المواطن

طرائف المحكمة: القاضي ينبّه محام: “راك تادخل وتخرج في الهضرة” (الحلقة 5)

الدار/ عفراء علوي محمدي

كثيرا ما تشهد المحاكم طرائف و"قفشات" واقعية تكاد تتحول إلى نكت، ما يجعل بعض الظرفاء بمختلف دول العالم يخصصون جوائز سنوية لأحسن الأحداث القضائية طرافة وغرابة.

ولا تسلم المحاكم المغربية من هذه النوادر التي لا يعاينها، في الغالب، سوى القضاة والمحامون بفعل احتكاكهم اليومي بالمجال، بالإضافة لبعض الشهود العيان الذين حضروا تفاصيلها وأحداثها، بينما تبقى بعيدة على مرأى ومسمع أغلب المواطنين.

في هذه السلسلة، يعمل موقع "الدار" على نقل أكثر القصص القضائية طرافة وغرابة على لسان مجموعة من المحامين، يرونها بسخرية وخفة دم طيلة شهر رمضان، وهي الأحداث التي تبدد، بشكل سحري، طابع جلسات المحاكم الجدي، وتجعل مواقفها قريبة إلى الطرافة منها إلى الريبة والصرامة.

في أواسط سنة 2001، شهدت إحدى جلسات المحكمة الابتدائية بتطوان أشهر الطرائف ندرة وغرابة، ينقل إليكم موقع "الدار" تفاصيلها على لسان المحامي الحبيب حاجي، عضو هيئة تطوان.

حكى حاجي عن هذه الطريفة والضحك يغالبه، قائلا: "زميل لنا في مهنة المحاماة، لا داع لذكر اسمه، يمتلك من الكفاءة الشيء الكثير، وقد عرف في الأوساط القضائية بتمكنه وثقته العالية من نفسه، ارتكب عند ترافعه خطأ لا يغتفر، فعجب جميع الحاضرين لأمره، وراهن البعض على أنه "مبوق" ربما، أو ثمل"، وأضاف أن ما حصل كان يعتبر بمثابة "صدمة مضحكة"، وفق تعبيره.

في مستهل الأمر، كان المحامي، المنتمي لهيئة تطوان هو الآخر، "يرمق هيئة الحكم بنظرات القوة والثقة والتعالي، وبمجرد إعطائه الكلمة للترافع، انطلق يدافع عن المتهم في القضية باستماتة، ويحاول ما أمكنه إقناع القاضي بأن الشكاية "كيدية"، وأن جميع الدلائل ضعيفة ولا يمكن أن يعتد بها أبدا في هذا الملف"، حسب تعبير حاجي.

وفي مرافعته، أبرز المحامي التطواني، حسب ما سجل حجي، أن جميع المعطيات المتضمنة في الملف ومحضر الشرطة القضائية لا تثبت إدانته، مهما كان الحال، وبأي شكل من الأشكال، وأنه ليس هناك أي ضرر حاصل للمطالب بالحق المدني في هذه القضية… فاستمر المحامي في الدفاع عن المتهم مستعينا بما ملكه من فن إقناع وخطابة، وتركه القاضي يقول كل شيء، ويفرغ كل ما في جعبته من وسائل دفاعية وحجاجية بغية الانتصار لموكله، والإعلان على أنه بريء، قبل أن يعلق رئيس الجلسة على المرافعة بعد انتهائها: "آسي.. نبغي ننبهك أنك تدافع على الطرف المدني في القضية !!".

بمجرد انتهاء القاضي من عبارته تلك، أبرز حاجي كيف انفجر الكل من فرط الضحك، يقول: "كان صمت رتيب يغمر القاعة، إلى أن اكتشفنا الخطأ الفادح الذي ارتكبه المحامي التطواني، الذي واجه موقفا محرجا في تلك الأثناء، فعمت ضحكات مدوة أرجاء القاعة".

إلى ذلك، لم يجد المحامي أمامه بدا من تغيير مضمون كلامه 180 درجة، فاعتذر من رئيس الجلسة، محرجا، لينطلق يدافع عن المطالب بالحق المدني، بالثقة نفسها، والحماس نفسه، ما زاد من فرط ضحك الحاضرين، من هيئة حكم ومحامين وعموم..

"إن المتهم مدان، فمن خلال اطلاع محكمتكم الموقرة على الملف، سوف تكتشفون أن هناك أدلة تفيد ارتكابه للفعل الجرمي في حق موكله، ما تسبب لموكله أضرارا فادحة"، هكذا، انقلب المحامي يدافع عن الطرف المدني، فقاطعه القاضي مستهزئا: "إيوا هذا هو الدخول والخروج فالهضرة"، حسب ما رواه الحبيب حاجي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

20 − 16 =

زر الذهاب إلى الأعلى