أخبار الدارسلايدر

هل نسي مشعل أن تطبيع الأردن مع إسرائيل هو الذي أنقذ حياته ؟

الدار/ افتتاحية

المغرب لا يقبل الإملاءات ولا يحتمل المزايدات فيما يتعلق بالدفاع عن القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في حريته وأرضه وتأسيس دولته المستقلة. التصريحات التي صدرت عن رئيس حركة حماس بالخارج خالد مشعل ودعا فيها السلطات المغربية إلى قطع العلاقات مع إسرائيل تعدّ على الرغم من السياق الذي جاءت فيه تطاولا وتجاوزا غير مقبول، ولعلّ قيادات حركة التوحيد والإصلاح التابعة لحزب العدالة والتنمية تتحمل المسؤولية الكاملة في ترويج هذا الاستفزاز من الداخل المغربي. لماذا لا يطلب القيادي الحمساوي من الدولة المصرية التي تحتضن سفارة إسرائيلية في القاهرة أن تطرد السفير الإسرائيلي عندما يحل هناك للتفاوض مع مسؤولي المخابرات المصرية؟ لماذا لا يرفع الشعار والمطلب ذاته عندما يحلّ بعمّان حيث السفارة الإسرائيلية تتوسّط العاصمة؟

هذه الدعوة التي رفعها خالد مشعل تبدو مبتذلة وخارج السياق ولا معنى لها في الوقت الذي يحتاج فيه الصف العربي إلى مزيد من اللُّحمة والوحدة في مواجهة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. أن يعتبر مشعل في ضيافة حركة التوحيد والإصلاح تطبيع المغرب علاقاته مع إسرائيل خطأ ينبغي تصحيحه، تطاول لا يمكن أبدا القبول به ولا تفهّمه. إنه تدخل في شؤون بعيدة تماما عن حركة حماس وقيادتها وطعن في سيادة القرار المغربي الذي لم يتخذ الخطوة الخاصة باستئناف العلاقات مع إسرائيل من فراغ، بل بناء على أهداف وتصورات واضحة وطنية وقومية بالأساس. لسنا في حاجة هنا إلى تبرير قرار الدولة المغربية بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل لأن ذلك يدخل في نطاق الشأن السيادي، لكن من الضروري أن ننبّه خالد مشعل إلى أن إدارة القضية الفلسطينية بمنطق المواجهة وحدها ليس خيارا ناجعا دائما.

عندما استأنف المغرب علاقاته مع إسرائيل فقد فعل ذلك بناء على اتفاق واضح وشروط محددة منها أساسا أن التقدم في هذه العلاقات وتطويرها رهين بالتقدم في مسار مسلسل السلام في الشرق الأوسط، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه الكاملة ومن دولته المستقلة على أراضي حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. حركة حماس نفسها التي يرأسها خالد مشعل تربطها علاقات مع إسرائيل ومفاوضات وهدنات واتفاقيات. وفي قطاع غزة الذي تسيطر عليه الحركة هناك مظاهر تعاون مع الدولة العبرية منها إيفاد العمال الفلسطينيين للعمل في إسرائيل والتزود بالمياه والكهرباء والحصول على أموال الضرائب وغير ذلك من أشكال التبادل الطبيعي والضروري بين الحركة وبين تل أبيب. لا أحد يطلب من حركة حماس أن تقطع هذه الأشكال من التعاون لأنها ضرورية ولا يمكن الاستغناء عنها.

وكذلك هو انفتاح الدول العربية على تطبيع العلاقات مع إسرائيل. إنه خطوة سلام بحثا عن حلول بديلة للصراع الذي طال أكثر من اللازم ولم يؤد في النهاية إلى تحقيق حلم الشعب الفلسطيني ولا ضمان استقلاله. وبلادنا تقدم كل ما لديها شعبيا ورسميا للشعب الفلسطيني وقضيته. ما تبذله لجنة بيت مال القدس التي يرأسها الملك محمد السادس للمدينة المقدسة من أجل الحد من التهويد وحماية الطابع الإسلامي جهود مباركة وجبارة يعترف بها المقدسيون قبل غيرهم. ما قدمه المغاربة تاريخيا في حرب 1967 من تضحيات وشهداء لا يمكن أبدا إنكاره. لقد قدمنا الحرب والقتال ونقدم اليوم السلام ومستعدون دائما في بلادنا لتقديم كل ما يلزم من أجل تحرير فلسطين وحرية الشعب الفلسطيني. ما قدمه المغاربة في التاريخ القديم إلى جانب صلاح الدين الأيوبي ما يزال مسجلا بمداد من ذهب في صفحات التاريخ. وباب المغاربة الشامخ في القدس ما يزال شاهدا على ذلك كله.

ليس هنا مقام استعراض ما هو وواجب تاريخي وديني وقومي. لكن من المفيد تذكير خالد مشعل وكافة قيادات حركة حماس أن حشد التأييد للقضية الفلسطينية وضد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ينطلق أولا من احترام سيادة الدول الأخرى واستقلاليتها في اتخاذ القرارات التي تناسبها وتراها مفيدة أولا لمصالحها ثم ثانيا لمصلحة القضايا القومية والعربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية. لذا لن نتردد في تذكير رئيس حركة حماس أن وجود علاقات طبيعية بين بعض الدول العربية وإسرائيل هو الذي أنقذ حياته في شتنبر 1997 عندما تعرّض لمحاولة اغتيال فاشلة وظلت حياته رهينة بالحصول على ترياق السم الذي حقنه به عملاء الموساد في العاصمة الأردنية عمّان. والذي أنقذ مشعل حينها هو وجود علاقات طبيعية بين الأردن وإسرائيل واتصال الملك حسين بالإسرائيليين للحصول على هذا الترياق، لذا نقول لرئيس حركة حماس: ما هكذا ندافع عن القضية الفلسطينية يا مشعل.

زر الذهاب إلى الأعلى