أخبار الدارسلايدر

المغرب والنمسا تجمعهما علاقات تاريخية تشكل نموذجا لما يجب أن تكون عليه الشراكة الأوروبية-الإفريقية

أكد المتدخلون خلال ندوة نظمت، اليوم الثلاثاء بفيينا، على أن العلاقات التي تجمع المغرب والنمسا هي علاقات ضاربة في عمق التاريخ، تشكل نموذجا لما يجب أن يكون عليه التعاون والشراكة الأوروبية-الإفريقية.

وأوضحوا خلال هذه الندوة المنظمة بمناسبة إطلاق كتاب عن الندوة الدولية حول “الأبعاد التاريخية والدبلوماسية للعلاقات بين المغرب والنمسا”، التي عقدت في 16 يونيو 2023، أن الرباط وفيينا اللتان تجمعهما علاقات تتجاوز الـ 240 عاما، تحذوهما رغبة أكيدة في البناء على هذا الإرث التاريخي الغني من أجل الارتقاء بالشراكة القائمة بينهما في جميع المجالات.

وفي كلمة ألقاها خلال هذا اللقاء الذي أقيم برحاب مدرسة فيينا للدراسات الدولية، قال سفير المغرب بالنمسا، عز الدين فرحان، إن الاحتفال بالذكرى 240 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والنمسا “يتيح لنا فرصة العودة إلى التاريخ، من أجل فهم أفضل للديناميكيات التي تشهدها العلاقات بين بلدينا حاليا، فضلا عن استكشاف الكيفية التي يمكن لنا من خلالها المساهمة معا في مواصلة تطويرها وتعميقها، بناء على موروثنا التاريخي المشترك الفريد والغني”.

وأوضح السيد فرحان أن هذا المؤلف القيم الصادر حول “الأبعاد التاريخية والدبلوماسية للعلاقات بين المغرب والنمسا”، والذي يضم أبحاثا لنخبة من الأساتذة المغاربة والنمساويين، إضافة إلى بعض الوثائق التاريخية التي قدمتها المكتبة الوطنية النمساوية وأرشيف الدولة الفيدرالية، يسلط الضوء على عناصر أساسية تمكن من الفهم الجيد لتطور العلاقات بين البلدين على مدى الـ 240 سنة الماضية.

وبحسب السفير، فإن الكتاب يبرز الدور الحاسم الذي اضطلع به المغرب والنمسا، البلدان اللذان يمتلكان تاريخا عريقا، في العلاقات الدولية المعاصرة، انطلاقا من مساهمتهما القيمة في تعزيز التقارب بين أوروبا وشمال إفريقيا، لافتا إلى أن محددات السياسة الخارجية للبلدين تعكس ببلاغة هذا التجذر التاريخي الذي لا يزال يشكل أساسا متينا لقوتهما الناعمة.

وأشار السيد فرحان إلى أن هذا الإصدار العلمي سلط الضوء على الدور الذي لعبه السلطان سيدي محمد بن عبد الله والإمبراطور جوزيف الثاني، “فمن خلال تبصرهما وحكمتهما، تمكنا من تدبير الإكراهات الجيوسياسية التي سادت عصرهما واستطاعا إعادة توجيه مسار التاريخ، من خلال تنفيذ الإصلاحات والتغييرات وإقامة تحالفات مع القوى الأخرى”.

وأضاف: “على الرغم من التغيرات والاضطرابات الكبرى التي شهدتها السياسة العالمية خلال القرنين 19 و20، ظلت العلاقات بين المغرب والنمسا ممتازة، ولم يتم أبدا مساءلة معاهدة الصداقة والتجارة الموقعة بين الجانبين، حيث لا تزال سارية المفعول. فهي مرجع للمعاهدات الدولية المعاصرة”.

وأكد الدبلوماسي المغربي أن التحليل العميق الذي قام به الأساتذة الذين ساهموا في صياغة هذا المؤلف للأبعاد التاريخية والدبلوماسية للعلاقات بين المغرب والنمسا، “يقدم لنا اليوم تراثا تاريخيا فريدا، مشتركا وغنيا يمكن تقاسمه وتسخيره لأبحاث أكاديمية أخرى تركز على ربط الماضي بالحاضر”.

وحرص السيد فرحان على التأكيد أن الاحتفال بمرور 240 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا، والتي توجت بالزيارتين الناجحتين للمستشار الاتحادي، كارل نيهامر، ورئيس المجلس الوطني النمساوي، فولفغانغ سوبوتكا، “يعطي زخما جديدا للشراكة القائمة بين الرباط وفيينا، ويؤكد رغبتهما المشتركة في الارتقاء بالتعاون الثنائي إلى مستويات أرفع، وإقامة حوار استراتيجي على مستوى وزراء الخارجية بهدف تعميق مجالات التعاون القائمة وتطوير آفاق جديدة للتعاون”.

من جهته، قال إميل بريكس، مدير مدرسة فيينا للدراسات الدولية، في كلمة مماثلة، إن البلدين لم يسبق أن جمعهما مثل هذا المستوى الممتاز من العلاقات الثنائية، القائمة على تاريخ طويل قوامه 240 عاما، مشيرا إلى أن التبادل على المستوى السياسي عرف زخما كبيرا خلال العام الماضي مع زيارة كل من المستشار الاتحادي ورئيس المجلس الوطني النمساوي للمملكة.

وأضاف السيد بريكس أن المبادلات رفيعة المستوى على المستوى السياسي تعكس “تميز علاقاتنا الثنائية والرغبة في الارتقاء بها إلى مستويات أرفع”، مسجلا أن التعاون بين البلدين يتجاوز التنسيق السياسي ليشمل القطاعين الاقتصادي والثقافي، والتعاون في مجال الهجرة.

أما كريستوف ثون هوهنشتاين، رئيس المديرية العامة للشؤون الثقافية الدولية بالوزارة الاتحادية النمساوية للشؤون الأوروبية والدولية، فأكد أن العلاقات المغربية-النمساوية تنبني على رصيد تاريخي غني يعد حافزا أساسيا لتطويرها وفق وتيرة أسرع.

وأبرز السيد هوهنشتاين أن التعاون في المجال الثقافي أضحى يحتل حيزا واسعا من التعاون القائم بين البلدين، معتبرا أن المغرب يعد من بين البلدان العربية والإفريقية التي تربط معها النمسا علاقات ثقافية غنية، في الوقت الذي لا زالت فيه هناك مجالات ثقافية يمكن تعزيز التعاون والتنسيق بشأنها.

من جهة أخرى، أبرز المسؤول أن النمساويين يمتلكون صورة طيبة للغاية عن المملكة المغربية ويبدون اهتماما متزايدا بتاريخها وإرثها الثقافي، وهو ما يفسر الإقبال المتزايد من طرف السياح النمساويين على وجهة المغرب.

يشار إلى أن هذه الندوة تميزت بمشاركة عدد من الدبلوماسيين والبرلمانيين وكبار المسؤولين النمساويين، إلى جانب نخبة من الأساتذة الباحثين والمؤرخين والطلاب.

المصدر : الدار – و م ع

زر الذهاب إلى الأعلى