في ردهم على أنصار العربية.. سياسيون وباحثون يدافعون على التدريس باللغات الأجنبية
الدار/ عفراء علوي محمدي
خلق نقاش لغة تدريس المواد العلمية جدلا كبيرا وواسعا في الأوساط السياسية والحقوقية والمدنية، خصوصا مع اقتراب مصادقة البرلمان على مشروع القانون الإطار المتعلق بالتربية والتعليم، حيث تألف هؤلاء إلى معارضين، يدافعون عن التدريس باللغة العربية في جميع الأسلاك التعليمية، ومؤيدين، يشيدون بمقتصيات القانون 51.17، على اعتبار أن السليم هو تدريس المواد العلمية تدرس باللغات الأجنبية.
وحصل تشنج غير مسبوق فيما يخص مناقشة القانون الإطار بين مكونات الأغلبية الحكومية، بسبب لغة التدريس، التي قسمت أحزاب الأغلبية الحكومية إلى قسمين اثنين، بينما عارضت مجموعة من النقابات والهيئات السياسية والحقوقية مشروع القانون، أبرزها ائتلاف الدفاع على اللغة العربية، وحركة التوحيد والإصلاح، التي أجمعت على أن القانون "سيجهز على المدرسة العمومية"، و"يقضي على اللغة العربية".
عيوش: أتساءل كيف يغفل السياسويون الدفاع عن اللغة الأمازيغية واللغة الدارجة "الأم"
وفي هذا الإطار، تساءل نور الدين عيوش، الكاتب والناشط الجمعوي، كيف يدافع أشخاص عن اللغة العربية بكل هذه الشراسة، في الوقت الذي لا يعيرون اهتماما للأمازيغية، واللغة "الدارجة" التي "هي لغتنا الأم الأصلية" على حد تعبيره.
واعتبر عيوش، في تصريح لموقع "الدار"، أن لهؤلاء الأشخاص خلفية انتخابية وإيديولوجية، وأن اتخادهم لهذه القضية "لهم فيه مصالح ضيقة مرتبطة أساسا بانتخابات 2021.
وزاد "من الممكن أن تصبح لغتنا لغة للعلوم، حين تصل إلى درجة يتحدث بها الجميع، ويطلبها الجميع، وتبلغ أوجها كما كان بالنسبة للقرون الوسطى، عندها سيكون من اللازم التدريس بها، لكن الآن الأمر معقد جدا"، مبررا طرحه بالصعوبة التي يواجهها الطلبة العلميون بمجرد التحاقهم بالجامعة، "حيث تتغير لغة التدريس من العربية إلى الفرنسية، لأن هناك إحصاءات أثبتت أن 12 في المائة منهم هم الذين يستطيعون النجاح في هذا الظرف، وهذا أمر خطير".
وقال عيوش إن التدريس باللغة العربية لا يقلل من شأن هذه اللغة "بل لأن العلوم الآن يجب أن تدرس بلغة العلوم نفسها، وهي الإنجليزية، وما دمنا في مرحلة انتقالية سيتم التدريس باللغة الفرنسية، إلى أن نتجاوز هذه المرحلة بشكل تدريجي".
وأضاف عيوش أن جميع أمهات الكتب العلمية، بما فيها كتب التاريخ والاقتصاد والطب، هي موجودة باللغة الإنجليزية في الأصل، وتدريس هذه المواد بالعربية سيحول بين التلاميذ ووصولهم إلى المراجع الضرورية في مختلف المجالات.
وسجل المتحدث نفسه أن هناك فرق كبير بين لغة تدريس العلوم وتدريس اللغة، "وبما أننا الآن نتحدث عن التدريس باللغة العربية، لم لا نتكلم على التدريس باللغة الرسمية الثانية، وهي اللغة الأمازيغية"، معتبرا أن ذلك أمر مستحيل، بإقرار الأمازيغيين أنفسهم، "وما دام كذلك فلم لا نقر باستحالة التدريس باللغة العربية التي هي ليست لغة علمية؟"، يتساءل عيوش.
عصيد: لن نخادع الشعب ونقول إن الأمازيغية تصلح لتدريس العلوم كما يفعل المدافعون عن العربية
من جهته، شاطر أحمد عصيد، الباحث والناشط الأمازيغي نفس الطرح الذي آل إليه عيوش حين قال، في تصريحه للموقع، إن النشطاء الأمازيغيون لا يريدون الكذب على الشعب بالقول إنه ينبغي تدريس العلوم باللغة الأمازيغية، لأن هذه اللغة "لا تدرس العلوم حاليا شأنه بذلك شأن اللغة العربية، ونحن نتحدث بموضوعية وأمانة، ولا نضحك على ذقون المواطنين"، على حد قوله.
وزاد أن الدفاع على اللغة العربية "هو نقاش مفتعل ومصطنع، لأنه مبني على ما هو إيديولوجي محض، والسبب فيه هو أن التيار المحافظ، وحده يدافع على هذه الفكرة، بينما تجمع جميع التيارات الأخرى على ضرورة اعتماد اللغات الأجنبية للتدريس، وذلك لأن مسلسل الأسلمة مرتبط أساسا بالتعريب"، يقول عصيد.
واعتبر عصيد أن التيار الإسلاموي يعلم جيدا أن التشبث بالدفاع عن اللغة العربية لا معنى له، لكنهم يعتبرون أية عودة للغات الأجنبية تؤدي إلى نتائج ضد أهدافهم الانتخابية، مشيرا إلى أن هذا التيار"يعي جيدا أن تدريس العلوم بالعربية ليس لصالح التعليم، والدليل أنهم يختارون لأبنائهم أماكن في التعليم الخصوصي والبعثات الفرنسية التي تولي أهمية للغات الأجنبي".
أشرورو: عدد كبير من أنصار العربية يدرسون أبناءهم في البعثات الفرنسية وهذا تناقض
من جهته، اعتبر محمد أشرورو، رئيس الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة، أن الضجة التي فرقت عناصر الأغلبية حول منهجية التدريس وطريقته، وحول لغة التدريس بالأساس، لا هدف لها سوى التشويوش، "ونحن في فريق الاصالة والمعاصرة نؤيد تدريس المواد العلمية والتقنية باللغة الأجنبية، وبينما يريد الفريق الذي يقود الحكومة تدريس هذه المواد باللغة العربية، والجميع يعلم أن عددا كبيرا منهم يدرسون أبناءهم في البعثات والمدارس الخصوصية التي تدرس هذه المواد باللغة الفرنسية"، وهنا يكمن التناقض، حسب تعبيره.
وزاد أشرورو قائلا، في تصريح سابق لموقع "الدار"، إن فريق "البام" بالبرلمان يضم صوته لمن يدافع عن تدريس العلوم باللغة الأجنبية "وكيف لا وأعضاء حزب العدالة والتنمية أنفسهم، وعلى الرغم من دفاعهم عن العربية بالبرلمان، يدرسون أطفالهم بالبعثات والمدارس الخصوصية التي تدرس العلوم باللغة الفرنسية"، حسب تعبيره.