أخبار الدارسلايدر

افتتاحية الدار: ميثاق الأغلبية خطوة جديدة في مسار تجويد العمل الحكومي

الدار/ افتتاحية

لا يعد التوقيع على ميثاق الأغلبية الذي حدث اليوم بمشاركة الأحزاب المشكلة للتحالف الثلاثي مجرد إجراء روتيني كسابقيه، إنه رسالة سياسية متعددة الأبعاد، يعتبر توقيتها وسياقها في حد ذاته معطى يستحق القراءة والتحليل، بالنظر إلى كل ما يدور ويروج حول هذه الحكومة وحول جهودها الحثيثة من أجل التخلص من إرث اجتماعي واقتصادي ثقيل تركته الحكومات السابقة المتعاقبة. وتريد الأغلبية من وراء هذا الميثاق بالإضافة إلى تنسيق الجهود والمواقف وتوضيح التعاقد فيما بينها أن تخرج العمل الحكومي من دائرة الخلافات التي ارتهن لها خلال التجربة السابقة.

لقد كان من بين المثبطات السياسية الأساسية التي رصدت في التجربة الحكومية السابقة انشغال مكونات التحالف الحكومي بخلافاتها الداخلية وصراعاتها الثنائية أحيانا بدلا من الانكباب على معالجة الملفات المطروحة وذات الأولوية التي كانت تشغل الرأي العام. وكان من أهم أسباب هذه الخلافات والتضارب أحيانا في المواقف والتوجهات الخضوع لمنطق الشعبوية من طرف هذا الحزب أو ذاك في مواجهة الحقائق الاقتصادية والاجتماعية والهيكلية التي تضغط على أداء الحكومة وتقيده. لقد كان هذا الأمر واضحا على سبيل المثال في الولاية الحكومية السابقة في طرح بعض مقترحات ومشاريع القوانين ثم التنصل منها من طرف فريق سياسي في محاولة لإلصاق تهمتها بالفريق الآخر. هذا ما حدث مثلا فيما يتعلق بالقانون المنظم لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي الذي كان أشبه بكرة لهب بدأت تتقاذفها أحزاب الأغلبية لتبعدها عنها.

ومن صميم الأغلبية الحالية لا بد من التذكير بأن هناك حزبا سياسيا يتقن إلى حد بعيد هذا اللعب على الحبلين ولا يتردد حسب تجربته السياسية السابقة في البحث عن ذاك التميز الذي لا يلزمه بمسؤولية القرارات الحكومية ويترك له في الوقت نفسه المساحة الخاصة به للتعبير عن مواقف قريبة من الرأي العام. لا ننسى أن هذا الحزب وأمينه العام على الخصوص بنا جانبا من حملته الانتخابية الأخيرة على وعد إنهاء نظام العمل بالتعاقد في قطاع التعليم، وها هو اليوم يشارك في الحكومة الحالية، ويحاول جاهدا ألّا يخسر شعبية حاول اكتسابها في أوساط المتعاقدين.

ومن هنا فإن أهمية ميثاق الأغلبية الذي تم التوقيع عليه اليوم تكمن في أنه أرضية ملزمة للخروج من الجدل العقيم الذي يمكن أن تنشغل به أحزاب التحالف الحكومي بسبب الطموحات السياسية لقياداتها وبعيدا عن الأولويات التي رسمها التصريح الحكومي. ومن المرتقب أن تكون أولى نتائجه الملموسة في وقت قريب هي توحيد الرؤية والخطاب أمام الرأي العام في قضايا بدأت تتخذ يوما عن يوم وضعا حساسا، كقضية تحديد سن التقدم لمباراة التعليم في 30 عاما واتخاذ موقف واضح ونهائي بشأن مستقبل التعاقد.

لقد اعتادت الأحزاب السياسية في التجارب الحكومية السابقة التوقيع على ميثاق الأغلبية بما يتضمنه من أهداف وتصورات عن العمل الموحد والمنسق، لكن الأهم في اللحظة السياسية الحالية هي أن تُعطى لهذا الميثاق حياة حقيقية وينعكس على أرضية الممارسة السياسية الواقعية بشكل ملزم لجميع أطرافه مع فرص التقييم الدوري والمنتظم لأهدافه ومدى تفعيلها. لا نريد أن نرى عمّا قريب بؤرا من الجدل السياسي الذي لا جدوى منه بين مكونات التحالف الحكومي في الوقت الذي ينتظر فيه الشارع والرأي العام تفعيل البرنامج الحكومي وتطبيق الحلول المقترحة لمختلف المعضلات والمشاكل التي يعيشها. وفي هذا الإطار يصبح تجويد العمل القطاعي الذي يتحمل مسؤوليته كل حزب على حدة أمثل طريقة للوفاء ببنود الميثاق والالتزام بمقتضياته ومضامينه.

زر الذهاب إلى الأعلى