أخبار الدار

حزب الاستقلال يأبى أن يتجاوزه الزمن الانتخابي

الدار/ رشيد عفيف

حزب الاستقلال يأبى أن يتجاوزه الزمن الانتخابي في سياق بدأت فيه جميع الأحزاب والقوى تدعي وصلا بانتخابات 2021. حزب العدالة والتنمية وحزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة كل هذه الهيئات كشفت في تراشقاتها الكلامية السابقة عن طموحات تصدر النتائج في الانتخابات التشريعية المقبلة. وفي هذا الإطار يمكن قراءة استعراض القوة الذي قدمه حزب علال الفاسي يوم أمس السبت بمدينة العيون خلال اجتماع الدورة الثانية العادية للجنة المركزية للحزب.

لقد كان واضحا من فعاليات هذا الاجتماع الذي تواصل يوم الأحد بمهرجان خطابي بمدينة السمارة حضره الآلاف أن الحزب يحاول التذكير بمكانته السياسية باعتباره ماكينة انتخابية تاريخية لطالما حصدت الأصوات وتبوأت المراتب الأولى في الاستحقاقات التشريعية والمحلية المختلفة. وبعد أسابيع قليلة من تكليف الملك محمد السادس للأمين العام نزار بركة تسليم رسالة خطية إلى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز اختار حزب الاستقلال أن تكون أولى خرجاته الخطابية من مدينة العيون إشارة إلى الاستعداد الدائم للحزب لتحمل المسؤولية في التدبير بعد أن اختار في عهد الأمين العام السابق حميد شباط الخروج من الحكومة.

وقد تسارعت مواقف الحزب من القضايا السياسية والتشريعية التي تشغل الرأي العام في الآونة الأخيرة لتبرز هذا الطموح الذي بدأ يكشف عنه الحزب. هناك عمل مركز على لعب دور المعارضة وهذا ما ظهر بجلاء في مناقشات اجتماع اللجنة المركزية بالعيون والذي انصبت أشغاله على تقييم أداء حكومة سعد الدين العثماني. فقد طالب نزار بركة خلال هذا الاجتماع الحكومة بما أسماه «تقديم الحساب المرحلي بخصوص الوعود التي أعلنت عنها في البرنامج الحكومي». كما أنه تساءل عن الوعود التي سبق أن أعلنت عنها بتشغيل 1.2 مليون شابة وشاب في أفق 2021.

لكن أكثر ما يحيي الطموحات الاستقلالية هو الجدل المثار حول القانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين والذي يعتبر بالنسبة لحزب من الحركة الوطنية الذي كان وراء قرار تعريب التعليم بعد الاستقلال أرضية خصبة لممارسة المعارضة ومواجهة الخصوم وإحراج الحكومة. ويحاول الحزب اليوم استعادة هذه العلاقة التاريخية مع قضية تعريب التعليم من أجل استثمارها لانتزاع بعض النقاط والمكاسب خصوصا بعد تردد حزب العدالة والتنمية وتراجعه عن التصويت على القانون في صيغته المتوافق بشأنها والتي تسمح بإمكانية تدريس بعض المواد العلمية بلغات أجنبية.

هذا البلوكاج الذي شهده القانون المثير للجدل أثاره اجتماع اللجنة المركزية في بلاغه الختامي، بل حاول تجاوزه من  خلال طرح معضلة التعليم في عموميتها عندما أكد على "ضرورة العمل على مواجهة التعليم الطبقي بتقليص الفوارق بين التعليم العمومي والتعليم الخاص، و بين التعليم في المدن والعالم القروي بالإضافة إلى العمل على الحد من الفوارق على مستوى الهوة الرقمية بين الجهات والمجالات الترابية على المستوى الوطني. وتستبطن هذه الدعوة ردا على بعض الاتهامات التي وجهت لدعاة التعريب بكونهم يحرصون على تدريس أبنائهم في مدارس البعثات الأجنبية ويطالبون بالتعريب لأبناء الشعب.

وقد ذهب حزب الاستقلال بعيدا في توظيف هذا الملف عندما دعا نزار بركة قبل أيام رئيس الحكومة سعد لدين العثماني  إلى تفعيل مقتضيات الفصل 103 من الدستور من خلال ربط طلب الموافقة على مشروع القانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين والبحث العلمي، لدى مجلس النواب بتصويت منح الثقة للحكومة حتى تواصل تحمل مسؤوليتها.

ومن الواضح أن تدوينة نزار البركة التي أشارت إلى ما وصفته ب"التصدع المزمن الذي ما فتئت تشهده مكونات الأغلبية" تنطوي على بعد آخر لا يقل أهمية في سياق انطلاقة الحزب، ويتعلق بتبئير شخصية القيادة الجديدة التي يمثلها بركة استعدادا لمنافسة مستقبلية مع قيادات حزبية أخرى تتصدر المشهد على رأسها الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش. ويظهر هذا التسابق غير المعلن بين الشخصيتين في اختيار الأقاليم الجنوبية لتنظيم اجتماع الحزب، والذي يأتي أسابيع قليلة بعد اجتماع مماثل عقده عزيز أخنوش مع أعضاء حزبه بمدينة الداخلة. ومن الواضح أن شخصية الأمين العام نزار بركة تفتقد الكثير من الكاريزما التي كان يمتلكها سلفه حميد شباط المعروف بقدراته على إدارة المعارك الانتخابية الداخلية والخارجية ومواجهة المنافسين والخصوم بلغة وأسلوبين لا يزال خلفه يبحث عنهما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

18 + 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى