بصمات فضالية: الحلقة الخامسة مع يونس موهوب
الدار/ إعداد: بوشعيب حمراوي
لكل مدينة وقرية رائدات ورواد، بصموا بمعادن نفيسة في سجلات تاريخها الحضاري. ساهم كل من زاويته وتخصصه في نهضتها وتطورها في كل المجالات..
مدينة الفضاليين.. ومشتل قبائل المجدبة وزناتة والشاوية… واحدة من تلك المدن التي تحتفظ بأرشيف ثقيل ووازن يستحق الذكر والتذكير والإشادة.. مدينة حظيت باسم ملكي (المحمدية)، نسبة إلى الملك الراحل محمد الخامس.. واستحقت في فترات من صيرورتها أن تلقب بمدينة الزهور والرياضات الأنيقة. بفضل نساءها ورجالها المبدعين، المكافحين.
نسعى من وراء سلسلة (بصمات فضالية)، أن نسلط الضوء على هؤلاء وأولئك الذين واظبوا على إشعاع نور الأمل والتحدي والمثابرة بالمدينة. شخصيات محلية تألقت في مجالات متعددة محليا ووطنيا ودوليا.
نجوم فضالية برزت في كل مناحي الحياة.. كانت القدوة والقائد والنموذج التنموي المفروض أن يحتذي به الأطفال والشباب… وسيكون لمآثر ومعالم ورموز المحمدية نصيب من هذه السلسلة.. حيث الحديث عن قصص مثابرة وتحدي وكفاح ونجاح وتميز وصمود … تشهد بها المدينة وسكانها وكل الوطن..
بصمات رمضانية.. الحلقة الخامسة: يونس موهوب العائد من جحيم الإعاقة
بصم الشاب الفضالي يونس موهوب لاعب شباب المحمدية السابق، على صمود وكفاح ناذرين، بتحديه الإعاقة، والعودة إلى الحياة والتميز. بعد تعرضه لحادثة سير، فقد إثرها ساقه ورجله اليمنى. حادث دهس وقع يوم الجمعة 4 يونيو من سنة 1999، تسبب فيه سائق متهور ، مهاجر بالديار الإيطالية، كان يقود سيارته نوع ميرسديس في حالة سكر وبسرعة فائقة. كان اللاعب يونس في ربيعه الـ18، قد أنهى حصته التدريبية بشاطئ بالوما، متوجها نحو منزله، حيث كان بعدها على موعد مع مباراة نهائي دوري بالمدينة.. فر السائق لكن شهامة بعض سائقي سيارات الأجرة الكبيرة، كانت له بالمرصاد. حيث تمت مطاردته وإيقافه وتسليمه لعناصر درك المرور.
وجد يونس نفسه ملقى بالطريق الساحلية بين المحمدية والبيضاء، ملطخ بالدماء، يعاني من آلام حادة. فقد انكسرت ساقه اليمنى، ولم يعد يربطها بجسده أي رابط. تلك الساق التي جعلت مدربي شباب المحمدية حينها، يأتون به من فريق الشبان إلى فريق الكبار. حيث لم يمر على بداية تداريبه ضمن كبار شباب المحمدية، سوى أسبوعين.
فجأة وجد يونس نفسه، قد تلقى الورقة الحمراء بالطرد ليس فقط من مباراة أو من بطولة.. ولكنه طرد نهائي مدى الحياة من ممارسة كرة القدم. حدث هذا في وقت كان فيه مهووسا بالكرة المستديرة. وكان قد سطر أحلاما لمستقبله الرياضي.. حيث التألق والاحتراف وحصد البطولات والكؤوس.. لكن تبخر كل الأحلام وحولها سائق متهور إلى كوابيس
سائق متهور يفسد أحلام موهوب
كتب يونس موهوب بمداد من الدم والدموع يقول: ''قصتي تتجلى في كوني كنت لاعبا في صفوف شباب المحمدية، ترعرعت في جميع الفئات، وكانت لي أحلام وطموحات كثيرة أولها ضمان رسميتي في فريق الكبار ثم حمل قميص المنتخب الوطني، ولم لا الاحتراف في فرق عالمية، لتمثيل بلدي والتتويج بالبطولات. خصوصا بعدما كنت أتلقى بعض التشجيع من طرف المدربين والأصدقاء الذين كانوا يعتبرونني لاعبا موهوبا. امتاز بلياقة قوية، وأمتلك مهارات وتقنيات عالية في المنازعات وإحراز الأهداف .. وهي تشجيعات ساعدتني لتحفيز نفسي وتخطي الصعوبات وأكون في مستوى تطلعاتهم. لكن شتان بين الأحلام والحقيقة .. لابد أن نردد قول الله تعالى في سورة التوبة الآية 51: قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.
… ''فقد تعرضت لحادثة سير خطيرة وموجعة عندما كنت عائدا من إحدى الحصص التدريبية رفقة فريقي شباب المحمدية والتي فقدت على إثرها رجلي اليمنى على التو عندما صدمتني سيارة أجنبية كان سائقها متهورا في حالة سكر وأراد أن يقوم بحركات بهلوانية لكن فقد السيطرة. فصدمني صدمة عنيفة جعلتني أعيش بساق واحد متحديا كل الصعوبات.
…''كنت مهووسا بكرة القدم منذ طفولتي، وفي الوقت الذي تحققت أمنيتي بداية الموسم من سنة 1999، عندما تم انتقائي من وسط مجموعة من الأطفال، كانت رغبتهم الالتحاق بنادي شباب المحمدية الذي تدرجت في كل فئاتها العمرية. وبعدها انتقائي ضمن فريق الكبار قبل أسبوعين من الحادث الفاجعة. حيث كنت أتلقى التشجيع من مجموعة من الأساتذة والمؤطرين أذكر منهم.. حميدو الوركة، شان، محفوظ..
صدمة ما بعد الحادث وزاوية المعالجة النفسية لنزهة لخميري
صدمة ما بعد فقدان عضو من الجسد غالبا ما نتحدث عن الوفيات الناتجة عن حوادث السير وقليلا ما نتطرق للضحايا المصابين بإعاقات جسدية دائمة. فهل نتساءل عن مصير الضحية؟ نحن أمام شخصية السيد يونس موهوب الذي استطاع بعد معاناة جسدية ونفسية إثر بتر ساقه بعد حادثة مفجعة أن يتخطى عقبات ما بعد الصدمة . لقد مر السيد يونس بمعاناة ما نسميه بمفهوم (اضطراب ما بعد الصدمة). واجه على إثرها صعوبات وصدمات نفسية جسدية اجتماعية .. نكران الحقيقة "هذا حلم ما يمكنش .. العضو الشبح : "ما زال كنحس برجلي.. اللوم: "الآخر هو سبابي" . علاش غير أنا المصاب"؟ .. عبارات فيها معاناة كما تساهم في التخفيف من معاناة الوضع الجديد.. تعنيف الذات والغضب: أنا نستاهل، لو كان غير مت..
هذه المرحلة فيها انقطاع وانفصال عن العالم الخارجي ومن ثم انعزال حزن ويأس وأفكار وسواسية عن المستقبل (مساومة). حالة موالية لما مضى لتخفيف المعاناة النفسية ومحاولة تقبل الوضع الجديد: غادي نأخذ الدواء باش نشوف هذا العلاج.. اكتئاب هو ليس بالاكتئاب المعروف لدى الطب النفسي، هي حالة مرارة نفسية وأسى وحسرة . اكتئاب وخسارة جسدية، على صورة الجسم الجميلة اللي فقدها و لن يسترجعها، فقدان عضو جسدي ووظيفته يتسبب له في شعور بالدمار والعجز مما يؤدي إلى اضطراب في الثقة بالنفس فيقول مثال : "أنا والو" أو " ما بقيت صالح لوالو" 10 التقبل .. هنا يكمن دور المعالج النفسي بقوة باش يرجع الثقة في نفس الضحية ويجعله يتقبل نقصه ويتعود عليه ليعيش به، هو ليس معوق ولكن يعيش إعاقة التعايش مع الوضع الجديد وخلاصة القول. كل إعاقة بدنية بعد حادثة سير هي إعاقة أيضا اجتماعية : منصب، دور، مشروع، مدخول مادي، إنجاز، وبالتالي يبتعد الضحية عن نظرة الآخرين لأنه غير قادر على المواجهة، الإحساس بالعجز، إعادة إدماجه اجتماعيا مهنيا تبقى من الضروريات، كما أن دعم الأسرة معنويا يساعد أيضا على تخطي الأزمة. ويبقى الوقت عاملا مهما للتكيف مع الوضع الجديد وتقبل فقدان العضو والعيش بدونه كما هو الشأن للبطل السيد يونس موهوب.
