سلايدر

مع اقتراب رمضان ..الدلفين الأسود” النيكرو” يهدد مراكب صيد السردين بموانئ الشمال

هيام بحراوي

اقترب شهر رمضان، ومعروف أن الغالبية العظمى من المغاربة تقبل على شراء سمك “السردين” بشكل كبير خلال أيام الصيام، لكن الإشكال المطروح حاليا هو أن المراكب التي تصطاد سمك “السردين”  بمنطقة البحر الأبيض المتوسط لم تقلع معظمها هذا العام بسبب الهجمات المتكررة لسمك الدلفين الأسود.

عدد من المهنيين بميناء المضيق في مدينة تطوان وصفوا الوضع بـ” الكارثي” يقولون بأن هذه الهجمات تفاقمت في السنوات الأخيرة، مع تدفق أعداد كبيرة من الدلافين السوداء ” النيكرو” فإذا استمر الوضع على هذا الحال، العديد من المهنيين العاملين في المنطقة من المضيق إلى السعيدية، سيتركون حسب ما تم التصريح به، العمل في الصيد ليذهبوا للبحث عن عمل آخر.

هجمات الدلفين الأسود “النيكرو”

“ثمان سنوات ومهنيو صيد الأسماك السطحية في المنطقة الشمالية” ، يعانون على – حد قولهم –  من تكاثر هجمات الدلفين الأسود لشباك الصيد المحملة بسمك السردين.

عبد الإله هرندو، مهني ورئيس مركب، أكد في تصريح لـموقع “الدار” أن الدلفين الأسود يأكل كمية كبيرة من الأسماك مشيرا أن العديد من المجهزين قاموا ببيع مراكبهم بسبب هذا الوضع الذي يقول تعيشه منطقة البحر الأبيض المتوسط، وقال أنهم ولمدة ثمانية سنوات يعانون كصيادين في صمت.

هذا النوع من السمك الكبير، يؤكد مصدرنا “ممنوع عليهم اصطياده أو قتله، وأن المنع جاء من طرف منظمة فرنسية، لأن هذا النوع من الأسماك يشير معرضة للانقراض حسب التقارير الدولية “.

“الحوت ما ينقرضش واحنا نضيعوا فرزقنا” ، تابع متذمرا ، ” الناس عايشين من البحر، لا معامل لا مصانع”.

 وضع “كارثي” يعيشه المهنيون

هل يمكن أن يكون الوضع كارثيا على صيد الأسماك السطحية في المنطقة الشمالية ؟ كان الجواب صادما “هجمات هذه السمكة الكبيرة أصبحت متكررة للغاية في جميع أنحاء منطقة البحر الأبيض المتوسط وهو ما يعرض ما يصطاده الصيادون للضياع ولخسارات كبيرة”.

العديد من الصيادين أجبروا بحسب التصريحات التي أدلى بها عدد منهم، على مغادرة المنطقة الشمالية للعمل في موانئ أخرى في المنطقة الأطلسية ، مضيفين أن بعضهم قد غيروا وظائفهم  بسبب وضعهم غير المستقر.

 قلق بخصوص صيد “السردين”

حالة من القلق تعم صفوف المهنيين من مجهزين وصيادين، فصيد أسماك السردين في منطقة البحر الأبيض المتوسط ، يمثل نشاطا رئيسيا للغالبية العظمى من اليد العاملة في الشمال .

كريم المرابط ، رئيس الرابطة المهنية لأرباب مراكب الصيد الساحلي بالمضيق، وعضو بغرفة الصيد البحري  بطنجة ، أكد لموقع “الدار” أن الدلفين الأسود، “نيكرو” هو سبب مشاكل المنطقة الشمالية بأكملها ، وقال “الدلفين الأسود ما زال موجودا وبكثرة وهجماته تدمر شباك الصيادين” .

 وكشف المرابط في تصريحه، أن” قوارب السردين لم تتلقى مساعدات وأن المهني و منذ أربع سنوات يتكبد الخسارة تلو الأخرى”.

ولحماية الصيادين من هجمات هذه السمكة الكبيرة التي تغزو سواحل البحر الأبيض المتوسط ، تم إطلاق مبادرة لاقتناء شبكة صيد جديدة لأسماك السردين ، لتحل محل الشباك الحالية التي يسهل قطعها.

لكن “الشباك السينية “المقترحة يضيف المرابط فيها مشاكل من “ناحية الوزن فالشبكة الجديدة أثقل من تلك المستخدمة حاليا ويجب أن يبذل الصيادون جهدا كبيرا لرفعها. فضلا عن أن سعرها مرتفع للغاية”.

لهذا يضيف مصدرنا، تم اقتراح أن يتم جلب هذه الشباك  الفرنسية ، لكن “شرط أن يقوم الحرفيين المغاربة بتعديلها حتى تتلاءم مع نوعية المراكب المتواجدة بالموانئ الشمالية”.

