هل تسفر المفاوضات بين حماس و إسرائيل عن هدنة مؤقتة أو اتفاق نهائي؟
الدار/ تحليل
تتسارع خطى المفاوضات بين إسرائيل وحماس على الأراضي القطرية والمصرية، بينما تدفع التطورات العسكرية الميدانية الفريقين معاً نحو البحث عن حلول للتوصل إلى هدنة إنسانية جديدة أو اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار. تدفع حركة حماس من خلال إصرارها على شرط الوقف النهائي لإطلاق النار إلى التوصل لاتفاق شامل لتبادل الأسرى لاستثماره في تعزيز سردية المقاومة ونيل مكسب الانتصار. تدرك حماس جيداً أن أيّ اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار في الوقت الحالي سيُحسب لصالحها وسيضعها في مكانة المنتصر، بينما تعي إسرائيل هذا الفخّ وتصرّ رغم الخسائر البشرية الهائلة التي تتزايد في صفوف جنودها على البحث عن حلّ مؤقت فقط لاسترجاع الأنفاس.
إسرائيل مع الهدنة الإنسانية المؤقتة بينما تطالب حماس بوقف نهائي لإطلاق النار. مضى اليوم أكثر من 75 يوما على اندلاع هذه الحرب التي أودت بحياة الآلاف من المدنيين في غزة لا سيّما بين الأطفال والنساء، بينما سقط العشرات من الجنود الإسرائيليين في المعارك الضارية التي ما تزال متواصلة في القطاع. قبل يومين أعلن الجيش الإسرائيلي في منشور له: حتّى بعد 73 يوما من القتال ما تزال صفارات الإنذار تدوي في تل أبيب. هذا الإعلان الذي ينطوي على محاولة لتقمّص دور الضحية وتعزيز رواية المظلومية الإسرائيلية التي مُنيت بهزيمة كبيرة على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي، يعكس أيضاً من جانب آخر الفشل الذريع الذي طال العملية العسكرية الواسعة بعد أن احتفظت المقاومة في غزة بقدراتها الهجومية بعد هذه المدة الطويلة.
إطلاق رشقات الصواريخ بعد أن مضى على العدوان هذه الفترة الطويلة دليل على أن العملية العسكرية فشلت في تحقيق أيّ من أهدافها المعلنة ومن بينها القضاء على القيادات العسكرية والميدانية لحركة حماس وتدمير قدراتها الهجومية والعسكرية وتحرير الأسرى الذين تحتجزهم الحركة. ما الهدف الذي تحقّق إلى حدود الآن؟ كما هو واضح لم يتحقّق أيّ منها. ما يزال الأسرى في حوزة الفصائل الفلسطينية وما تزال رشقات الصواريخ تدفع الإسرائيليين إلى الملاجئ بينما يواصل المقاومون الفلسطينيون اقتناص الجنود الإسرائيليين في الميدان. وعلى الرغم من الكلفة الكبيرة التي تدفعها إسرائيل فإن القيادة السياسية المرتبكة تجد نفسها مجبرة على مواصلة الحرب بحثا عن إنجاز معتبر يحفظ ماء وجهها ويقنع الرأي العام الإسرائيلي بشرعية هذا العدوان وجدواه.
في المقابل تسعى حماس جاهدة وراء اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار لإعلان الانتصار على الجيش الإسرائيلي. إذا تحقّق هذا الاتفاق في الوقت الحالي ستعزز حماس مكانتها في القطاع وستثبت أن معركة 7 أكتوبر التي خاضتها ضد إسرائيل كانت موفقة إلى حد كبير في إثبات ضعف الجيش الذي لا يُقهر وكشف مواطن ضعفه. صحيح أن الكلفة البشرية والعمرانية التي دفعها قطاع غزة هائلة وغير مسبوقة إلا أن توقف الجيش الإسرائيلي عن عدوانه وانسحابه من القطاع يمثل في نظر حركة حماس طوق النجاة الذي سيجنّبها التعرّض للانتقادات الداخلية والعربية. الطرفان معا مطالبان بتقديم الحساب في نهاية هذه المواجهة.
الحكومة الإسرائيلية تنتظرها عملية محاسبة عميقة وشاملة سيدفع ثمنها بالأساس رئيسها بينيامين نتنياهو المتابع أصلا بتهم فساد. وحماس أيضا لا بدّ أن تجيب عن الكثير من الأسئلة الفلسطينية والعربية فيما يخص إقدامها على هجوم 7 أكتوبر مع علمها بأن ردّ الفعل الإسرائيلي سيكون مدمّرا وكبيرا إلى هذه الدرجة. والشيء الوحيد الذي يمكن أن يجنّب الحركة هذه الانتقادات والأسئلة هو التمكن من تحقيق انتصار ولو رمزيّ على الجيش الإسرائيلي. وهذا ما تحرص عليه اليوم من خلال المواقف التي يعلنها الجناح السياسي المفاوض في قطر.