تماشيا مع التوجيهات الملكية السامية، الحكومة تسرع في تنزيل مشروع ربط حوض سبو بحوض أبي رقراق
الدار /خاص
المشروع الذي أنجزته حكومة أخنوش من خلال ربط حوض سبو بحوض أبي رقراق يمثل جيلا جديدا من المشاريع المهيكِلة التي تصبّ في اتجاه الاستجابة للأولويات الوطنية الجديدة وعلى رأسها معضلة الماء التي نبّه الملك محمد السادس إليها في خطابات عديدة خلال السنة الحالية والماضية. هذا المشروع الذي تطلب تعبئة رصيد مالي قدّر بـ 6 مليارات درهم ينسجم أيضا مع التوجه الذي أعلنته حكومة أخنوش منذ توليها مسؤولية التدبير وهو التركيز على الاستثمارات العمومية الكبرى سواء من أجل توفير البنيات التحتية العملاقة التي تنقص البلاد أو من أجل تدشين منصات جديدة قادرة على خلق فرص الشغل وتحقيق النمو الاقتصادي المطلوب.
القراءات التي كانت تحلّل أداء الحكومة الحالية انطلاقا من المؤشرات الظرفية المرتبطة بالتضخم وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية لم تكن تضع في الحسبان أن التدبير الناجع يمكنه حتى في ظل هذه الظرفية المتأزمة أن يمكّن الدولة المغربية من توفير الاعتمادات اللازمة وتخصيصها لمشاريع ضخمة مثل مشروع محطة الضخ الأولى والثانية بحوض سبو وأبي رقراق. وهذا النوع من التدبير ملهم وحاسم في الظرفية الحالية التي يسود فيها مناخ اقتصادي عالمي من عدم اليقين والارتياب، وغياب الوضوح في الرؤية والتوقعات الخاصة بالنمو على الخصوص. أن تُقدم الحكومة في مثل هذه الظرفية على الاستثمار في تجهيزات وبنيات تحتية من هذا الحجم خيار ليس سهلا من الناحية السياسية على الأقل.
وهذا التوجه يحتاج إلى التشجيع والمساندة الكاملة بالنظر إلى أنه استثمار عملي وحقيقي في المستقبل، وستظل ثماره تُحصد على المدى البعيد، خاصة أننا مقبلون في السنوات القادمة على ظروف مناخية لا يمكن التنبؤ بها. توالي سنوات الجفاف ودخول البلاد مرحلة الإجهاد المائي يجعل من الماء أولوية أساسية لا يمكن إلا تشجيع الحكومات التي ستنكبّ عليها. الاستراتيجية الوطنية للماء التي تتضمن الكثير من المشاريع البديلة ترتكز أساسا وفقا للتوجيه الملكي على مسألة الابتكار في إدارة الأزمة المائية. ومشروع الربط بين حوض سبو وحوض أبي رقراق عبر قناة مائية ضخمة مكونة من 67 كلم من القنوات الفولاذية بقطر 3200 ملم يمثل نموذجا حيا لروح الابتكار التي ينبغي أن تُعالج بها أزمة الإجهاد المائي.
هذا المشروع يجسّد أيضاً صورة أخرى من صور النجاح التي أصبحت اليوم علامة وطنية بارزة. يتعلق الأمر بالمقاولة الوطنية. في الماضي كان من الممكن أن يتطلّب إنجاز هذا المشروع الاستعانة بخبرة دولية أو مقاولات أجنبية، بينما أصبحت هذه النوعية من المشاريع اليوم في متناول الخبرات المحلية والشركات المغربية التي تتميز بمستوى عالمي. هذا المشروع مثلا كان يمكن أن يستغرق إنجازه 3 سنوات على الأقل، لكن تم إنجازه تقريبا في مدة تتراوح بين 8 أشهر و10 أشهر، بينما ما تزال بعض بنياته في طور الإنهاء. والجانب الآخر الذي ينبغي لنا التوقف عنده في هذه التجربة هو المتعلّق بالإرادة السياسية القادرة على صنع المعجزات عندما تنسجم مع عقلية الأداء المقاولاتي والاقتصادي.
لم تعد بلادنا في حاجة إذاً إلى الخضوع لشروط المقاولات الأجنبية والشركات العالمية المتخصصة في مجالات التجهيز والبناء والبنيات التحتية. تمتلك الحكومة الحالية رؤية مهمة في هذا المجال ويعرف أطرها جيدا طبيعة النسيج المقاولاتي الوطني القادر على رفع التحديات والمساعدة على تعزيز قدرات بلادنا في مختلف الميادين. الحكومة الاقتصادية أو الفريق الاقتصادي في حكومة عزيز أخنوش متفوق على هذا المستوى ويستند أيضا إلى خبرة رئيس الحكومة نفسه القادم من عالم المال والأعمال. ومن هنا فإن ما كان يعتبره البعض نقطة ضعف وتشكيك محتملة في أداء الحكومة يمثل في الحقيقة نقطة قوة وتميز لأدائها.