المغرب يرسخ مكانته كأحد أهم مراكز صناعة السيارات في العالم بإنتاج سيارة كل دقيقة
الدار/ خاص
يواصل المغرب تعزيز مكانته كواحد من أكبر مصنعي السيارات في إفريقيا والعالم العربي، بفضل استثمارات ضخمة في البنية التحتية الصناعية وإدماج أحدث التقنيات في عملية الإنتاج. وفقًا لتقارير دولية ومحلية، تُعد المملكة اليوم من بين الدول القليلة التي تمكنت من تحقيق معدل إنتاج يصل إلى سيارة كل دقيقة، مما يعكس نجاح استراتيجيتها الطموحة في مجال التصنيع.
استنادًا إلى البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الصناعة والتجارة المغربية، بلغ إنتاج السيارات في المغرب عام 2023 نحو 700,000 سيارة، وهو ما يعادل إنتاج سيارة كل دقيقة في المصانع التابعة لشركات عالمية مثل “رينو” و”بيجو”. هذا الرقم يضع المغرب في مقدمة الدول الإفريقية في قطاع صناعة السيارات، كما يجعله منافسًا قويًا لبعض الدول الأوروبية.
تقارير الرابطة الدولية لمصنعي السيارات (OICA) تشير إلى أن المغرب احتل المرتبة الثانية إفريقيًا بعد جنوب إفريقيا في حجم إنتاج السيارات، مسجلاً نموًا مطردًا على مدى السنوات الخمس الماضية. ومن المتوقع أن يصل الإنتاج إلى مليون سيارة سنويًا بحلول عام 2025، بفضل التوسع في المصانع الحالية واستقطاب استثمارات جديدة.
تمكن المغرب من جذب استثمارات بمليارات الدولارات من شركات صناعة السيارات الكبرى. على سبيل المثال، استثمرت شركة “رينو” الفرنسية أكثر من 1.2 مليار دولار في مصنعها بمدينة طنجة، والذي يعد من أكبر مصانع السيارات في إفريقيا. كما أطلقت “بيجو” مصنعًا جديدًا في القنيطرة بقدرة إنتاجية تصل إلى 200,000 سيارة سنويًا، مما يساهم بشكل كبير في تحقيق هذا المعدل المذهل.
هذه الاستثمارات لم تكن ممكنة دون الموقع الاستراتيجي للمغرب، الذي يتميز بقربه الجغرافي من الأسواق الأوروبية الكبرى، إضافة إلى وجود بنية تحتية متطورة تشمل موانئ متقدمة مثل ميناء طنجة المتوسط، الذي يُعتبر من بين أفضل الموانئ في العالم من حيث الكفاءة وسرعة الشحن.
إلى جانب الإنتاج التقليدي، يسعى المغرب جاهدًا للعب دور رائد في صناعة السيارات الكهربائية والهجينة. وفقًا لتقارير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، فإن المغرب يستعد لتوسيع إنتاجه ليشمل المركبات الصديقة للبيئة، وهو ما ينسجم مع توجهات المملكة لتعزيز الطاقات المتجددة.
في عام 2023، وقعت المملكة اتفاقيات مع شركات عالمية لتصنيع أجزاء السيارات الكهربائية، مع التركيز على تطوير بطاريات السيارات وتقنيات الشحن. من المتوقع أن يُسهم هذا التحول في تعزيز مكانة المغرب كمنصة رئيسية لتصنيع وتصدير السيارات الكهربائية إلى الأسواق الأوروبية والإفريقية.
رغم النجاحات الكبيرة التي حققها قطاع صناعة السيارات في المغرب، إلا أن هناك بعض التحديات التي تواجه هذا القطاع. أبرزها يتعلق بالتنافسية العالمية، حيث تسعى دول أخرى في المنطقة مثل مصر إلى دخول هذا المجال بقوة.
لكن المغرب يتمتع بأفضلية بفضل الاتفاقيات التجارية الحرة التي تربطه مع الاتحاد الأوروبي، والتي تتيح له تصدير السيارات إلى هذه الأسواق دون رسوم جمركية. هذا الأمر يشجع شركات السيارات على استخدام المغرب كقاعدة للتصنيع والتصدير، وهو ما يعزز من فرص استقطاب مزيد من الاستثمارات في المستقبل.
نجح المغرب في ترسيخ مكانته كأحد أهم مراكز صناعة السيارات في العالم، مع تحقيق معدل إنتاج سيارة كل دقيقة. بدعم من استثمارات ضخمة وتطوير بنية تحتية متقدمة، يواصل القطاع النمو، مما يعزز من موقع المملكة على خريطة التصنيع العالمية. ومع استمرار التحول نحو السيارات الكهربائية، يبدو أن المستقبل يحمل فرصًا واعدة للمغرب في هذا المجال.