أخبار الدارسلايدر

ما أهمية توقع صحيفة إيطالية تورط الجيش الجزائري في حرب إقليمية؟

الدار/ تحليل

التحذير الذي أطلقته الصحيفة الإيطالية نوتيتزي جيوبوليتيكي (Geopolitiche Notizie) من إمكانية تورط الجيش الجزائري في إشعال حرب ضد المغرب، ليس مجرد خبر روتيني من أخبار بؤر التوتر التي تنتشر عبر العالم. وبصرف النظر عن تحقق الصحيفة مما ورد في العدد الأخير من مجلة الجيش الشعبي الجزائري حول نشر قوات ومعدات عسكرية في منطقة بشار وتندوف على مشارف الحدود المغربية، من المؤكد أن تنامي الاهتمام بهذه المشكلة الإقليمية دوليا يؤكد أن الوضع ليس مأمونا أو مستقرا إلى الدرجة التي يبدو عليها. والذي يثير المخاوف أكثر من جدية هذا التحليل هو أنه يأتي في سياق جد دقيق تمر به المنطقة.
كشْف الصحيفة الإيطالية المختصة في التحليلات الجيوسياسية وقضايا الأمن والتوتر عبر العالم لهذا الخبر، وتحليل ما ورد في العدد الأخير من المجلة العسكرية الجزائرية يتزامن مع تحولات عميقة تشهدها القضية الوطنية، بعد سلسلة المكاسب الدبلوماسية التي حققها المغرب، كما يأتي مباشرة بعد تعبير المغرب عن الشكر الكبير للجمهورية الفرنسية على انضمامها إلى صف الدول المعترفة بسيادة المغرب على صحرائه. يحدث ذلك أيضا في سياق توالي الهزائم الدبلوماسية التي يحصدها نظام الكابرانات، وفشله التام في كسب أيّ مواجهة من المواجهات التي تجمعه بالدبلوماسية المغاربة في مختلف لقاءات المنتظم الدولي. لذا؛ يبدو هذا التحليل الذي قدمته الصحيفة الإيطالية ذا قيمة وحساسية لا بدّ من الانتباه إليها.
نحن نعلم تماما أن هوامش المناورة السياسية والدبلوماسية لدى نظام العسكر في الجزائر قد ضاقت إلى أبعد الحدود. لم يعد هناك أيّ جدوى من محاولات شراء بعض الاعترافات هنا أو هناك، أو حشد الدعم من بعض القوى الدولية التي أدركت أن خيار الوحدة والاستقرار في الصحراء هو الأجدى، كما فقد هذا النظام قدرته حتّى على إقناع الجبهة الداخلية والمحلية برواية دعم الانفصال في الصحراء. وكلّما راكَم هذا النظام المزيد من الهزائم سواء على الصعيد الإقليمي أو الدولي أو المحلي، من الطبيعي أن يطفو على السطح الميل إلى خيار العنف والإكراه، لأننا نتحدث هنا عن نظام عسكري يسيطر على السلطة بقبضة حديدية منذ عقود طويلة من الزمن، ويفتقر إلى هوية سياسية واضحة.
لذا؛ يجب ألّا نقلل أبدا من جدية ما طرحته هذه الصحيفة، ولا سيّما أنها أشارت في تحليلها الرصين إلى أن الإحباط الذي يسود في أوساط القيادة الجزائرية يمكن أن يدفعها إلى خوض مغامرة عسكرية من هذا النوع، بعد الهزائم الدبلوماسية في مواجهة المغرب، وتمكّن بلادنا من تعزيز سيادتها واقترابها من حسم هذا الملف على مستوى الأمم المتحدة. لذلك يبدو الربط بين ما ذكرته مجلة الجيش الشعبي الجزائري حول نشر قوات ومعدات في منطقة تندوف والسياق السياسي والإقليمي العام استنتاجا منطقيا لا بد أن نعيره الاهتمام الذي يستحقه.
صحيح أننا مطمئنون في بلادنا إلى الدور الدفاعي الصارم الذي تؤديه القوات المسلحة الملكية في حماية حوزة الوطن، لكن عندما يكون إلى جوارك نظام عسكري شمولي ما يزال يحمل أوهام التوسع والزعامة التي أكل عليها الدهر وشرب، فإن الحيطة والحذر ضروريان. لسنا هنا بصدد إثارة المخاوف أو الهواجس، لكننا نؤكد أن استقرار بلادنا وأمنها وسيادتها لا يمكن أن تكون محط تهديد من أيّ جهة كانت. فما بناه الأجداد الذين أسسوا هذا المملكة بتاريخها وأصالتها وعراقتها إرث لا بد من تحصينه بما ينبغي من يقظة دفاعية لازمة. ومناقشة موضوع التهديد الأمني الذي تشكله الجزائر في المنطقة لم يعد بالمناسبة انشغالا مغربيا فقط، بل نلاحظ كل يوم تراكم المزيد من الأدلة عليه، بناء على تجارب أخرى في الجوار على غرار تدخل هذا النظام في دول النيجر ومالي وليبيا والتلاعب باستقرارها ووحدتها.

زر الذهاب إلى الأعلى