المواطن

بصمات فضالية: الحلقة العاشرة مع اللاعب إبراهيم كلاوة

الدار/ إعداد: بوشعيب حمراوي

لكل مدينة وقرية رائدات ورواد، بصموا بمعادن نفيسة في سجلات تاريخها الحضاري. ساهم كل من زاويته وتخصصه في نهضتها وتطورها في كل المجالات.. 

مدينة الفضاليين.. ومشتل قبائل المجدبة وزناتة والشاوية… واحدة من تلك المدن التي تحتفظ بأرشيف ثقيل ووازن يستحق الذكر والتذكير والإشادة..  مدينة حظيت باسم ملكي (المحمدية)، نسبة إلى الملك الراحل محمد الخامس.. واستحقت في فترات من صيرورتها أن تلقب بمدينة الزهور والرياضات الأنيقة. بفضل نساءها ورجالها المبدعين، المكافحين. 

نسعى من وراء سلسلة (بصمات فضالية)، أن نسلط الضوء على هؤلاء وأولئك الذين واظبوا على إشعاع نور الأمل والتحدي والمثابرة بالمدينة. شخصيات محلية تألقت في مجالات متعددة محليا ووطنيا ودوليا.

نجوم فضالية برزت في كل مناحي الحياة.. كانت القدوة والقائد و النموذج التنموي المفروض أن يحتذي به الأطفال والشباب… وسيكون لمآثر ومعالم ورموز المحمدية نصيب من هذه السلسلة.. حيث الحديث عن قصص مثابرة وتحدي وكفاح ونجاح وتميز وصمود … تشهد بها المدينة وسكانها وكل الوطن..

—–

معاناة  (القط الكبير) الذي انتزع الكأس الإفريقية الوحيدة

يعتبر اللاعب الدولي السابق أحمد الدلاحي المعروف لدى الأوساط الرياضية ب(ابراهيم كلاوة)، من بين أبرز المدافعين الذين عرفهم تاريخ كرة القدم المغربية. كفاءة وسلوكا واتزانا وامتثالا لتعليمات وأوامر مدربيه. وغيرة وطنية أكيدة، في وقت لم يكن لكرة القدم، مكاسب مالية محفزة.  ولا حتى تعويضات تمكن اللاعب من اعتمادها كمهنة تسد مصاريف النفس والأسرة.

(القط الكبير) الذي لم يكن يترك مجال لانسلال منافسيه إلى شباك المنتخب الوطني. ولا حتى تنفيذ تهديد أو مراوغة. لم ينل من كعكة الكرة المستديرة، مقابلا لما قدمه. ولم تبادر أية جهة من أجل إنصافه. ودعم أسرته التي لم يوفق حتى في تدبير منزل لها. 

معاناة مع السكن ومصاريف العيش الكريم

اعتبر الكثيرون من متتبعي الشأن الرياضي المحلي والوطني، الوضعية الاجتماعية التي يعيشها اللاعب الدولي (ابراهيم كلاوة)، مقارنة مع مداخيله المالية المحدودة، بالمعادلة الصعبة. حيث يتقاضى حوالي ألفي درهم فقط شهريا مقابل عمله كعون سلطة (مقدم الحومة) بالمحمدية. في الوقت الذي يكتري فيه منزل لدى أصهاره بقيمة 1500 درهم شهريا، يضاف إليها مصاريف التزود بالماء والكهرباء والتغذية والتطبيب والكسوة والتعليم…

فالنجم السابق الذي ساهم بشكل كبير في تحصين دفاع المنتخب المغربي، ومكن المغرب بالكأس الإفريقية الوحيدة سنة 1976 بغينيا. متزوج وأب لعثمان (30 سنة)،  فاطمة الزهراء (23  سنة)، وليلى  (15 سنة). يعيش بدعم من أخوته، وتضامن بعض أقاربه. 

يأمل في الحصول على شقة

يأمل كلاوة في الحصول على شقة مستقلة، ليحضن أسرته، ويوفر سومة الكراء التي تقارب أجره الشهري كموظف بوزارة الداخلية. مشيرا إلى أن العديد ممن لعبوا إلى جواره، استفادوا من مأذونيات ومشاريع استثمارية. وأنه ضل مهمشا لأسباب مجهولة، علما أنه لعب لشباب المحمدية أزيد من عشر سنوات، إلى جانب عمالقة كرة القدم. كما أنه يساعد منذ سنوات مدرسة اتحاد المحمدية. ويعمل جاهدا من أجل كرة القدم المحلية والوطنية. يشغل كلاوة نفسه في أوقات فراغه، بمتابعة ودعم اتحاد المحمدية، في التدريب والتأطير والمصاحبة النفسية. علما أن نفسية ابراهيم في الحضيض. تعدى عقده السادس بأربع سنوات، دون أن يتمكن من تدبير منزل لائق لأسرته، التي عانت من غياباته لعدة عقود، بسبب انشغاله بكرة القدم، وهوسه بالتدريب.