خيبة أمل كبيرة

كان صيادو السردين يأملون في إيجاد حل للشباك الجديدة التي صنعتها شركة فرنسية. لكن عند تجريبها  بموانئ السعيدية والناظور والجبهة والحسيمة والمضيق، اكتشفوا عدم ملاءمتها لطبيعة عملهم ليخيب أملهم في الحل الذي كانوا يعولون عليه لإنقاذ صيدهم ولهذا باتوا يطالبون السلطات المحلية والوزارة الوصية بالتدخل لوضع حد للصعوبات التي يواجهونها مع الدلفين الأسود.

وإن استمر الوضع على حاله سيضطر المهنيون للتوقف نهائيا عن العمل بل أن بعضهم يقول ” سيهجر الميناء فيما الباقي يحاول بيع المراكب”، بسبب “الحالة المزرية التي يعاني منها المهنيون اقتصاديا واجتماعيا”.

ميناء المضيق

خلال اللقاء الذي عقد في الخامس عشر من دجنبر السنة الفارطة، بطلب من الرابطة المهنية لأرباب مراكب الصيد الساحلي، بالمضيق، عبر المهنيون عن سخطهم لعدم إشراكهم في إيجاد حل لمشكل تكاثر “النيكرو”

اللقاء الذي جمع الرابطة مع المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري بحضور المهنيين والإدارة، ناقش مشكلة الدلفين الأسود بعد عرض قدمه ممثلو المعهد حول حالة المصايد بمنطقة المضيق.

المعهد من خلال عدة تدخلات قدم الإجابة عن التساؤلات المطروحة موضحا أن الحل الوحيد المتوفر الآن هو “شباك سينية”، وهي شباك صيد جديدة أثبتت فعاليتها من خلال الدراسة التي قام بها المعهد بمعية الشركة الفرنسية الرائدة عالميا والمتخصصة في شباك الصيد بكل أنواعها.

ويطالب المهنيون المعهد باشراك المتخصصين المحليين في صناعة الشباك كما يطالبون بتقديم دعم مادي لكي يعوضوا خساراتهم المتكررة.

“النيكرو” عدو الصيادين

عندما يهاجم الدلفين الأسود شباك الصيادين ، يتبقى أحيانا عدد قليل جدا من السردين فيما يلتهم السمك الكمية المصطادة بالكامل . الضرر الذي يسببه هذا الحيوان البحري بحسب بعض البحارة ” أشبه بالعاصفة التي تلتهم كل شيء “.

وتأسف البحارة أن بعض مالكي السفن ، في حالة يأس كبيرة ، ازدادت مع ارتفاع أسعار المحروقات لهذا يقولون” أجبر البعض على بيع قواربهم وآخرون يستعدون لذلك” في بعض الموانئ ، مثل ميناء المضيق.

استياء بسبب دعم الشبكة الفرنسية

خرج المهنيون عن صمتهم وخاصة صيادي السردين في الشمال بعد تصديق جهة طنجة-تطوان-الحسيمة ، يوم الإثنين 7 مارس من هذه السنة، على قرار دعم الشبكة الفرنسية الجديدة ، التي يقولون أنهم يرفضونها بشدة للمشاكل السالفة الذكر.

تجدر الإشارة إلى أنه بموجب اتفاقية تم توقيعها في عام 2017 لدعم الصيادين البحريين ضحايا هجمات الدلفين الأسود الكبير ” ، فقد تقرر تعويض محترفي الصيد الساحلي بنسبة تصل إلى 100٪ وهذا ما سمح لهم بالحصول على معدات جديدة لصيد الأسماك.

استفاد من العملية بحسب ما تم تداوله إعلاميا 114 سفينة تعمل في المنطقة من الفنيدق إلى السعيدية. لكن المشكلة لم تحل لأن حسب تصريحات البحارة “الدلفين الأسود ما زال موجودا وهجماته تدمر شباك الصيادين.

بسبب هذا الوضع المهنيون يؤكدون ” لم يعد بالإمكان الخروج إلى البحر بسبب الصعوبات المالية التي يتكبدها المجهزون وملاك المراكب” .

فالشباك الجديدة تعد في نظر المهنيين “حلا مؤقتا لمواجهة ظاهرة طبيعية محمية بقوة القانون و الاتفاقيات الدولية”.

ورغم الاجتماعات الدورية للمسؤولين في البحث العلمي و ادارة الصيد البحري و المجالس المنتخبة، مع المهنيين ، إلا أن رفض المهنيين للشباك السينية مستمر بالنظر” لحجم مراكب الصيد المحلية و خصوصيتها، مقابل الوزن الزائد للشباك عند الغمر و الرفع، وهو ما يهدد هياكل المراكب و سلامة البحارة”.

زر الذهاب إلى الأعلى