أخبار الدارسلايدر

صدمة ما بعد الحرية.. واقع تجسّده أحداث سلسلة ” كاينة ظروف”

الدار/ كلثوم إدبوفراض

في كل شهر رمضان من كل سنة، تطل علينا قنواتنا الفضائية بجدول غزير من الإنتاجات التلفزيونية، من برامج متنوعة الألوان و الأشكال، و مسلسلات زاخرة بالتفاهة و النمطية في الطرح و الأداء.

لكن في ظل هذا الزخم تمكنت سلسلة “كاينة ظروف” من جعلنا أن نشهد بصيصا من النور في الظلام الذي تكتسيه الإنتاجات الفارغة المضمون، حيث تمكّن من تحقيق المراتب الأولى في ” الطوندونس المغربي”، رغم المنافسة القوية الموجودة مع باقي الإنتاجات التلفزية الأخرى،
وبات حديث الناس بعد انتهاء كل حلقة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقد نجح طاقم العمل في إيصال السيناريو الذي كان تحت إشراف السيناريست ” بشرى مالك”، حيث كان يسلّط الضوء بشكل يلامس الواقع دون تشويه أو مبالغة في تسلسل الأحداث على المصير الذي تعانقه السجينات بعد الخروج من المؤسسة السجنية.

تدور أحداثه عن ثلاث نساء من مختلف الطبقات الاجتماعية، لكن السجن وحّدهن ليصبحن صديقات في حالة من الرباط الإنساني دون الأخذ بعين الاعتبار مستواهن الاجتماعي.

تشاء الأقدار ويتم العفو عنهن واحدة تلو الأخرى ليجدن أنفسهن أمام واقع قاسٍ لا يغفِر، صدمة مدوية عندما تزول انطباعاتهن الأولية عن الحرية التي سيجدونها عند خروجهن تناقض كل توقعاتهن، ليصطدمن بقفص مجتمعي أشدّ وطأة و قسوة من المؤسسة السجنية، ليتبقى أمامهن تحدّ أصعب ألا وهو تحقيق الاتزان النفسي و الحصول على الاستقلالية المادية و الاندماج داخل المجتمع.

أحداث المسلسل ليست بعيدة عن ما تعيشه هاته الفئة من النساء، حيث تعانين القمع و انعدام ٍ للقيمة الذاتية و الدونية من طرف أقرب الناس إليهم، ناهيك عن العلاقات الاجتماعية التي يفتقدونها بعد خروجهن من السجن، بسبب وصمة العار التي تلاحقهن وتفرض عليهن وضعية اجتماعية و علائقية مقهورة تبخس إنسانيتهن.

وضعية المرأة السجينة بعد خروجها من السجن في هذه السلسلة الدرامية، تبيّن محاولة تحقيق نوعا من ” التكامل / مكاملة” عبر استيعابها للتجربة السجنية التي قضتها و صراعاتها و مآزقها و رغباتها و التنسيق بين كل هذا مع ما تواجهه في الخارج بشكل إيجابي و متوازن، من خلال البحث عن فرص الشغل و بداية بناء حياة مستقرة من الصفر بعد أن تخلّى عنهن المجتمع و العائلة.

السلسلة تعتبر نموذجية ، حيث أصبحت تستعيد المبدأ المرجعي للفن باعتباره رسالة توعوية للظواهر الاجتماعية و معالجة المواضيع البنّاءة و الهادفة، بحيث يمكنها تغيير الأحكام المسبقة و الأفكار النمطية التي تطال هذه الفئة من المجتمع، التي أملها الوحيد هو بداية صفحة جديدة مع نفسها.

الجدير بالذكر أن السلسلة من إخراج ادريس الروخ، و سيناريو بشرى مالك، وبطولة كل من راوية ( فاطمى هراندي)، سامية أقريو و ابتسام العروسي و آخرون، و تذاع على قناة الأولى المغربية.

زر الذهاب إلى الأعلى