أخبار الدار

البام..من نشر البيانات إلى نشر الغسيل

الرباط/ رشيد عفيف 

لم يعد الأمر مقتصرا في حزب الأصالة والمعاصرة على حرب البيانات والبيانات المضادة التي تمضي جيئة وذهابا بين الأمين العام حكيم بنشماش وخصومه من أنصار وزير التربية الوطنية الأسبق أحمد اخشيشن. لقد دخل الصراع بين الطرفين على ما يبدو مرحلة أكثر إحراجا وبدأت حكايات السمعة والشرف والذمم تعلو منابر السجال. ومن يقرأ رسالة الأمين العام حكيم بنشماش التي كتبها يوم الجمعة ونشرها من الإكوادور يدرك فعلا أن الفرقاء الباميين بلغوا خط اللاعودة في تجاذباتهم التنظيمية والسياسية وخرجوا من مرحلة نشر البيانات إلى مرحلة نشر الغسيل الداخلي للحزب.

فبلهجة غير مسبوقة ومضمون صادم واجه بنشماش خصومه داخل الحزب برسالة يعتبر فيها أن المعركة القائمة داخل الحزب تتم بين إرادتين، الأولى تريد "السطو على مؤسسات الحزب وعلى رصيده النضالي وتوظيفه لتنمية الأرصدة المعلومة"، وإرادة "الشرعية وتصحيح المسار وإعادة تعريف مفهوم المسؤولية وتنقية عتبات الباب وجنبات البيت". هذه العتبات وذلك البيت إشارة واضحة إلى الحزب الذي تأسس قبل عشر سنوات في سياق سياسي خاص وبمشروع فكري استقطب العديد من السياسيين من مختلف التيارات والمشارب.

ولأول مرة يصرح بنشماش في رسالته بما كان يُتداول بين أعضاء الحزب والمتابعين المهتمين بالشأن السياسي في السر وفي النقاشات الخاصة وهو يتحدث عن وجود تحالف مصلحي "لبعض مليارديرات الحزب الجشعين" والموزعين من حيث المنشأ والامتداد، على مناطق طنجة والنواحي، الحسيمة والنواحي، وبني ملال والكثير من النواحي، آسفي مراكش والكثير من النواحي أيضا. ومن المعروف أن الحزب لم يستقطب في بدايات تأسيسه بعض المناضلين اليساريين فقط وإنما عرف أيضا بالتفاف أعداد  كبيرة من الأعيان وخصوصا من ذوي النفوذ في المناطق القروية. وهذا ما يفسر الاكتساح الانتخابي الذي حققه الحزب في 2016 بفضل المقاعد البرلمانية المحسوبة على الدوائر القروية.

غير أن أخطر ما تضمنته رسالة بنشماش الذي على ما يبدو "خرج ليها كود" كما يقال بالمثل الدارج هو إشارته إلى أن سر تحالف هؤلاء المنتخبين في المناطق التي ذكرها هو "قسم الصفقات التابع للمجلس الجهوي بمراكش آسفي وغيره من الجماعات الترابية، كما أنه موجود، أيضا، في الصفقات العابرة للجهات والممتدة حتى ماربيا”. وينطوي كلام الأمين العام للأصالة والمعاصرة على اتهام لرئيس جهة مراكش أحمد اخشيشن، ونائبه سمير كودار، رئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحزب والذي أقاله بنشماش. أما الجزء الآخر من سر هذا التحالف حسب بنشماش، فيكمن في "حسابات تدبير الانتخابات المقبلة"، ليس من زاوية استراتيجيات وتكتيكات مواجهة خطر الولاية الثالثة ، "ولكن من منطلق تدبير التزكيات المقبلة والطموح إلى التحكم فيها من خلال استعجال تنظيم المؤتمر لإفراز أمين عام ماريونيت". وقال بنشماش إن هؤلاء يريدون سرقة اللجنة التحضيرية، ويستعجلون عقد المؤتمر الوطني في يوليوز لهذا الغرض، معتبرا أن الهدف هو انتخاب "أمين عام جديد مطواع وخنوع وتحت الخدمة كمدخل للتحكم في التزكيات لأنها مدرة للدخل المباشر الغزير الذي لا يجد طريقه لحساب الحزب البنكي، والذي ينفع لشراء الولاءات وصناعة زعامات".

هذه الصراحة والمباشَرة في توجيه الاتهامات إلى أسماء بعينها ولو بتلقيبها ببعض الألقاب مثل "بوجلابة" نذير حرب شعواء يقبل عليها الحزب الذي أضحى أكثر من أي وقت مضى معرضا لكل نتائج الخلافات التنظيمية الحادة التي تعصف بالأحزاب السياسية. ومن المتوقع أن تنتقل المعركة بين الفرقاء داخل الحزب وعلى رأسهم بنشماش واخشيشن إلى ساحات المحاكم أولا استكمالا لأزمة اللجنة التحضيرية للمؤتمر والتي تم الطعن فيها، وثانيا ربما للكشف عن حقيقة كل ما تم التصريح به من اتهامات خطيرة بالفساد تشمل المتاجرة بالتزكيات والتلاعب بالصفقات العمومية حسب ما ورد في رسالة بنشماش المثيرة. وفي هذا السياق نقلت مصادر إعلامية عن المحامي عبد اللطيف وهبي عضو الحزب قوله إنه يفكر رفقة زملاء آخرين في اللجوء إلى القضاء لمطالبة بنشماش بالحجج والبراهين عن هذه الاتهامات.

ولا يستبعد بعض المراقبين أن تكون هذه الرسالة أيضا بداية  انشقاق تنظيمي في الحزب المقبل على عقد مؤتمره في يوليوز المقبل وسط انقسام حول مشروعية  اللجنة التحضيرية. فهل يتواصل في انتظار موعد المؤتمر مسلسل نشر الغسيل الداخلي للبام؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

18 − 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى