أخبار الدارسلايدر

افتتاحية الدار: بوقادوم.. دبلوماسي جزائري احترف الدسائس والتآمر على الجيران..كيف يصبح وسيطا للسلم في النزاع الليبي!! ولهذا رفضت الإمارات تعيينه

الدار/ افتتاحية

يبدو أن قرار دولة الإمارات العربية المتحدة بالاعتراض على تعيين الدبلوماسي الجزائري صبري بوقادوم مبعوثا أمميا إلى ليبيا يعد من أهم المبادرات التي تتخذها أبو ظبي للحفاظ على الاستقرار والسلم بالمنطقة في ظل الميول العنيف الذي يميز شخصية هذا الرجل، الباحث دائما وباستمرار عن الثأر والانتقام من البلدان المحيطة بالجزائر وعلى رأسها المغرب. صبري بوقادوم ليس سوى وزير خارجية فاشل حاول بكل ما يملك من قوة وتأثير خلال عام ونصف قضاها على رأس الدبلوماسية الجزائرية أن يضع المغرب والمنطقة ككل على برميل بارود ويشعلها لتبقى الجزائر حسب فهمه وتأويله القوة الإقليمية الرائدة في شمال إفريقيا والمغرب الكبير.

لا يجب أن ننسى أن بوقادوم، الذي كان وزيرا للخارجية في الجزائر ما بين مارس 2019 ويونيو 2021، قضى ولايته كاملة يضع الألغام أمام كل محاولات التسوية النهائية للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، محاولا تصعيد الوضع الأمني بافتعال المزيد من المواجهات في المنطقة. ففي عهده وهو على رأس الخارجية الجزائرية استفز المغرب من خلال الدفع بميليشيات انفصاليي البوليساريو نحو مغامرة اقتحام منطقة الكركرات والسعي إلى البحث عن مواجهة عسكرية، ولم يتردد حينها المسؤولون الجزائريون في تحريض الانفصاليين مع وعود بالتدخل إذا تطلب الأمر إلى جانبهم. ولن ينسى صبري بوقادوم أبدا تلك الصفعة القوية التي تلقاها في نونبر 2020 عندما تدخلت القوات المسلحة الملكية بكامل احترافيتها وإنسانيتها من أجل تحرير المناطق التي اقتحمها الانفصاليون وفسح المجال أمام حركة النقل الدولي نحو الحدود الموريتانية وتأمينها.

إن بوقادوم الذي يعتبر من خريجي الدبلوماسية المخابراتية والعسكرية في الجزائر، لا يمكن أن يتحمل مسؤولية المبعوث الأممي إلى ليبيا خارج تأثير تاريخه الشخصي في العمل الدبلوماسي لصالح بلاده. بل إن من المعيب تماما أن يفكر الأمين العام للأمم المتحدة في تعيين مبعوث تعتبر بلاده طرفا حدوديا ومتدخلا في النزاع الليبي، لأن ذلك يُفقد جهود الأمم المتحدة الكثير من مصداقيتها وحيادها المفترض والذي تنص عليه المواثيق المنظمة للعمل في المنتظم الدولي وخصوصا في مجال الوساطة وحل النزاعات. إن تاريخ الفشل الشخصي الذي راكمه صبري بوقادوم في مواجهة محيطه الإقليمي عندما كان وزيرا للشؤون الخارجية لن يعطيه الفرصة لممارسة مهامه الأممية خارج تأثير تجربته الشخصية أو مصالح بلاده.

ثم كيف يمكن أن يعيّن رجل كان إلى الأمس القريب يبحث عن التصعيد والمواجهة والطعن في الوحدة الترابية لبلد جار مبعوثا أمميا للسلام وحل النزاعات؟ هذه مفارقة لا يمكن لأي من أطراف النزاع في ليبيا أن يستسيغها. إن الشخصيات الدولية التي يمكن أن تؤدي هذه الأدوار الإنسانية والسلمية العالمية يجب أن تكون متجردة كامل التجرد من أي حسابات محلية أو انتماءات سياسية قد تؤثر على مهامها الموكلة إليها. لقد كان صبري بوقادوم خلال عمله كوزير للشؤون الخارجية في الجزائر مسؤولا أيضا عن فضيحة دبلوماسية من العيار الثقيل، عندما ورّط بلاده وورّط إسبانيا في استقبال عنصر إرهابي تطارده جرائم الحرب التي ارتكبها على الرغم من الاتفاق المسبق بين المغرب وإسبانيا بضرورة التنسيق والاستشارة. نعم لقد كان بوقادوم وراء إقناع وزيرة الشؤون الخارجية الإسبانية آنذاك باستقبال إبراهيم غالي زعيم انفصاليي البوليساريو في مدريد بدعوى استفادته من العلاج، الذي لم تستطع مستشفيات الجزائر البترولية أن تؤمّنه له، ليتسبب في أزمة دبلوماسية كبيرة بين المغرب وإسبانيا دامت لشهور وأدت إلى قطيعة تاريخية.

فما هو هذا الحل السلمي أو “الخيط الأبيض” الذي يمكن أن يأتي به مسؤول جزائري اعتاد على حبْك المؤامرات ونسج خيوط الدسائس إلى بلد ممزق كليبيا تتخطّفه الأطماع الأجنبية وقسّمته الصراعات الداخلية؟ إن آخر من يمكنه أن يؤدي مهمة الوساطة السلمية للأمم المتحدة في ليبيا هو صبري بوقادوم، نظرا لتاريخه الأسود الذي لم يتجاوز لحسن الحظ سنة ونصف قضاها على رأس المصالح الدبلوماسية لبلاده، ونظرا أيضا لتورّط بلاده بشكل مباشر في النزاع الليبي لصالح أطراف ليبية على حساب أخرى. ولعلّ اعتراض دولة الإمارات العربية المتحدة على هذا التعيين كان بمثابة تذكير ضروري لهيئة الأمم المتحدة وتحذير لا بد منه من الهفوة البالغة التي كانت ستقع فيها بتعيين هذا الرجل بعيدا عن شروط الحياد وعدم الانحياز التي ينبغي أن تضبط قراراتها وتعييناتها.

زر الذهاب إلى الأعلى