رحلة العلاج والعذاب
نقل الضحية يونس في وضعية نفسية وصحية جد متدهورة إلى مستشفى محمد الخامس بالدار البيضاء، ومنه إلى المستشفى الجامعي ابن رشد لتلقي العلاج. وطبعا فقد تم بتر الساق ومعها الرجل اليمنى. ولم يعد هناك أمل لاسترجاعها.
عاش يونس ألام العزلة والإحباط واليأس، ولم يعد يجد للحياة أي معنى. لكنه لقي أحضان رياضية واجتماعية هدأت من روعه، وأعانته على الصمود والكفاح من أجل عالم بديل. بعدها تم التواصل مع الدكتور عبد الإله الرشيدي أخصائي جراحة العظام. الذي وعده بتدبير ساق ورجل اصطناعية. ستكون بديلا لتلك المبتورة. وتم اقتناء الرجل..
بداية الانفراج النفسي والعودة للحياة
قال يونس إن بداية الانفراج أتت بعد المواكبة الإعلامية . حيث وجه نداءات من أجل دعمه ومساعدته لتجاوز محنته. وأكد أنه تجاوب كبير من مختلف ربوع المملكة. وتلقى مبادرات طيبة.أبرزها الالتفاتة المولية للملك محمد السادس. وكذا من الجنرال حسني بن سليمان الذي كان حينها رئيس للجماعة الملكية لكرة القدم. كما تلقى مبادرات إنسانية من طرف بعض نجوم الرياضة. كما تلقى وعدا بالعمل من طرف شركة. وهو ما عاد الحياة إلى الجسمية. وتزود بالإيمان القوي من اجل تحدي الإعاقة. مبادرات علمته الصبر والقناعة والرضا وأن الإعاقة لا يمكن أن توقف طموحات الإنسان.
حكاية موهوب مع الرجل الاصطناعية
تمكن موهوب من التواصل مع إحدى المنظمات الدولية، مقرها بالحي المحمدي بالدار البيضاء، يرأسها الدكتور عبد الإله الرشيدي. حيث حصل على ساق ورجل اصطناعية بتقنيات محترفة. وتابع التدريب على هذه الساق والرجل لأزيد من سبعة أشهر. فكان لابد من أن يخوض معركة حقيقية مع نفسه وهواجسه، ليتمكن من مداومة التداريب، والصمود وعدم اليأس. رغم ما تفرزه التداريب من تعب وإرهاق.. وما تتطلبه من جهود كبيرة. بعدها كان عليه أن يعتمد عليها في المشي والتنقل من أجل الدراسة وقضاء حوائجه اليومية.
وقد نجح في كفاحه وصموده، واستطاع ترويض البديل الاصطناعي، والتكيف معه تدريجيا. وتجاوز صعوبات نزع وتركيب الساق والرجل يوميا. وأصبح العضو الاصطناعي الجديد جزء من جسده. بل إنه صمم على متابعة دراسته. حيث حصل على دبلوم في التجارة وتسيير المقاولات. بل إنه أصبح نموذجا يحتدا به كشخصية هزمت الإعاقة، وقهرت كل العوامل النفسية. وبات يقوم بأدوار تحسيسية وتحفيزية لذوي الاحتياجات الخاصة. ويحثهم على الكفاح والصمود. ويؤكد لهم أن بإمكانهم منافسة الأشخاص العاديين، والتفوق عليهم في عدة مجالات. بات ينادي بالتحرر من عبودية الإعاقة، حيث أطلق عبارة دونها في كتابه (العائد): يا كل معاقي الدنيا كونوا أسياد أنفسكم وتحرروا من عبودية وقيود وسلاسل شيء اسمه الإعاقة.
