أخبار دولية

مظاهرات الجزائر.. سجن كبار رموز بوتفليقة واستمرار الاحتجاجات الشعبية

مر أسبوع الجزائر بـ"أكبر زلزال سياسي" في تاريخ البلاد منذ بدء الحراك الشعبي في 22 فبراير 2019، بعد سجن "رؤوس الدولة العميقة"، وهم شقيق بوتفليقة ورئيسا جهاز المخابرات السابقان، حيث وُجهت لهم تهم "التآمر على سلطتي الدولة والجيش". 

كما وجّه القضاء الجزائري تهماً بـ"التجسس" ضد حميد ملزي المدير السابق لـ"إقامة الدولة" (منتجع سكني فاخر يقيم به كبار مسؤولي الدولة)، وأمر بإيداع زعيمة حزب العمال الاشتراكي لويزة حنون الحبس المؤقت بعد الاشتباه بعلاقتها مع رئيس جهاز المخابرات السابق محمد مدين.

وفي الوقت الذي جدد فيه رئيس الجزائر المؤقت الدعوة للطبقة السياسية للدخول "في حوار جدي"، ورفض المؤسسة العسكرية "مرحلة انتقالية جديدة على مقاس المطالبين بها"، تلقى بن صالح الرد من الشارع بعد خروج طلبة الجامعات في مظاهرات رافضة لبقاء رموز نظام بوتفليقة على رأسها "الباءات الثلاث".

"باء" واحدة منها ظهرت المؤشرات الأولى على رحيلها خلال الأسبوع المنصرم، بعد مطالبة نواب الحزب الحاكم في البرلمان الجزائري برحيل رئيسه معاذ بوشارب، الذي يعد من أكبر المطالَبين بالرحيل من قِبل ملايين الجزائريين، مع توقعات باستمرار الحراك الشعبي في شهر رمضان.

ووسط سخونة الساحة السياسية، استقبل الجزائريون شهر رمضان المبارك بلهيب في أسعار المواد الغذائية والخضر والفواكه، رغم الإجراءات الحكومية للتحكم فيها، ليجد المواطن الجزائري نفسه أمام أسواق فرضت أسعارها على الجميع.

رموز بوتفليقة بالسجن

 

وفي الأحد الماضي، أمر القضاء العسكري بإيداع السعيد بوتفليقة ورئيسي جهاز المخابرات السابقين الجنرالين محمد مدين وبشير طرطاق السجن المؤقت، بتهم "المساس بسلطة الجيش والمؤامرة ضد الدولة"، مع تكليف قاضي تحقيق عسكري بمباشرة إجراءات التحقيق معهم، وهو ما أجمع المراقبون على وصفه بـ"الزلزال الذي قضى على نظام بوتفليقة".

ووفق مراقبين، فإن الأشخاص الثلاثة يمثلون رؤوس أجنحة داخل الدولة العميقة، عمر واحد منها يقارب 30 سنة، ويقود "مؤسساتها الأمنية والعسكرية" رئيس جهاز المخابرات الأسبق وهو الجنرال المتقاعد محمد مدين المعروف بـ"الجنرال توفيق صانع الرؤساء"، فيما يقود جناحها "المالي والاقتصادي" رجل الأعمال يسعد ربراب الذي رفض القضاء الجزائري الأسبوع الفارط طلب الإفراج المؤقت عنه.

أما الجناح الثاني فيقوده السعيد بوتفليقة شقيق ومستشار الرئيس الجزائري المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة، برفقة رئيس جهاز المخابرات السابق الجنرال بشير طرطاق، ويتولى جناحها المالي علي حداد رجل الأعمال القابع في سجن الحراش بالجزائر العاصمة منذ أواخر مارس/آذار الماضي، وهي المعلومات المتطابقة مع ما ذكرته مصادر أمنية مطلعة لـ"العين الإخبارية".

وذكرت أن "الأجهزة الأمنية توصلت إلى معلومات دقيقة عن إعطاء الموقوفين الثلاثة أوامر لجهات وخلايا نائمة في منطقة القبائل لإعلان تمردها على الدولة بإدخالها في حال من الفوضى وعصيان مدني من خلال مخطط محكم بدعم من جهات خارجية".

كما أمر، الثلاثاء الماضي، قاضي التحقيق بمحكمة سيدي أمحمد في الجزائر العاصمة بإيداع حميد ملزي المدير السابق لـ"إقامة الدولة" وشركة الاستثمار الفندقي الحبس المؤقت، بعد أن وجه له تهماً بـ"التجسس والفساد".

وذكر التلفزيون الجزائري الحكومي أن ملزي يواجه تهماً تتعلق "بجمع معلومات اقتصادية من أجل تزويد دولة أجنبية بها، واستغلال المنصب والحصول على امتيازات غير مشروعة".

وجاء ختام الأسبوع بقرار المحكمة العسكرية إيداع رئيسة حزب العمال لويزة حنون الحبس المدني المؤقت، على خلفية التحقيق معها في قضية التهم الموجهة لسعيد بوتفليقة ورئيسي جهاز المخابرات السابقين الجنرالين محمد مدين وبشير طرطاق.

