هل تؤكد الانتخابات الجزئية السقوط الحر للعدالة والتنمية؟
الدار/ رشيد عفيف
بإعلانها عن موعد 11 يوليوز لإجراء الانتخابات الجزئية لملء مقعد شاغر بمجلس المستشارين عن مجلس جهة بني ملال-خنيفرة تضع وزارة الداخلية بعض الأحزاب السياسية على سكة التسخينات الانتخابية التي انطلقت مبكرا في أفق الانتخابات التشريعية المقبلة في 2021. لكن أكثر الأحزاب المعنية بهذا الاستحقاق الانتخابي الجزئي الجديد هو حزب العدالة والتنمية الذي واجه منذ تشكيل حكومته المتعسرة مجموعة من الهزائم الانتخابية المتتالية في جل المنافسات الجزئية التي شارك فيها. وبينما عزا بعض المراقبين هذه الهزائم إلى موقف الحزب المتواطئ في إقصاء أمينه العام السابق عبد الإله بنكيران يرى آخرون أن شعبية حزب العدالة والتنمية بدأت تتآكل مباشرة بعد الولاية الحكومية السابقة بسبب الإصلاحات اللاشعبية التي خاضتها.
ويفتح المرسوم الجديد لوزارة الداخلية تنظيم انتخابات جزئية حيث دعا الناخبين الذين تتألف منهم الهيئة الناخبة لجهة بني ملال خنيفرة، يوم الخميس 11 يوليوز لانتخاب عضو عن هيأتهم التاخبة خلفا لمحمد عدال، الذي قضت المحكمة الدستورية بشغور مقعده. وسيتم إيداع التصريحات بالترشيح هذه الانتخابات في شكل تصريحات فردية بمقر جهة بني ملال خنيفرة من يوم السبت 29 يونيو 2019 إلى غاية يوم الأربعاء 3 يوليوز، كما حدد تاريخ الحملة الانتخابية في الفترة ما بين 4 يوليوز إلى غاية العاشر منه. وكانت المحكمة الدستورية قد قضت بتجريد البرلماني المنتمي للفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي في الغرفة الثانية محمد عدال، عقب عزله من مهام رئاسة وعضوية المجلس الجماعي مريرت بإقليم خنيفرة.
ويواجه حزب العدالة والتنمية اختبارا جديدا رغم أنه يتعلق فقط بالغرفة الثانية وباعتبارات انتخابية خاصة تميزها عن انتخابات الغرفة الأولى التي يمثلها مجلس النواب. لكن إطلاق هذا الموعد الانتخابي الجديد يعيد وضع شعبية الحزب وقدراته الانتخابية على المحك بالنظر إلى كل المعارك الانتخابية الجزئية التي خسرها منذ انتخابات أكتوبر 2016. فبعد مرور حوالي سنة واحدة على الانتخابات التشريعية، التي بوأت حزب العدالة والتنمية المرتبة الأولى، بدأت فرضية تآكل الشعبية تتحقق بعد أن خسر الحزب في الانتخابات الجزئية التي جرت في أكتوبر 2017 بدائرتي أكادير إداوتنان وتارودانت. وخسر البيجيدي هذه المعركة الأولى في مواجهة حزب التجمع الوطني للأحرار. وعرفت محطتا تارودانت وأكادير الجزئيتان تراجعا كبيرا في عدد الأصوات التي حققها مرشحا البيجيدي.
ومنذ هزيمة سوس توالت هزائم مرشحي العدالة والتنمية في مختلف المحطات الانتخابية الجزئية التالية. بدء بمدينة بني ملال التي اكتسح فيها حزب البام نتائج الانتخابات الجزئية التي جرت في أكتوبر 2017 أيضا وحصل مرشحه هشام صابري على أزيد من 12000 صوت، في الوقت الذي لم يحصل مرشح حزب العدالة والتنمية، غازي محمد البريدية، سوى على 6 آلاف صوت. وقبل معركة بني ملال سبق للحزب أن حصل على نتائج مخيبة في الانتحابات الجزئية التي شهدتها دائرة الجديدة حيث حصل مرشح حزب العدالة والتنمية على 7371 صوتا، فيما جمع مرشح حزب الاتحاد الدستوري 27785 صوتا. وشملت الهزائم الانتخابية الجزئية دوائر أخرى كسطات والعرائش. ولم يستطع الحزب تحقيق انتصار انتخابي جديد منذ انتخابات 2016 إلا في دائرة تطوان في شتنبر 2017.
هذه الهزائم الانتخابية المتتالية خلقت جدلا واسعا داخل الحزب بلغ حد وصف البرلمانية آمنة ماء العينين للوضع بأنه "سقوط حر" بعد أن خسر الحزب في انتخابات أكادير الجزئية أكثر من 30 ألف صوت دفعة واحدة. وكان القاسم المشترك بين كل هذه الهزائم حجم الأصوات الكبيرة التي خسرها الحزب مقارنة مع حققه في انتخابات 2012 و2016. ورغم أن الهيئة الناخبة لانتخابات مقعد مجلس المستشارين تختلف إلا أن هذا الاستحقاق المرتقب بجهة بني ملال-خنيفرة قد يمثل سياقا مناسبا لتأمل فرضية السقوط الحر وتمحيص مدى صدقيتها.