، لكنها تحرمه بالمقابل من وسائل الحماية المدنية التي يمكنها أن تتصدى لكارثة كتلك التي عصفت بتيزي وزو وأودت بحياة العشرات من المدنيين والعسكريين. من الطبيعي أن يسعى كل جيش في العالم إلى شراء الأسلحة والعتاد ليبقى على أهبة الاستعداد لحماية الوطن والحدود، لكن غير الطبيعي هو أن ينفق أرقاما خيالية وهائلة كهذه يمكنها أن تخلق ثورة تنموية واقتصادية في بلد مثل الجزائر، لا يزال يعاني من أزمات تعود إلى عقود خلت، كأزمات التموين بالحليب والخبز، أو معضلات الحصول على الماء الشروب، أو صعوبة الحصول على السيولة النقدية الكافية بالنسبة للمتقاعدين والموظفين.

المليارات العشر التي تنفقها الجزائر على التسلح فقط من أجل تهديد جيرانها وإرضاء حلفائها وعلى رأسهم روسيا، من حق الشعب الجزائري أن يضمن بها أمنه وحمايته من الكوارث الطبيعية والحوادث المأساوية المفاجئة التي قد تعصف به، مثلما حدث في تيزي وزو. لقد نجح المغرب على سبيل المثال بفضل أسطول طائرات “كنادير” التي يمتلكها في تطويق حرائق الغابات في منطقة شفشاون بسرعة كبيرة، وتجنب وقوع أي الخسائر البشرية، كما تفادى بفضلها تسجيل أي خسائر بشرية ذات قيمة، واستطاعت طائرات “كنادير” التي يقودها طيارو القوات المسلحة الملكية أن تحاصر الحرائق في المناطق الغابوية الجبلية دون أن تمتد إلى المناطق السكنية.

نحن هنا لسنا في معرض التشفي أو الشماتة، وإنما نريد فقط أن نقدم مثالا للعصابة العسكرية في الجزائر عن الطريقة المناسبة لتدبير هذا التمويل العسكري الهائل، حتى يتم توجيهه أولا نحو ضمان الأمن والحماية للسكان في الداخل قبل التفكير في حماية الحدود أو مهاجمة الخارج. ومن المستغرب جدا أن يمر هذا التهاون والإهمال الواضح من قيادة الجيش الجزائري بعدم توفير طائرات إطفاء الحرائق دون عقاب أو مسائلة، علما أن الطبيعة الجغرافية للمنطقة تجهلها معرضة باستمرار في موسم الصيف لهذا النوع من الكوارث. فالحرائق في جبال الجزائر ليست حادثا عابرا أو جديدا، إنها تهديد مستمر بسبب ارتفاع درجات الحرارة. ومع ذلك تقاعس المسؤولون الجزائريون عن توفير هذا النوع من الطائرات التي لا تعد مكلفة بالمقارنة مع المبالغ الهائلة التي تنفق على الأسلحة التي لا تستعمل أصلا.

لقد تقدمت الجزائر في العام الماضي بطلب شراء 14 طائرة من نوع سوخوي 57، التي تمثل الجيل الجديد من هذه المقاتلات الروسية المتطورة. ويبلغ سعر المقاتلة الواحدة منها 80 مليون دولار، وهذا يعني أن مجموع هذه الصفقة يصل إلى مليار و120 مليون دولار، وهو مبلغ يكفي وحده لشراء 35 طائرة كنادير. لا ينقص الجزائر إذن الموارد المالية لتوفير التجهيزات والمعدات الضرورية لمواجهة الكوارث الطبيعية كالحرائق مثلا، لكن ما ينقصها بالتأكيد هو منطق التدبير الإنساني أولا، الذي يفكر في مصلحة الجزائريين وأمنهم واستقرارهم، بدلا من أن يوظف ثرواتهم في حروب وصراعات أكل عليها الدهر وشرب، ولا ناقة ولا جمل لهم فيها.

زر الذهاب إلى الأعلى