عودة موهوب لممارسة الرياضة
تحدي وصمود موهوب، لم يقف عند رغبته في المشي والسياقة وقضاء خدماته الشخصية، والأسرية اليومية.. ولم يقف عند إصرارها على متابعة دراسته. وتميزه في عمله.. بل تعداه إلى إرغام الجسد على العودة لممارسة الرياضة. وإن لم يكن البديل الاصطناعي سيمكنه من معانقة كرة القدم معشوقته من جديد. فإنه استبدلها بممارسة الجري وكمال الأجسام واللياقة البدنية. وتمكن من ترويض الساق والرجل الاصطناعيتين. والاندماج في مسار حياة رغدة وصفها في كتابه بـ(الأحلى من العسل).
فتح صيدلية على موقع الفايسبوك
قال يونس موهوب إنه بسبب تزايد الحالات المشابهة، قد تم فتح صيدلية في صفحته على موقع التواصل الإجتماعي الفايسبوك. وهي صفحة للدعم النفسي، ينشر بها يومياته عن الإعاقة تحت عنوان (وتستمر الحياة)، من أجل تحفيز ضحايا بتر الأعضاء والإعاقات الجسدية على التحدي وتخطي الصعاب. كما يتواصل من خلاله مع الضحايا والبحث معهم عن سبل إيجاد الدعم وحثهم على الصمود.كما سافر لعدة بلدان أوروبية وعربية من أجل أغراض مختلفة، حيث تلقى عدة دعوات من طرف مؤسسات متخصصة في الإعاقة. من أجل عرض تجربته وسط أجناس مختلفة.
شهادات في حق يونس موهوب
تضمن كتاب موهوب شهادات مختلفة لرياضيين وجمعويين وإعلاميين ثمنوا عاليا صموده وكفاحه، وقهره للإعاقة. نذكر منها شهادة محمد النصيري أحد أبرز المسؤولين الذين عايشوا شباب المحمدية، وواكبوا كل مراحل سيرة ومسيرة يونس موهوب. كذا محمد شروق الإعلامي والشخصية التي هزمت داء السرطان وتلذذت بفضح جبنه وضعفه.
شهادة محمد النصيري المدير العام السابق للمجموعة الوطنية لكرة القدم :
الإيمان والإرادة وحب الحياة، وإيمانك القوي بقدر الله سبحانه وتعالى قهرت الإعاقة ومعاناتك التي لا تطيق حملها الجبال. وبهذا الإيمان سقيت شجرة الإرادة وحب الحياة في أعماق نفسك وفي نمط حياتك فأقبلت على الحياة مؤمنا بقدراتك الفكرية والنفسية قبل البدنية والجسدية وأدركت أن إثبات الذات وسط المجتمع يعتمد على حسن الاستفادة من القدرات والملكات الفردية فأقبلت على الحياة جاعلا من الإعاقة وسيلة لركوب كل التحديات ومواجهة كل الموانع لتندمج في المجتمع بنضالك وقدراتك.
ابني يونس… تأكد أنك نموذج صالح للإنسان الذي جعل الإعاقة وسيلة إيجابية لتكوين شخصية متكاملة روحيا وفكريا وجسديا عوض أن تكون الإعاقة وسيلة لجلب العطف والمواساة. أنت عندما تقدم نفسك شابا رياضيا وراضيا بقضاء الله وقدره وأنت تمارس رياضتك المفضلة لديك قبل الحادثة المؤلمة. فأنت تبعث رسالة نبيلة لكل شاب مثلك ليكون أقوى وأكبر من الصدمات. وعندما تقدم على توثيق نموذج إيجابي لكل شاب يفتخر ببطولة فكرية متميزة بكتابة سهلة ومعبرة وصادقة وواضحة عن حياته التي كانت قضاء وقدرا عليه فجعل منها حياة لها مكانة داخل المجتمع بكل صفات المسؤولية والعطاء.وعندما أقبلت على الحياة بتكوين أسرة صالحة ترسخ المعاني الفاضلة للوجود البشري بكل تجلياته فأنت تتصالح فعال مع القدر بأنك تجسد شكر الإنسان لله سبحانه وتعالى الذي خلقه في أي صورة ما شاء ركبه.
