عثمان المبراك
عديدة ومتعددة الأشكال هي جهود تحديث الخدمات بالمديرية العامة للأمن الوطني. ضمن هذا النموذج الشامل والمتكامل يتم إيلاء عناية خاصة للمظهر الخارجي للعاملين بالمديرية، بما في ذلك خدمات علاجات الأسنان، التي تمثل عميد الشرطة الممتاز هدى حما، الوجه البارز فيها داخل هذه المؤسسة.
بحس تواصلي كبيرة وطيبوبة استثنائية، تستعيد هدى، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، عددا من مراحل مسارها المهني، وتميط اللثام عن جانب من مسارها الأكاديمي ويومياتها “المثيرة” بالمديرية العامة للأمن الوطني.
تتذكر هدى، الحاصلة على شهادة الدكتوراه في طب الأسنان (الأولى على دفعتها سنة 2012)، من كلية الطب والصيدلة بالرباط، والتي توجتها بالحصول على شهادة جامعية في تقويم الأسنان من نفس المؤسسة (2019) ، بافتخار ذكريات لا تنسى من بداية مسارها داخل المديرية العامة للأمن الوطني، والتي شكل ولوجها إليها سنة 2016، بالنسبة إليها، عطاء ربانيا أتاح لها المزج بين النبل الذي تجسده مهنة طبيب والرمزية التي تمثلها مهنة شرطي.
لكن قبل ذلك، راكمت هدى تجارب مهنية في القطاع الخاص، قبل أن تعود إلى الرباط وتحديدا بالمصلحة الولائية للصحة، التابعة لولاية أمن الرباط، حيث سعت هذه السيدة التي رأت النور بالرباط سنة 1989 بكل تفان إلى إسداء الخدمات للعاملين في سلك الأمن الوطني وذوي حقوقهم، في مجال علاجات طب الأسنان.
وأعربت هدى، ذات النظرة الثاقبة والوجه البريء، وهي تزيل قبعتها، عن فخرها بما حققته ولا تخفي ذلك، مشيرة إلى أن “التجارب الإنسانية والمهنية التي أعيشها بشكل يومي بالمديرية العامة للأمن الوطني تجعلني سعيدة وفخورة”.
إجمالا، تتجسد مهمتها في تقديم خدمات علاجية ووقائية، والقيام بحملات توعوية لفائدة العاملين بالمدرية العامة للأمن الوطني. كما أنها تحظى بعضوية اللجنة الطبية النفسية المشرفة على انتقاء المترشحين.
وترتكز هذه المهام وتلتقي حول هدف رئيسي يتمثل في المساهمة في تعزيز رعاية العاملين بسلك الشرطة، وبطبيعة الحال الاهتمام بشكل أكبر بمظهر الشرطي المغربي، وفق أحدث المعايير المعتمدة.
إحدى التجارب المميزة التي مرت بها والتي حبذت سرد تفاصيلها تهم فترة ذروة انتشار جائحة فيروس كورونا وتسجيل عدد من الوفيات هنا وهناك، حيث تحولت هدى من تقديم علاجات الأسنان إلى مهنية في قطاع الصحة بدرجة أولى.
وأشارت بنبرة افتخار “أنا سعيدة بالمساهمة في جهود التصدي للجائحة (..) وقمت في هذا السياق بالإشراف على عمل مركز القيادة الصحي على مستوى مفتشية خدمات الصحة التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، الذي تم وضعه بالمناسبة”.
وفي إطار مهمتها هاته، كانت هدى ملتزمة جسدا وروحا بتحديد عدد الحالات الإيجابية وعملية التكفل بها، فضلا عن عملية تلقيح عناصر الشرطة، من خلال تقديم الدعم والإشراف على تأطير الأطر المكلفة بهذه العملية.
وفي ما يتعلق بالتوازن بين الشخصي والمهني، أكدت هدى أنها استطاعت تحقيقه بفضل الدعم “الثمين” الذي تحظى به من قبل رؤسائها في العمل، وكذا المؤازة التي تحظى بها من قبل أسرتها الصغيرة.
فضلا عن ذلك، تضيف هدى أن ظروف العمل بالمديرية العامة للأمن الوطني مواتية للغاية، في ظل وجود منحى متجذر لإرساء المناصفة كقيمة أساسية وعامل للتميز.
وأكدت على أن النقاش حول المناصفة داخل المديرية العامة للأمن الوطني عفا عليه الزمن، على اعتبار أن الأمر يتعلق بمقاربة ملموسة (..) فالاستحقاق هو العامل المحدد للترقية وتحمل المسؤولية داخل المديرية.
أحد العوامل المحفزة الأخرى، بحسب هدى، هو عنصر التكوين الذي يعتبر من بين أهم الأولويات داخل المديرية العامة للأمن الوطني. “فطب الأسنان يتطور باستمرار والتكوين المستمر، الذي يحظى بالأولوية داخل المديرية، يتيح لي الاضطلاع بمهامي على أكمل وجه”.
وعن تصورها لفمهوم النجاح، ذكرت هدى أنه يتعلق بتراكم التجارب وقبول كافة التحديات، بالإضافة إلى القدرة على جعل أي خيبة أمل محتملة وقفة للتفكير والتحفيز.
بالنسبة لزملائها، فإن هدى تتسم بالرشاقة وروعة الشخصية ورجاحة العقل. كما تحظى، بفضل مهنيتها وجديتها، بالاحترام والتقدير من قبل المرضى من مختلف الآفاق الذين تلتقي بهم في إطار عملها.
الجميع يثني على تفانيها في العمل وتحليها بالتواضع، ويرون فيها تجسيدا خفيا للريادة النسائية المعاصرة التي تؤمن بتوحيد وتضافر الجهود والعمل الجماعي. فالقريبون منها يشيدون بروحها المرحة، ومن يعملون تحت إمرتها لا يشعرون أبدا بأنهم مرؤوسون، بل على النقيض من ذلك شركاء في إرساء أنماط العمل.
وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة (8 مارس)، لم تتوان هدى في تقديم تهانئها النساء المغربيات على المنجزات التي تحققت في جميع المجالات.
وأبرزت، وهي ترتدي وزرتها لاستئناف العمل، أن المرأة المغربية “الملتزمة والمناضلة بالفطرة” تمتلك جميع المؤهلات التي تمكنها من مجاراة شقيقها الرجل.
المصدر: الدار-وم ع