بقلم : يونس التايب
أعتقد أننا عشنا بمناسبة افتتاح منافسات بطولة “قلة الحياء و قلة الشان”، لحظة تاريخية غارقة في البؤس و النتانة، بصم عليها الجمهور الجزائري داخل الملعب، لأول مرة في تاريخ كرة القدم في العالم، من خلال هيجان جماعي وصراخ مليء بالسب و الشتم الخبيث ضد شعب دولة جار.
بعض المصادر الإعلامية قالت أن النظام وضع عناصر مجندة في المدرجات لتلعب لعبة جر باقي الجمهور لدائرة السوء. لكن المؤسف أن الجمهور كان مستعدا و انخرط بكل أريحية في الصراخ والهيجان. لذلك، في اعتقادي أن ما قيل في المدرجات، من كلام مليء بالكراهية و الحقد تم فيه نعت الشعب المغربي “المروك” بأوصاف مشينة، هو إعلان رسمي عن موت النخوة والأخلاق لدى جزء كبير من الشعب الجزائري، و انتقال مشاعر العداء ضد المغرب لديه إلى مستوى خطير و غير مسبوق، كتتويج لسياسة التحريض التي انتهجها النظام العسكري الحاكم الذي ورط شعبه في ديناميكية كراهية وعداء مجاني للمغرب والمغاربة دون أن يفهم الجزائريون الجدوى من كل ذلك الهوس. فقط، المطلوب منهم أن ينخرطوا في التطبيل لكل الإساءات التي تمارس ضد المغرب و الاستعداد لكل الجرائم التي قد يحاول النظام العسكري الفاسد اقترافها مستقبلا ضد بلادنا، على واجهات متنوعة.
لست من هواة المغالاة وتضخيم الأمور، لكنني شعرت أنه تم كسر حاجز نفسي غير مسبوق، وأصبحنا أمام نظام حاكم و شعب تابع له، خرجوا نهائيا من دائرة العقل و الانضباط لأية منظومة قيم، وعلينا أن نتوقع منهم كل سوء. نعم، كل سوء و كل شر.
لقد مرت 47 سنة والنظام الجزائري يمول الانفصال و الإرهاب ضد الوحدة الترابية للمملكة المغربية، ويخدر عقول مواطنيه بسياسة إعلامية للتحريض المستمر ضد “المروك”، و لم تأت مجهوداتهم سوى بالفشل في النيل من مصالح بلادنا أو النجاح في تشتيت صفنا الوطني، و لم تنفع في شيء ملايير دولارات الغاز والبترول التي تم صرفها على فلول عصابات البوليخاريو. و لأن النظام الحاكم هناك أصبح على قناعة بأن القضية خاسرة، فهو يبدو مستعدا لاقتراف أي عمل مشين في المستقبل للخروج من الورطة التي وضع نفسه فيها.
وقد يأتي ذلك العمل المشين المتوقع في مستقبل قريب جدا، بعد أن تأكد قرب سقوط ورقة التوت عن منظومة فساد سياسي واقتصادي لم تأت بجديد و لم تحقق الوعود لشعبها، بل سار العسكر بالقوة “الضاربة” في اتجاه حائط صلب ستنكسر عليه كل أحلام و مؤامرات القوم البؤساء. ذلك، من الضروري أن ننتبه و نركز مع ما يجري، و نرفع درجة اليقظة على كل المستويات، ونتحرك ديبلوماسيا ليعرف العالم أجمع أننا لم نعد أمام جار عادي، بل صرنا أمام جار يجاهر فيه النظام و جزء كبير من الشعب بالعداء الصريح، كأن القوم بهم مس أو حالة مستعصية من الجنون.
بإذن الله، سنستمر موحدين وراء ملكنا و مؤسسات دولتنا. و لن يزيدنا ما يجري من عداء ضد شعبنا الأصيل إلا حرصا على تعزيز الثقة في وطننا وتقوية التضامن والتآزر لرفع تحديات التأهيل والتنمية المدمجة لجميع أبناء الوطن.
أما الجمهور الذي سبنا أمام كاميرات وسائل الإعلام العربي والدولي، فسنترك الحكم عليه لكل المتابعين العرب و الأفارقة الذين سيقارنون بين سلوك الجمهور المغربي في مدرجات ملاعب قطر خلال المونديال، وبين مجمع البؤساء الذين رأيناهم يصرخون كالمعتوهين و سمعنا ما قالوه في حق الشعب المغربي الأصيل الذي يعرف العالم قدره و قيمته و رسوخه الحضاري.