إبني يونس أقبلك داعيا لك ولأسرتك بحياة سعيدة وبطول العمر وحسن الخاتمة. ما أجمل قول أبي القاسم الشابي: ومن لا يحب صعود الجبال *** يعش أبد الدهر بين الحفر.
شهادة من محمد شروق صاحب كتاب "أنا والسرطان":
يونس موهوب أجمل عنوان للتحدي والأمل: إذا كنت تبحث عن عنوان للتحدي وعن رمز للأمل فلن تجد غير يونس موهوب. أنا محمد شروق المواطن المغربي الذي يفتخر بأنه أول من تعامل مع مرض السرطان بكيفية مختلفة وشجاعة عن طريق نشر تجربته على شبكات التواصل الاجتماعي وعن طريق كتاب، وأستحق بذلك لقب قاهر السرطان، بل حولت اسمه من الفتاك والقاتل وغيرها من الأوصاف الهدامة إلى المرض الجبان. أنا محمد شروق، عندما أقف إلى جانب يونس موهوب أشعر بأنني لم أقم بأي شيء ولا شيء .فمجرد أن أتخيل ما وقع ليونس من حادثة سير قبل عشرين سنة يدخلني في حالة رعب شديد. لاعب كرة في قمة العطاء والشباب يفقد رجله في لمحة بصر .. في رمشة عين انتقل حلم احتراف كرة القدم إلى كابوس مزعج.. ومع ذلك استطاع يونس أن يبني ذاته و يؤسس حياته من جديد، يكمل دراسته ويصبح إطارا عاليا في شركة عالمية. يسعني إلا أن أنحني أمامه بكل احترام و تقدير. تعرفت على يونس موهوب عبر شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك. كلامه الطيب وتعاليقه المشجعة قربتني من الرجل، وتكون لدي انطباع مع مرور الوقت كما لو أننا صديقان من زمان.
زوجة صالحة وسعادة أسرية
قال يونس: يوم قررت الزواج اخترت لنفسي امرأة طيبة من أسرة خلوقة. أعانني الله بها على أمر ديني ودنياي، و في مرحلة وجيزة جدا عوضتني عن جميع تعبي إضافة إلى تغيير مكونات حياتي بحيث لم أشعر يوما أنها تشفق علي أو تحسن إلي رحمة بي بقدر ما كانت تعتبرني زوجا كفؤا لها. لا أجد أدنى مشكلة في حضنها لأن أخلاقها منبعثة من روح الإسلام تحرص على خدمتي وتحرص أيضا على جميع واجباتها الدينية. حتى إنها توقظني لاداء صلاة الفجر. كي نؤديها معا، كما أنها تشجعني على الاستمرار في فعل الخير والبر بالوالدين وتحسن معاملة أمي وأبي وإخوتي وتشعرهم جميعا أنها واحدة منهم. ما أروع أن أكون قريبا من زوجتي وأبنائي الأربعة (منال، أحمد، محمد، مالك).
من مريض إلى طبيب وداعم نفسي
تحول يونس من مريض يتلقى العلاج النفسي والعضوي والدعم والرعاية، إلى شخصية داعمة لأشخاص عديدين تعرضوا بعده للحادث نفسه. بل إنه أصبح طبيب يداوي هؤلاء المصابين الجدد من أمراض الكآبة واليأس والإحباط. بات مطلوبا بالمغرب وخارج المغرب من أجل طرح سيرته ومسيرته مع البتر والكفاح والصمود والقبول بالجسم الغريب، وترويضه ليكون جزءا لا يتجزأ من باقي أعضاء جسمه. ويحكي في كتابه (العائد.. وتحديات الإعاقة). عن حالات لأطفال ونساء ورجال تعرضوا لبتر أطراف من أجسامهم. وتمكن أن يخرجهم من فترات العزلة والإحباط.. وأن يقودهم إلى واجهة البحث عن حياة جديدة توافق ما تيسر من أطرافهم العادية والاصطناعية. وأحيى وأسعد بذلك أسر كانت تعيش أزمات الإعاقة المفاجئة.