أخبار الدارسلايدر

الصمود السيبراني.. هل هناك مجال لم تدخله بروباغندا الكابرانات؟

الدار-خاص

بالأمس يفتتح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ووراءه الفريق الأسير السابق السعيد شنقريحة الملتقى الوطني حول الأمن السيبراني بشعار أقل ما يقال عنه أنه يعود إلى عصر ما قبل الكومبيوتر. “من أجل جزائر صامدة سيبرانيا”، هذه هي الجملة التي اختارها الكابرانات من أجل لقاء يفترض أنه ذو طبيعة تقنية وعلمية بالأساس يهدف إلى تدارس آخر المستجدات في مجال الأمن السيبراني وتناقل الخبرات ومناقشة أهم القضايا المتعلقة بهذا الموضوع من طرف الفاعلين الحكوميين والخواص وهيئات المجتمع المدني والنزاهة والمراكز الجامعية والعلمية. لكن ما علاقة الصمود بملتقى كهذا في عصر شبكات التواصل الاجتماعي والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي؟

من الواضح أن العلاقة الوحيدة بين شعار هذا الملتقى وموضوعه الأصلي، أي الأمن السيبراني، هو الدعاية الفارغة لأحلام العسكر الذين يقتاتون على الخوف والرعب، ويروجون للمعارك الوهمية التي تهدف إلى خلق أجواء من التوجس والرهبة الداخلية، للاستمرار في وضع اليد وفرض السيطرة على مداخل شبكات التواصل الاجتماعي والعالم الرقمي بصفة عامة. عن أي أمن سيبراني يتحدث تبون في خطاب افتتاح الملتقى بينما ما يزال صبيب الإنترنت في هذا البلد من بين الأضعف على المستوى الإفريقي؟ أي أمن سيبراني في الوقت الذي تعد فيه الشبكة العنكبوتية في الجزائر من بين أكثر شبكات الإنترنت مراقبة في العالم؟

الصمود الوحيد الحقيقي في الجزائر هو الذي يمارسه يوميا مستخدمو شبكة الإنترنت بسبب ضعف الصبيب وتخلّف الخدمة وغياب عروض متنوعة على غرار ما يجري في كل أنحاء العالم، فيجدون أنفسهم مضطرين للتعامل مع فاعل واحد في مجال الاتصالات يفرض عروضه بالأسعار التي يريدها والجودة المتدنية التي يوفرها. الكلمة الوحيدة الحقيقية في هذا الملتقى هي كلمة “الأمن” بالنظر إلى أن نظام العسكر في الجزائر يبحث باستمرار عن كل ما يمكن أن يساعده على التضييق على الحريات ووضع المجتمع تحت رحمة الرقيب العسكري وهيمنة الأجهزة الأمنية والمخابراتية التي تتحكم في كل صغيرة وكبيرة في مجال الاتصالات والتواصل عبر مختلف الوسائل والتقنيات.

وفي بلد ما يزال يعاني مشكلات جمة في ترويج المنتجات أو بيع تذاكر مباريات كرة القدم باستخدام شبكة الإنترنت يصبح الحديث عن ملتقى وطني للأمن السيبراني نكتة حقيقية، خاصة أن الجميع يعلم أنه مجرد محاولة لمنافسة غير متكافئة مع المغرب كما هي العادة. فافتتاح هذا الملتقى الجزائري يأتي بعد أيام قليلة من تنظيم حدث تكنولوجي من العيار العالمي بمدينة مراكش ويتعلق الأمر بمؤتمر “جيتكس أفريقيا” الذي شكل ما بين 31 ماي و2 يونيو موعدا قاريا مهما فتح المجال أمام الدول الإفريقية من أجل التعرف إلى أهم المستجدات في مجالات الاستثمار والتطوير خصوصا بالنسبة للشركات الناشئة العاملة في قطاعات التكنولوجيا الفائقة.

لا مجال للمقارنة طبعا بين حدث محلي وطني هدفه الأساسي هو ملء الفراغ وممارسة البروباغندا الدعائية وحدث قاري وإقليمي كبير كالذي احتضنه المغرب، هدفه ربط الجسور بين القارة السمراء ومواهبها وشركاتها الناشئة وبين آخر التطورات التي يعرفها هذا المجال في مختلف أنحاء العالم. لكنها الغيرة والحسد المعتادين اللذين يحركان نظام الكابرانات باستمرار ويدفعان المسؤولين الجزائريين باستمرار نحو تقليد كل ما يحدث في بلادنا ولكن بشكل فج وبسوء نية مفضوح. إنها آفة التسييس التي يتقنها الكابرانات من خلال الخطاب الدعائي الذي يعود إلى زمن الحرب الباردة، ويجعل من كل مبادرات الدولة وأجهزتها ومؤسساتها معارك وحروبا توجه بالأساس نحو معاكسة المغرب ومحاولة الإساءة إليه والتأثير على مصالحه.

زر الذهاب إلى الأعلى