أخبار دوليةسلايدر

هل يؤدي فشل العدوان الاسرائيلي في تحقيق الأهداف المعلنة إلى وقفه قريبا؟

الدار/ تحليل

العدوان المتواصل على غزة والعقاب الجماعي الذي تفرضه إسرائيل على السكان تسبب في كارثة إنسانية غير مسبوقة ربّما ستزداد تفاقما في الأيام القليلة المقبلة، لا سيّما مع تزايد أعداد القتلى وانهيار المنظومة الصحية واستمرار غلق المعابر ومنع المساعدات الإنسانية والإغاثية. وعلى الرغم من هذا الوضع الصعب لم تتوقف حركة حماس عن إطلاق الصواريخ على المناطق الإسرائيلية، في إشارة واضحة إلى حفاظها على قدراتها العسكرية في مواجهة إسرائيل. في ظل هذا الواقع الذي يهيمن عليه القتل والدمار وسفك الدماء في أوساط الأبرياء لم يحقق أي من الطرفين أهدافه المنشودة.

لم تستطع حماس بالعملية التي نفذتها في 7 أكتوبر الضغط على إسرائيل من أجل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين ولم تنجح إسرائيل بعد هذا القصف العشوائي الدموي أن تدفع الفصائل الفلسطينية إلى إعلان الاستسلام حقنا للدماء. وهذا الفشل من الطرفين هو الذي يفسر إصرار القوى الغربية وعلى رأسها واشنطن وحلفاءها الأوربيون على استمرار العمليات العسكرية وعدم المبادرة إلى الضغط على إسرائيل من أجل وقف عملياتها. توقف هذا العدوان أو تراجع إسرائيل عن الاجتياح البري الذي أعلنت عنه سابقا سيعتبر هزيمة صريحة للجيش الإسرائيلي في مواجهة حركة حماس، وسيعزز من شعبية المقاومة في غزة ويحقق مكاسب سياسية لداعميها وعلى رأسهم إيران.

بمعنى آخر لقد دخل الصراع اليوم مرحلة العناد والخوف من التراجع. وكلما أوغل الطرفان في هذا الفخ تزايدت أعداد الضحايا من المدنيين الفلسطينيين الذين تزداد وتيرة قتلهم بصفة يومية. وصوت العقل الذي ينبغي أن يصدر عن المنتظم الدولي غائب تماما، نظرا لتورط القوى الفاعلة في هذه الحرب بشكل مباشر. فواشنطن ترى أن حرب إسرائيل على غزة، هي بمثابة حربها على إيران، وتعتقد أن وقف الحرب دون تحقيق أهداف استراتيجية ملموسة وعلى رأسها القضاء على حركة حماس، أو تعطيل بنيتها الشاملة على الأقل، سيعتبر هزيمة في مواجهة طهران التي يمكن أن تخطط مستقبلا لعمليات أكثر شمولا في المنطقة. هذا يعني أن ما يجري هو معركة كسر عظام بين طهران وواشنطن وتل أبيب، وأن الذي يدفع ثمن ذلك هو المدنيون الفلسطينيون.

وعلى الرغم من حرص الولايات المتحدة الأمريكية منذ بداية العدوان على استبعاد أيّ تورط لإيران فيما جرى يوم 7 أكتوبر، إلا أن الواضح أن ذلك راجع إلى رغبتها في أخذ تصور شامل عمّا يجري وعدم توريط تل أبيب في صراع قد يفوق قدراتها. لقد أدركت إسرائيل بسرعة بعد عملية طوفان الأقصى أنها لا تستطيع وحدها خوض هذه الحرب دون غطاء سياسي ودبلوماسي من واشنطن ودون دعم لوجيستيكي وعسكري ظهر علينا من خلال الجسر الجوي ومن خلال المشورة العسكرية التي يقدمها الخبراء الأميركيون لتل أبيب. لكن ما يحرج واشنطن اليوم ويقلل من هامش مناوراتها هو ما يسجّل بصفة يومية من جرائم الحرب التي يرتكبها الإسرائيليون في غزة.

ونظرا للسياق الانتخابي الذي تعرفه الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الراهن فإن صورة الحزب الديمقراطي والرئيس جو بايدن أضحت متأثرة للغاية بما يحدث في غزة. من جهة تخشى إدارة بايدن من خسارة دعم اللوبي الإسرائيلي المؤثر في أمريكا خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، ومن جهة أخرى تتوجس من تأثر مصداقية الحزب أمام الرأي العام الأمريكي الذي يكتشف كل يوم فداحة الجرائم المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني على الرغم من كل محاولات التعتيم التي يمارسها الإعلام الأمريكي. لذا يبدو عامل الزمن ضد إسرائيل وواشنطن في ظل استمرار الحرب، وإذا لم تتمكن إسرائيل من تحقيق أهدافها المعلنة في ظرف زمني قياسي فإن ما يحدث سيتحول بسرعة إلى حرب عبثية فاشلة دفع ثمنها الأبرياء والمدنيون.

زر الذهاب إلى الأعلى