الدار- خاص
بمناسبة شهر رمضان الكريم، يشرع موقع “الدار” في تقديم بورتريهات عن شخصيات دينية مغربية، تشغل اليوم مواقع حساسة في معادلة تدبير المؤسسات الدينية بالمملكة، وتسهم من خلال أدوارها الريادية في نشر النموذج المغربي في التدين الوسطي المعتدل، المبني على ثوابت المملكة عقيدة ومذهبا وسلوكا.
رأى الشيخ العلامة، مصطفى بن أحمد بن عبد الرحمن البحياوي (نسبة إلى لأبي يحيى البصير دفين الحدرة) الإدريسي الحسني، النور بمدينة مراكش في مطلع الخمسينات، حيث تلقى تعليم قبل أن يستقر بمدينة طنجة. حفظ القرآن الكريم في صغره على يد والده بروايتي قالون وورش وأخذ عنه مبادئ العلوم من عربية وفقه وتفسير وأداء. و قد لعب الوسط العائلي الذي ولد فيه دورا بارزا في تكوين شخصيته العلمية والفقهية، حيث كان والده إماما وخطيبا وصاحب مقرأة قرآنية.
كان بيت والد الشيخ مصطفى البحياوي، بمثابة منتدى يتردد عليه ثلة من العلماء والقراء وطلاب العلم فتهيأ للشيخ بفضل ذالك مجالسة كبار علماء مراكش والأخذ عنهم ومناقشتهم والاستفادة من مناظراتهم العلمية والأدبية وحضور دروسهم الخاصة والعامة.
بعد وفاة والده، وهو في الباكلوريا، تولى الشيخ مصطفى البحياوي، الإمامة والخطابة من بعده وجلس مجلسه للإقراء بمراكش ولما اجتاز الباكلوريا التحق بمدرسة المعلمين وتخرج الأول على دفعته. بعد ذلك التحق بالمركز الجهوي للدراسات اللغوية والأدبية بمراكش بعد أن نجح في مباراة القبول فكان ذلك سببا في انتقاله مرة أخرى إلى مراكش.
بالتوازي مع ذلك، التحق الشيخ بكلية الفلسفة في الرباط ليتابع دراسته الجامعية عن بعد فكان يجمع بين التدريس في دار القرآن والاقراء في مقرأة والده والوظيفة والدراسة في المركز الجهوي للدراسات اللغوية ويحضر المحاضرات في كلية الفلسفة.
بعد التخرج من المركز الجهوي بعد سنتين عين أستاذا للغة العربية في مؤسستي ابن عبدون وعمر بن الخطاب في مدينة واد زم ومدينة خريبكة. ولما حصل على الإجازة في الفلسفة عين أستاذاً للفكر الإسلامي والتربية الإسلامية في ثانوية يوسف بن تاشفين والتي درس فيها حوالي 7 سنوات كان خلالها يحاضر في جامعة مراكش حول العقيدة وحوار المادية.
بعد سنوات سيلج، بداية الثمانينات سلك المفتشين في التعليم فتم قبوله واحداً من بين عشرة من كل المغرب للالتحاق بالمعهد الوطني بالرباط لمدة سنتين فانتقل بموجب ذلك إلى الرباط، حيث ساهم في فتح مدرسة قرآنية تخرج منها العديد من طلاب العلم وكان له مجلسان للتدريس في منطقة باب الحد يرتادهما العديد من طلاب العلم.
وخلال تلك السنتين حصل الشيخ على الماستر “دبلوم الداراسات العليا” في الدراسات القرآنية. وحال تخرجه من المعهد الوطني تم تعيينه مفتشا عاما على جهة الشمال ومشرفا على التعليم الأصيل واللغة العربية في كل من طنجة وشفشاون وتطوان لمدة ثلاث سنوات إلى أن استقر به الأمر في طنجة مدة 22 سنة إلى الآن. أسس خلالها معهد الإمام الشاطبي للقرآن الكريم وعلومه الذي يديره إلى الآن والذي خرج وما زال يخرِج الأفواج من الحفظة والأئمة وطلاب العلم.
يعد الشيخ مصطفى البحياوي، عالم قراءات متقن، متمكن من فنون عديدة، وقد شهد بفضله وعلمه الكثير من أهل العلم وتخرج على يديه ثلة من القراء والمشايخ والدعاة وطلبة العلم والفضلاء في مراكش وطنجة وغيرهما من المغرب وخارجه.
ومنذ سنوات يقدم الشيخ مصطفى البحياوي، دروسا في التفسير في اطار “الكراسي العلمية” التي تشرف عليها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.