أخبار الدار

تحليل إخباري: حصيلة الحكومة.. معارضة من الداخل والخارج

الدار/ رشيد عفيف

طغى الخطاب السياسي وقاموس الاتهامات والاتهامات المتبادلة على جلسة مناقشة حصيلة الحكومة التي عرضها سعد الدين العثماني يوم الأربعاء على أنظار البرلمانيين. ولم يستطع رئيس الحكومة رغم الأرقام والإحصائيات التي قدمها في عرضه أن يواجه سيل النقد الذي وجهته فرق المعارضة في البرلمان. وأوحى الفتور الذي طغى على جلسة المناقشة بأن الموعد الدستوري الذي ينتظره الفاعلون السياسيون كسر أفق الانتظار. وبدل أن تشرح الحكومة والمعارضة الأرقام والمعطيات لتحديد المنجزات وحصر الخصاص سار النقاش في اتجاه سياسي خالص يعكس الفراغ الذي يسم التعاطي بين الفريقين في الولاية الحكومية الجارية.

وحاول الطرفان خلال جلسة المناقشة استثمار المصطلحات التي أنتجتها المرحلة، فبينما تشبثت الفريق البرلماني للعدالة والتنمية بنعت "العدمية والتيئيس" للرد على الفرق البرلمانية المعارضة، توسلت المعارضة من جهتها بمقولة "العام زين" للتقليل من قيمة العرض الذي قدمه رئيس الحكومة بخصوص حصيلة السنتين الماضيتين. وفي هذا الإطار  لم يتردد إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب في الاستنجاذ بنظرية المؤامرة في مواجهة مساءلة المعارضة. وقال تأكيدا لذلك إن “الحكومة كانت وفية لبرنامجها الحكومي، الذي كان بمثابة تعاقد لها مع المواطنين والمواطنات، لكن هناك حملة غريبة وبئيسة المراد منها خلط الحق بالباطل والتدليس على الرأي العام، تجند لها وسائل إعلام من الداخل والخارج”.

وحسب الأزمي فإن هذه الحملة تسعى إلى تبخيس ما عرفه المغرب من إصلاحات جوهرية وتطور اقتصادي واجتماعي تصاعدي تسارع بعد الإصلاح الدستوري لسنة 2011. وأبرز الأزمي أن السبع سنوات التي قال عنها البعض إنها عجاف حكم عليها الشعب وقال فيها كلمته الفصل في أكتوبر 2016، في إشارة إلى الانتخابات التي عرفت فوز حزب العدالة والتنمية بالمرتبة الأولى وتكليفه بتشكيل الحكومة. هذا الخطاب الذي يبدو هروبا إلى الأمام في ظل فشل الحكومة في تحقيق منجزات اجتماعية واقتصادية مقنعة للرأي العام، هو الذي جعل النائب البرلماني الذي تولى الدفاع عن الحصيلة يخرج من دائرة المناقشة الداخلية إلى الحديث عن كون المغرب استطاع تجاوز العديد من الإشكاليات التي تتخبط فيها بعض الدول بجوارنا وفي محيطنا القريب والبعيد، مشيرا أنه لا يمكن مناقشة حصيلة الحكومة بإنصاف دون استحضار مسار تشكيل الحكومة وظروف اشتغالها.

هذا التوجس من انتقادات المعارضة جعل رئيس الحكومة يوم الثلاثاء الماضي يعيد استثمار خطاب رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران ويصف من يعرقلون عمل حكومته ب"مسامير الميدة" مشيرا إلى أنه لحد الآن لا يعرف من هم. وأضاف العثماني خلال جلسة الأسئلة الشهرية الموجهة لرئيس الحكومة بمجلس المستشارين قائلا، "هادوك لي كيعرقلوا عمل الحكومة كيعرفوا غير يعكلوني ولكن أنا ماشايفهومش فين هما كون شفتهوم كون غوت عليهم هما نيت". ورغم كاريكاتورية المشهد فقد حاول رئيس الحكومة الدفاع يائسا عن حصيلة حكومته في مواجهة نوعين من أنواع المعارضة: البرلمانية والحكومية.

وقد ظهرت المعارضة الحكومية من قلب التحالف الحكومي في خطاب فريق التجمع الدستوري الذي تم تغليفه بخطاب تزكية لحصيلة الحكومة بينما انطوى في تفاصيله على نقذ لاذع لها بأسلوب "تقطار الشمع". وبدل أن تشكل مساهمة الفريق المكون من أحزاب مشاركة في الحكومة فرصة لتعزيز موقف سعد الدين العثماني تحولت مداخلة الفريق إلى لائحة مطالب تحرج الحكومة في مواجهة انتقادات المعارضة. فقد دعا مصطفى بايتاس الحكومة إلى الإسراع بإخراج مساهمتها في ورش بناء نموذج تنموي جديد للمملكة. وشدّد على أن كل المبادرات الاجتماعية ستبقى مجرد إجراءات معزولة ومحدودة ما لم يتم تفعيل القانون المتعلق بالسجل الاجتماعي وتحقيق استهداف حقيقي يضمن إدماجا كاملا للفئات الهشة بشكل يمكنها الخروج من الفقر والحاجة عوض جعلهم عرضة للاستغلال السياسيوي والانتخابي المرفوض.

ولمح النائب التجمعي بحديثه عن الاستغلال السياسوي والانتخابي إلى الاتهام المتكرر الذي سبق للأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار أن وجهه للعدالة والتنمية بمحاولة استغلال بعض المنجزات الاجتماعية والمبادرات الملكية لأهداف انتخابية صرفة. ولم يترك الخطاب النقدي المبطن للتجمع الدستوري هامشا كبيرا للمناورة أمام اتفاق الفريق الاستقلالي وفريق الأصالة والمعاصرة على ضعف الأداء الحكومي وهزالة الحصيلة التي شبهها الأخير بحصيلة تصريف الأعمال. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 + 11 =

زر الذهاب إلى الأعلى