وأكد التلفزيون الجزائري، الخميس، أنه "تم استدعاء لويزة حنون من طرف قاضي التحقيق العسكري بالمحكمة العسكرية بالبليدة لسماعها بخصوص الوقائع في إطار مواصلة التحقيق المتواصل ضد كل من عثمان طرطاق ومحمد مدين والسعيد بوتفليقة".

غير أن القضاء الجزائري العسكري لم يصدر بياناً توضيحياً كما حدث مع بقية الشخصيات الموقوفة عن أسباب توقيف لويزة حنون والتهم الموجهة لها.

بن صالح وقايد صالح يتمسكان بالحوار

وخاطب الرئيس الجزائري المؤقت الجزائريين، خلال الأسبوع المنصرم للمرة الثانية منذ توليه رئاسة البلاد مؤقتاً أوائل أبريل/نيسان الماضي، داعيا الحراك الشعبي والطبقة السياسية إلى تجاوز الخلافات ووضعها جانباً لما تمر به البلاد من ظرف استثنائي.

كما أكد ضرورة البحث عن حلول توافقية لإنهاء الأزمة السياسية، وتعهد في المقابل بـ"ضمان التغيير الجذري الذي يطالب به الحراك على نظام الحكم في ممارساته ورجاله".

ورغم وصف المراقبين لخطاب بن صالح بـ"اللاحدث" مقارنة مع مطالب الحراك الشعبي، فإن متابعين أشاروا إلى بروز مؤشرين جديدين في كلمة رئيس الجزائر المؤقت الأخيرة، متعلقين بـ"نفي" بن صالح الضمني لوجود خلاف مع الجيش.

وذكر متابعون ومحللون سياسيون أن بن صالح وجه رسالتين مفادهما "أن مؤسستي الرئاسة والجيش متوافقتان في مسألة الحوار وإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها (68 مترشحاً محتملاً)"، وهو الحوار الذي اعتبره قائد أركان الجيش الجزائري الحل الوحيد للخروج من الأزمة.

أما النقطة الثانية المتفق عليها بين المؤسستين الجزائريتين هي قضية محاسبة كل الضالعين في قضايا فساد والتآمر على الدولة".

غير أن طلبة جامعات الجزائر قابلوا دعوة رئيس البلاد المؤقت للحوار بالرفض "المطلق"، وخرج مئات منهم في اليوم الأول من شهر رمضان بالجزائر، الإثنين الماضي، مطالبين إياه بالرحيل مع الحكومة ورئيس البرلمان (معاذ بوشارب)، ومحاسبة رموز الفساد.

مظاهرات مليونية

وتصاعدت الدعوات في اليومين الأخيرين من الأسبوع المنقضي للخروج في "مظاهرات مليونية" ضد بقاء رموز نظام بوتفليقة، داعية إلى تشكيل حكومة توافقية وإنشاء لجنة مستقلة لمراقبة الانتخابات، تحت شعار "لا نريد انتخابات تحت إشراف العصابات".

وفي خضم تواصل الحراك الشعبي الذي أخرج بوتفليقة من الحكم وعجل باستقالة الطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري، ظهرت مؤشرات رحيل رئيس البرلمان معاذ بوشارب، بعد أن وقع نواب حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم (صاحب الأغلبية في البرلمان الجزائري) عريضة تدعو بوشارب إلى "الاستقالة الفورية والانسحاب الودي من رئاسة البرلمان".

ووقع على العريضة، نواب بوشارب وأعضاء اللجان الدائمة في البرلمان، دعوه فيها إلى "الانسحاب من رئاسة المجلس ودياً حفاظاً على سمعتكم وتماسك الحزب، في مسعى يتناغم مع مطالب الحراك الشعبي".

وهدد الموقعون بـ"مقاطعة كل نشاطات وأشغال البرلمان في حال عدم الاستجابة الفورية لمطالب الشعب المرفوعة"، وفق البيان. 

الأسواق تتحدى المواطن والحكومة في رمضان

دخل شهر رمضان على الجزائريين بارتفاع كبير في أسعار مختلف المواد الغذائية والخضر والفواكه ذات الاستهلاك الواسع.

ولم تشفع الإجراءات الحكومية "الصارمة" لضبط أسواق السلع خلال شهر رمضان من ارتفاع الأسعار، حيث قررت وزارة التجارة الجزائرية فتح 530 سوقاً مع إعادة تهيئة 171 سوقاً مغطاة تضاف إلى 866 سوقاً أخرى عبر كامل محافظات الجزائر.

أسعار البطاطا في الأسواق الجزائرية

وبهدف كسر محاولات احتكار الأسعار والأسواق، بلغ حجم تموين الأسواق الجزائرية خلال الأيام الثلاثة الأولى من شهر رمضان 130 ألف طن من الخضر والفواكه واللحوم.

غير أن المتجول في الأسواق والمحلات الجزائرية يجد واقعاً آخر كما حدث في السنوات الماضية، في ظل الأرقام الخيالية التي يضعها الباعة على سلعهم.

وأطلق الجزائريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملة لمقاطعة المواد الاستهلاكية التي شهدت ارتفاعاً.

واعتبرت جمعية حماية المستهلك، أن "مقاطعة شراء تلك السلع بطريقة حضارية يسهم في إحداث التغيير"، ويجبر تجار الجملة والتجزئة على خفض الأسعار.

المصدر: الدار – وكالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

12 − أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى