الزفزافي الأب.. هل احتكر مبادرات الحل؟
الدار
يمعن "الزفزافي الأب" في مصادرة واحتكار كل الأصوات التي تتحدث بإسم أسر المتابعين والمعتقلين في أحداث الحسيمة. ففي أعقاب فشل محاولاته الرامية إلى تسجيل ملف الريف كأصل تجاري في ملكية "آل الزفزافي" أمام المحافل الدولية، ها هو يقدم نفسه، ومع أبناءه من بعده، بأنه الوحيد الذي يحمل شرعية الحديث باسم أسر المعتقلين والمدانين في هذا الملف، مستبعدا كل الأصوات التي لا تتجاوب مع أجنداته الخاصة، ومصرا على أنه يستمد هذه الشرعية من ابنه “المعتقل السياسي”، وهو ما يتناقض مع دفوعات باقي المتابعين الذين يؤكدون، وهم صادقون في ذلك، على أن مطالبهم اقتصادية واجتماعية، بيد أن توصيفه لنجله ب ‘المعتقل السياسي’ يوحي بأن المظاهرات كانت حركة سياسية وليست اجتماعية.
فقد آثر الزفزافي الأب، في آخر خرجاته، أسلوب التصعيد الشعبوي والعشوائية في التصويب، في توقيت اختاره بكل عناية بالتزامن مع بروز مؤشرات الانفراج في ملف المعتقلين، مؤكدا مرة أخرى أنه بدلا من أن يكون جزءا من الحل، صار جزءا من المشكل إنه لم يكن المشكل في حد ذاته.
ومناسبة هذا الحديث، هو إطلاق مجموعة من الفعاليات الحقوقية والمدنية والسياسية مبادرات من أجل حل “أزمة الريف”، والعمل على إطلاق سراح معتقلي الحسيمة وضواحيها الموزعين على سجون المملكة، في وقت اختار فيه أحمد الزفزافي أن يكون من "الخوارج" والسابحين ضد التيار، بحيث خرج بتدوينة منسوبة لابنه أثارت الكثير من الجدل في صفوف المتابعين لهذا الملف.
وجاء في تدوينة أحمد الزفزافي التي نشرها على حسابه على موقع الفايسبوك مباشرة بعد زيارته لابنه بسجن راس الما بمدينة فاس: "خرجت للتو من زيارة ابني المعتقل السياسي ناصر الزفزافي، في سجن رأس الماء ويبلغ الجماهير الشعبية، أن أية مبادرة بدون معتقلي حراك الريف القابعين بالسجون والمعتقلين المفرج عنهم وعائلاتهم لا تمثلني، فكيف لمن كان جزء من المشكل أن يتحدث اليوم عن الحل؟… وزاد قائلا بنبرة محتكرة متعالية " لا أريد رجال إطفاء”.
ردود الأفعال على هذه التدوينة جاءت قوية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث رأى فيها البعض محاولة واضحة لوأد أية مبادرة لحلحلة الملف، وكأن لسان حال والد الزفزافي يقول بالعامية المغربية " لاعب ولا محرمها”، بينما تساءل البعض الآخر عن الأهداف والمرامي الحقيقية لصاحب التدوينة.
المحامي والناشط الحقوقي نوفل البعمري علق على تدوينة أحمد الزفزافي قائلا : “يبدو أنه غير سعيد بمبادرة لحل أزمة الحسيمة التي تقوم بها مختلف المبادرات المدنية على رأسها المبادرة المدنية للريف، ويطرح ألف سؤال حول هذه المواقف والتدوينات غير الموفقة، التي تهدف فقط إلى تأليب الرأي العام الحسيمي على المبادرات التي يتم القيام بها”.
وأضاف البعمري، في تدوينة على حسابه على فيسبوك، “لا أظن أن أيا من المبادرات قدمت نفسها كناطقة باسم أحد، ولا أعتقد أنه يجب على أحمد الزفزافي وحتى ناصر ابنه أن يأخذ أي أحد الإذن منهما أو من أحمد الزفزافي للقيام بأي خطوة قد تشكل مدخلا لحل الأزمة ولعودة المعتقلين لذويهم"، قبل أن يتابع الناشط الحقوقي: “كما أن أصحاب المبادرات غير ناطقين باسم أحد، فوالد الزفزافي ليس قائدا لأحد ولم ينصبه أي أحد كذلك، بل هو من يصر على أن يكون في مقدمة المسيرات، أي أحد ضد الحل وضد تشجيع الدولة على الإفراج عن المعتقلين هو شخص غير سوي”.
وقال البعمري: “قد أتفهم أن يصدر مثل هذا الموقف عن ناصر و إن كان ليس له ما يبرره بسبب ظروف الاعتقال وما إلى ذلك، لكن أن يحوله الوالد إلى أداة لإجهاض الوساطات التي تتم فهذا الأمر غير مقبول ولا يمكن أن يقبل، كما أنه لا أحد ممن شملهم العفو رفضه بدعوى أن من توسطوا فيه كانوا رجال إطفاء!!!”.
هذه التدوينة، يضيف المتحدث، “إذا أضفنا إليها الحوار الذي أجراه في رمضان، قد نخرج باستنتاح واحد، هو أن أحمد الزفزافي للأسف لا يريد الحل، وقد يكون يدفع في اتجاه إجهاض أي حل، لسبب لا نعلمه، لكن ضحيته سيكون هم باقي المعتقلين ممن ينتظرون العفو الملكي في أي لحظة”.
واعتبر المحامي البعمري أنه “على والد الزفزافي أن يتقي الله في باقي المعتقلي، ممن لا أحد يتحدث عنهم، ممن لا يزورهم أي أحد بسبب فقر الوالدين، ممن يعانون في السجن بسبب الهشاشة الاجتماعية، ممن أسرهم من لم يتم استدعائهم لبروكسيل وأمستردام، أن يتقي الله في نفسه وفي ابنه ناصر”.
أصوات أخرى من بين أسر المعتقلين أكدت في ردها على هذه التدوينة "أن الانفرادية في التحركات ومحاولة احتكار الملف من جهة معينة أو طرف واحد لن يزيد القضية سوى تعقيدا"، مؤكدة على أنه منذ بداية الاعتقال، ومن أول زيارة للعائلات للمعتقلين، كان أول من بادر لمد اليد إليهم داخل السجون لجنة الدار البيضاء لدعم معتقلي حراك الريف، بالإضافة إلى الدعم الذي قدمه أعضاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان داخل سجن عكاشة بتعاون مع أعضاء من اللجنة الجهوية للحسيمة، والذين يتابعون باستمرار حالة المعتقلين ويتفقدون أوضاعهم داخل السجن لتوفير كل ما هم بحاجة إليه.
وفي المقابل، تسير التحركات التي يقوم لها الزفزافي الأب، سواء بشكل فردي أو من خلال جمعية "ثافرا" التي يقدمها كإطار جمعوي لعائلات المعتقلين، "تسير" كلها في سياق محاولة نسف أي مبادرات تهدف إلى الخروج بملف معتقلي الحسيمة من عنق الزجاجة، حتى ولو وصل الأمر للدخول في مواجهة مفتوحة ومجانية مع باقي المبادرات، إمعانا في احتكار صفة الشرعية…