أخبار الدارأخبار دوليةسلايدر

انعدام الأمن يفرض نفسه على الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة الأميركية

أحمد البوحساني

تتوجه أنظار المراقبين في الولايات المتحدة الأمريكية، إلى الانتخابات النصفية للكونغرس الأمريكي بمجلسيه الشيوخ والنواب في 8 نوفمبر 2022 .

هذه الانتخابات سميت نصفية لأنها تنظم بعد عامين تقريبا من بدء ولاية جديدة لأي رئيس أمريكي، و تعد نوعا من الاستفتاء على أداء الرئيس وإدارته. و يتم خلالها انتخاب كامل أعضاء مجلس النواب بمقاعده الـ435 لمدة عامين (حاليا يشغل الديمقراطيون 221 مقعدا مقابل 212 مقعدا للجمهوريين).

أما أعضاء مجلس الشيوخ والبالغ عددهم 100 فيتم انتخاب ثلث أعضائه الآن وعددهم 35 نائبا، حيث يتم انتخابهم عادة لفترة مدتها ست سنوات بمعدل الثلث كل عامين، وكذلك سيتم انتخاب 36 حاكم ولاية من إجمالي الـ50 ولاية أمريكية (حاليا 16 حاكم ولاية ديمقراطيا و20 من الجمهوريين) فضلا عن عدد من المناصب المحلية.

وعلى بعد أيام قليلة من إجراء انتخابات هذه السنة، فقد اجمع المراقبون على انعدام الأمن وسيطرة الفوضى في عدد من المناطق مما سيؤثر على قرارات الناخب الأمريكي في الاختيار.

ومن ابرز مظاهر غياب الأمن، قيام العلامة التجارية العصرية لمعدّات الأنشطة الخارجية، “كوتوباكسي” باستخدام عبارة “مدينة الفوضى” لتبرير إغلاق متجرها في سان فرانسيسكو الذي تعرّض بانتظام لعمليات نهب، حيث أوضح صاحب الشركة “ديفيس سميث” أواخر أكتوبر في منشور له انتشر على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، إن “متجرنا ضحية شبكة لصوص عدة مرات في الأسبوع”. مضيفا “يدخلون بدون أي إزعاج إلى المتجر ويغادرون مع بضائع بقيمة آلاف الدولارات. فريقنا مرعوب”.

و يضمّ حيّ “هايز فالي” حيث يقع متجر “كوتوباكسي”، مقاهي عصرية ومحلات بيع الأثاث الكلاسيكي والمجوهرات الفاخرة، ويُعرف بأنه مكان يمكن فيه مقابلة مستثمرين أثرياء في مجال التكنولوجيا أو مشاهير على غرار ميشيل أوباما زوجة الرئيس السابق باراك أوباما، وليس مكانًا يشهد جنحًا.

وهذا ما جعل من إغلاق المتجر ، يعتبر قيمة رمزية قبل الانتخابات النصفية في الثامن من نوفمبر. وجعل الجمهوريين ينددون في حملتهم الانتخابية بزيادة الجريمة ويتّهمون الرئيس جو بايدن والديموقراطيين بالتساهل في هذه المسألة ، بل أصبح هذا الإغلاق أفضل مثال على مسألة رئيسية في هذه الانتخابات: انعدام الأمن.

واعتبر رئيس جمعية تجار “هايز فالي” وصاحب متجره للنظارات” لويد سيلفرشتاين” أن ذلك شكل “رسالة إنذار”، و أضاف “منذ وقت طويل ونحن نحاول لفت انتباه الشرطة ونقول لهم: لدينا مشكلة هنا”.
وأكد سيلفرشتاين أنه شهد تضاعف عمليات سرقة المحلات في الحيّ. فبعد أن أنشأ مجموعة إنذار كي يتمكن التجّار من الإبلاغ عن اللصوص، يروى أنه “كان يتلقى رسائل كل عشر دقائق”.
انعدام الأمن ليس مشكلة تتعلق بسان فرانسيسكو فقط، حيث أُقيل المدعي العام الديموقراطي تشيسا بودين هذا العام إثر اتهامه بالتساهل.

و حسب استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “غالوب”، فإن الجريمة هي ثاني أكثر مسألة تقلق الناخبين الأمريكيين بعد الاقتصاد . وقد أكد 71 في المائة من الأشخاص المشاركين في الاستطلاع أن ذلك سيلعب دورًا في تصويتهم.

في هايز فالي، يعتبر روبرت بارنويل أن المشكلة ناجمة خصوصًا عن نقص في عناصر الشرطة الذين لم تعد مهنتهم تجذب كثيرين، ويعتبر هذا العضو في لجنة الأمن العام “أنها مشكلة في كاليفورنيا وفي كافة أنحاء البلاد”، محيّيًا العنصرين اللذين يقومان بالدوريات في هايز فالي.

نتيجة ذلك، جعل الجمهوريون من مسألة انعدام الأمن رأس حربة حملتهم الانتخابية، مما جعل الرئيس السابق دونالد ترامب يقول خلال تجمّع انتخابي في ولاية آيوا الخميس، “نحن أمّة .. تنفجر فيها الجريمة التي باتت خارجة عن السيطرة”.

وبلغة الأرقام، خلال النصف الأول من هذا العام، سجّلت 29 مدينة كبرى ، بينها مدن تعتبر معاقل للديموقراطيين على غرار نيويورك ولوس أنجليس وسان فرانسيسكو، زيادة في الاعتداءات على الممتلكات، بحسب مجموعة “كاونسل أون كريمينال جاستس” للأبحاث، في المقابل، سُجّل تراجع في جرائم القتل والسطو المسلّح.

من جهة أخرى، ندد الديموقراطيون بما اسموه مبالغة الجمهوريين في هذا الأمر، وقالت المرشحة الديموقراطية السابقة للرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون عبر شبكة “سي إن إن” هذا الأسبوع، إن الجمهوريين “لا يتمنّون حلّ المشكلة … يحاولون فقط إثارة الخوف والتوتر”، متّهمة الولايات الجمهورية بالإعلان عن معدّلات جريمة أعلى مما هي في الواقع.

في سان فرانسيسكو، يشعر الناخبون بأنهم متروكين في مواجهة لعبة المواقف هذه ، ويقول أنتوني جاكسون في حيّ تيندرلوين “كيف يمكن أن نعيش هكذا؟”، مشيرًا بيده إلى نحو عشرة مشرّدين على الرصيف.

واعتبر هذا المدرّس البالغ 58 عامًا أن الأمر ليس على عاتق “الشرطة وحدها أو المدعي، علينا نحن جميعًا أن نعمل معًا”.

وأضاف “لكن بدلًا من ذلك، لدينا فقط سياسيون يوجّهون أصابع الاتهام لبعضهم بعضًا”.

زر الذهاب إلى الأعلى