أخبار الدار

البام: هل تعيق أزمة الزعامة الانطلاقة الانتخابية للجرار؟

الدار/ تحليل: رشيد عفيف

منذ الإعلان الرسمي عن تأسيس حزب الأصالة والمعاصرة في غشت 2008 يصبح حكيم بنشماش خامس شخصية سياسية تتولى مسؤولية قيادة الحزب الذي دخل في أزمة تنظيمية غير مسبوقة قد تعصف بأجهزته. وسط هذه الأزمة تتناسل الإشاعات عن استقالة الزعيم وعن إمكانية حدوث انقسام أو انشقاق. ويعيش الحزب الحاصل على الرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية الأخيرة، على إيقاع خلافات داخلية واتهامات متبادلة بين قياديي الحزب حول مضمون الاتفاق الذي سبق إبرامه في يناير الماضي، بشأن إنهاء الخلافات الداخلية وتولي القيادي أحمد اخشيشن منصب نائب الأمين العام، وتنظيم مؤتمر استثنائي في الشهور المقبلة.

في ظرف عقد من الزمن احتاج حزب الجرار إلى تعاقب خمس قيادات بمعدل أمين عام على رأس كل عامين لتدبير الشأن الداخلي للحزب الذي نشأ بناء على مبادرة من المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة وضم حساسيات سياسية متنوعة من أقصى اليسار إلى نخب  الأعيان. وبعد كل هذه السنوات من التجربة السياسية للحزب وخصوصا البرلمانية منها يواجه حكيم بنشماش الأمين العام الحالي اتهامات من قيادات في الصف الأول داخل "الأصالة والمعاصرة"، بتجاوز مضمون الاتفاق المذكور، ومن ثم الاستمرار في ما يسميه المعارضون الاستفراد والتحكم في قرارات الحزب.

وقبل حوالي سنتين قدم الأمين العام السابق إلياس العماري استقالته بناء على ما اعتبره تقييما لحصيلة الحزب وبتزامن مع النقد الملكي الموجه للنخبة الحزبية والسياسية عقب ما شهدته مناطق الريف من احتجاجات شعبية. واستمر التداول في قرار استقالة العماري لشهور طويلة قبل الاستقرار على  قبولها والبحث عن بديل قيادي له. وخلال سنة ونصف قضاها على رأس الحزب لم يسلم العماري بدوره من الانتقادات الداخلية والتعثر في تدبير المنتخبين وتطلعاتهم. وفي هذا السياق كان من أهم خلاصات البلاغ الرسمي للمكتب السياسي الذي أعلن استقالة العماري عدم التزام رؤساء الجماعات المنتخبين بتوجيهات وقرارات الحزب.

وتتزامن أزمة الاتهامات المتبادلة داخل الحزب أيضا مع تداول أنباء عن مخالفات طالت مالية الحزب التي عرفت اختفاء مبالغ مالية كبيرة كانت موجهة لبناء مقر للحزب. ويرى بعض المراقبين أن ما يواجهه حكيم بنشماش من معارضة داخلية ليس سوى انعكاس لعدم الإجابة عن التساؤلات بخصوص التبرعات الانتخابية التي حصلها الحزب. والظاهر أن الحزب الذي يشكل آلة انتخابية هائلة لم يستطع الحسم في كثير من أزماته المتراكمة منذ تأسيسه.

فرغم القوة البرلمانية التي يمثلها الجرار إلا أنه لم ينجح في كثير من التحديات التي رفعها في بداية تجربته إذ فشل في مواجهة الإسلاميين وتحجيم مكانتهم السياسية، وعجز عن بناء جبهة معارضة سياسية فعلية تستند إلى معايير إيديولوجية أو براغماتية واضحة ومنسجمة. كما لم يستطع صياغة توليفته الداخلية المنسجمة بين نخب برصيد نضالي يساري وأعيان يمتلكون التجربة الانتخابية الضرورية. ظهرت هذه أبعاد هذه الحصيلة المتناقضة مع النتائج الانتخابية في ماي من العام الماضي بمناسبة انعقاد مجلس وطني للحزب حيث أطلق الأمين العام المؤسس للحزب حسن بنعدي نداء لتصحيح مساره واسترجاع ما أسماه "روح حركة لكل الديمقراطيين". ودعا بنعدي في ذاك النداء أنصار الحزب إلى توفير شروط العودة بالحزب إلى "الطريق الصحيح والرجوع بالمشروع إلى حقيقته".

وعبر السنوات الماضية تحولت "استقالة الزعيم" إلى إشاعة بنيوية في تجربة الحزب. وأصبح الصراع والخلاف مرادفا للمؤتمرات واللقاءات التنظيمية. في نهاية الأسبوع الماضي انعكست أزمة البام على شبيبته فبعد ساعات قليلة بعد انتهاء الدورة الخامسة للمجلس الوطني للشبيبة، بدأت الخلافات بين شباب “الجرار” تطفو على السطح. ورغم اتفاق ظاهري بين مكونات الهيئة الشبابية للحزب لتشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر إلا أن هذا اللقاء الأخير كشف تصدعا داخل الشبيبة تابعا للتصدع بين التيارين الرئيسيين اللذين يخترقان الحزب وتتأجج بينهما الخلافات والصراعات التي لا تنتهي.

وبينما تنشغل القوى السياسية المنافسة كحزب العدالة والتنمية وحزب التجمع الوطني للأحرار بحملتهما الانتخابية المبكرة يبدو الحزب الثاني في البرلمان مغيبا عن هذه الرهانات منشغلا بصراعاته وخلافاته الداخلية التي تدور رحاها بالأساس حول شخصية الزعيم. فهل تعطل أزمة الزعامة الجرار الانتخابي في 2021؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

9 − ثمانية =

زر الذهاب إلى الأعلى