تونس : أكلات تقليدية احياء لذكرى المولد النبوي الشريف
يستغل التونسيون، ذكرى عيد المولد الشريف ، التي يحيونها كسائر بلدان العالم بالاحتفاء بسيد الخلق، لإحياء أكلات عريقة من المطبخ التونسي.
ومن بين هذه الأكلات ما يعرف في تونس بالزقوقو (حبات الصنوبر الحلبي )، الذي يتهافت التونسيون على اقتنائه رغم ارتفاع سعره، و انخفاض محصوله محليا بحوالي 30 في المائة مقارنة بالسنة الماضية.
وعلى الرغم من هذه المعطيات، إلا أن جل العائلات التونسية تحرص على اقتناء حبات الصنوبر الحلبي التزاما منها بالتقاليد الأصيلة التي دأب الأجداد على إحيائها يوم ذكرى المولد النبوي الشريف. وسيرا على نهج الآباء والأجداد يتم صباح العيد تقديم ”عصيدة الزقوقو” كما يحلو للتونسيين تسميتها (…) وتتصاعد رائحة العصيدة من كل بيت تونسي، بنكهاتها المختلفة، إذ تتولى ربات البيوت إعدادها وتجهيزها قبل يوم من عيد المولد النبوي الشريف، ويتم تزيين صحون العصيدة بالزقوقو وزخرفتها بحبات الفاكهة لتقدم للأهل والجيران أثناء تبادل الزيارات يوم العيد… وهذا كله لتكون لصبيحة العيد نكهة الزقوقو.
وبخصوص أسعار هذه المادة وتهافت التونسيين عليه رغم غلائه، أرجع رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة والصيد البحري بمكثر (غرب)، طارق المخزومي، في تصريحات صحفية، سبب تراجع منتوج الزقوقو للموسم الحالي بتونس، مقارنة بالسنة الماضية (كانت في حدود 100 طن) وارتفاع أسعاره، بالخصوص، إلى الجفاف الذي عرفته البلاد الناتج عن تراجع كميات التساقطات المطرية ، وإلى الحرائق المهولة التي شهدتها، في الفترة الأخيرة، عدة غابات في الشمال الغربي التونسي.
وأشار إلى أن تراجع نسبة محصول الزقوقو ينعكس آليا على الأسعار، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الطن الواحد من مخاريط الصنوبر الحلبي (ذكر وأنثى وتتلقح بعد ذلك)، لا يستخرج منه سوى كيلوغرامين من حبات الزقوقو.
أما القصة التي تقف وراء استهلاك التونسيين لهذه المادة، فقد تناولت بعض كتب التاريخ قصة طريفة حول حبات الزقوقو، إذ قال عبد الستار عمامو، باحث في التراث التونسي لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن معظم التونسيين كانوا يعتمدون على الزقوقو كمادة غذائية، مشيرا إلى “أن استهلاك هذه كمادة غذائية لم يعتمد إلا خلال عام 1864”.
وأضاف أن تلك الحقبة التاريخية ”رافقتها حالة حادة من الجفاف مما اضطر سكان الشمال التونسي إلى استهلاك الزقوقو”، الذي يتشابه في تركيبته مع حبوب الدرع (إيلان بالدارجة المغربية).
وأضاف أن استهلاك الزقوقو انتهى بنهاية المجاعة ولم يتم العودة إلى استهلاكه من جديد إلا خلال السبعينات من القرن الماضي، ليصبح مثل “الصيحة” (الموضة) التي انتشرت بين العائلات التونسية، وصار استهلاكه عنوان “الرفاه الاجتماعي” لارتفاع تكلفته.
يشار أنه كنتيجة إقبال التونسيين، موسميا، على “عصيدة الزقوقو” فإن أسعار الكيلوغرام منها ترتفع الى أرقام قياسية من سنة الى أخرى، حيث أضحى سعر الكيلو الواحد من الزقوقو، اليوم، يساوي 36 دينارا تونسيا ( حوالي 12 دولارا) بعد أن كان لا يتجاوز حدود 12 دينارا تونسيا في حين أنه لا يتجاوز في الأيام العادية 6 دنانير تونسية.
المصدر : الدار – و م ع