شبح المرض يطارده

يعيش المدافع الصلب (سابقا) وضعا صحيا متأزما، انتهى به قبل عدة أشهر بإجراء عملية جراحية. لم يجد حينها من أنيس لعزلته المرضية، سوى المصحف الكريم، الذي ضل يواظب على قراءة ما تسير من آياته الكريمة. أملا في أن تنسيه الإهمال الذي طاله محليا ووطنيا، وحسرته على كرة القدم التي منحها حياته وشغل بها أفراد أسرته الصغيرة، لكنها أدارت ظهرها، وتركته فقيرا تعيسا. ولازالت شبح  المرض يهدده، كما يلازمه الفقر والحاجة. لكن عفته وكرامته ونبل أخلاقه، صفات تركته ينحت الصخر من أجل تدبير ما تيسر من أموال حلال من أجل العلاج ومصاريف الأسرة.. في انتظار أن يتم إنصافه. بالكاد تدبر وظيفة رجل سلطة (مقدم)، التي تمن عليه براتب شهري هزيل، لا يكفي لسد حاجيات أفراد أسرته. لم يجد سوى حضن حماته وأسرتها. كلاوة الصغير…

طالما تغنى المدرب ماراديسكو  بمهاراته

تغنى وتغنى به المدرب الروماني جورج ماراديسكو، الذي درب المنتخب المغربي، وحصد معه الكأس الإفريقية الوحيدة سنة 1976، وقال لوسائل الإعلام حينها، إذا كان للمنتخب الغيني المهاجم  الفأر الصغير (بوتي سوري)، فإن للمنتخب المغربي القط الكبير(كران شا). 

حسرة على طي سنوات المجد

قال ابراهيم إنه يتأسف لعدم اهتمام  الجهات المعنية بدعم الرياضة والرياضيين، ويأسف  للكيفية التي تمت بها عملية طي سنوات المجد التي عاشها محليا ووطنيا. والتي مكنته من أن يكون ضمن المنتخب المغربي الذي أحرز الكأس الإفريقية الوحيدة. ورفقة نجوم كبار جاوروه فوق أرضية الملعب والسكن (فرس، عسيلة، الرعد،…). ازداد كلاوة في وسط رياضي مهووس بكرة القدم، فعاش يتنفس المستديرة رفقة شقيقه الأكبر الراحل محمد الدلاحي رئيس اتحاد المحمدية، الذي عانى قيد حياته مع المرض قبل أن يستسلم لخالقه.

سيرة ومسيرة كلاوة

مارس كلاوة  كرة  القدم في أزقة  وشوارع المحمدية قبل أن ينتقل إلى فريق الشباب، تعلم داخله أبجديات الكرة، وكانت بدايته على مستوى قسم الكبار سنة 1973 رفقة الجيل الذهبي الذي صنعه المدرب الكبير (المنسي) الراحل عبد القادر لخميري. وحقق مع النادي الفوز بكأس العرش سنة 1975 وكأس الصحراء في نفس السنة، وكأس الشباب، والفوز باللقب سنة 1982 ولعب قبلها نهاية رائعة لكأس العرش سنة 1979 . استطاع أن يكسب رسميته مع المنتخب الوطني، وأن يؤرق راحة مهاجمين أفارقة كبار. انتقل إلى فريق الإتحاد حيث عاش تجربة أخرى، كان ديربي فضالة يأخذ أحجاما كبيرة، يجلب العديد من الجماهير الرياضية، وكانت الكرة في مدينة المحمدية قد بلغت أوجهها.  

نداء كلاوة

صرخ كلاوة بأعلى صوته والغضب يملأ وجهه. محاولا توجيه رسالة واضحة وسريعة إلى الجامعة الملكية لكرة القدم والوزارة الوصية وكل المعنيين بالشأن الرياضي بالمغرب. مفادها أن يسارعوا إلى إنصاف ما تبقى من تشكيلة المنتخب المغربي الحاصل على الكأس الإفريقية الوحيدة يوم 14 مارس 1976. قال كلاوة  رحل عبد المجيد الظلمي ومحمد الهزاز، ولازال 18 لاعبا في أواخر أعمارهم. ومن العار ألا يتم إنصافهم هم وذويهم.  

وكانت تشكيلة المنتخب المغربي تحت إشراف المدرب ماردريسو الرومانيا
مشكلة من:

محمد الهزاز (المغرب الفاسي)،عبد اللطيف لعلو ( جمعية سلا)، عبد الله الأندلسي ( الرجاء البيضاوي)،مصطفى الفتيوي والشريف أحمد مجروح بابا (الدفاع الحسني جديدي)،المهدي بلمحجوب (الاتحاد البيضاوي)، أحمد فرس، أبراهيم كلاوة، حسن امشراط عسيلة، إدريس الحدادي ( شباب المحمدية)، لعربي احرضان وأحمد ابوعلي ومجاهيد ( الوداد الببضاوي)، عبد العالي الزهراوي ورضوان كزار وعبد الله التازي (المغرب الفاسي)،عبد الله سماط ( الاتحاد القاسيمي)، عبد المجيد الظلمي (الرجاء البيضاوي)، كمال السميري (مولودية وجدة)، فتاح (الفتح الرباطي). 

الراحل الحسن الثاني كان فخور بهم

قال إن الملك الحسن الثاني كان فخورا بهم، وكان يقول إن لديه جيشان..  جيش على حدود الصحراء المغربية وجيش بإثيوبيا في إشارة إلى المنتخب المغربي الذي كان سنة 1976 ينافس من أجل اللقب الإفريقي.

وأضاف إن الأحياء منهم كلهم يعانون المرض والفقر والتهميش، وتساءل: ماذا سنترك لأبنائها ليأكلون  (التيتر) ؟؟. وتابع يريدوننا أن نستول ونشحت في آخر أيامننا ؟ .. وأضاف: إن كان هناك من تعويض من أجل إنصافي فيجب أن تبادر الدولة إلى تمكيني منه ولا يمكن أن أتحول إلى ساعي لأحصل عليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى