أخبار الدار

ناقلة مضيق جبل طارق: المغرب يراقب عن بعد.. حتى الآن

الدار/ أحمد الخليفي

المتتبعون للصراع الأمريكي الإيراني لم يكونوا يتصورون أن هذا الصراع سينتقل فجأة من قلب الخليج إلى منطقة تبعد آلاف الكيلومترات عن منطقة الصراع الأصلية، مضيق جبل طارق، حيث تمر أزيد من مائة ألف مركبة بحرية كل عام.

وحين نزل خبر احتجاز ناقلة النفط الإيرانية قرب مياه صخرة جبل طارق فإن المغرب أصبح فجأة في قلب الحدث، حيث جرى ذلك على بعد أميال قليلة من مياهه الإقليمية، وعلى بعد عشر كيلومترات من سواحله الشمالية.

وإلى حدود اليوم فإن المغرب نأى بنفسه عن هذه القضية رغم أن مكمن الصراع يمكن رؤيته بالعين المجردة من على إحدى الهضاب البحرية لطنجة، وما يمكن أن يأتي به المستقبل لا يتوقعه أحد حتى اليوم.

ووفق ما صرحت به حكومة جبل طارق فإن الفحوصات أظهرت أن الناقلة الإيرانية العملاقة التي صودرت في المنطقة التابعة لبريطانيا الأسبوع الماضي كانت محملة بالكامل بنفط خام، وهذا ما يعني أن بقاءها محتجزة في تلك المنطقة يشكل خطرا حقيقيا على شواطئ المنطقة، والمغرب في قلب هذا الخطر.

وجود نقالة نفط عملاقة متخمة بالنفط على بعد أميال معدودة من المياه المغربية لا يمكنه إلا أن يثير القلق، وأيضا يثير المخاوف أيضا من إمكانية تحول هذه الناقلة إلى "أداة عسكرية" في حال قررت إيران تحريكها قسرا وقيام القوات البريطانية بتعطيل حركتها، أو تعرض الناقلة للتخريب، من طرف جهة ما، عن الطريق القصف أو الألغام، مثلما حدث في مياه الخليج قبل بضعة أسابيع حينما تعرضت بضع ناقلات نفط للتخريب.

ورغم هدوئه الظاهر، إلا أن المغرب يبدو متتبعا، في الكواليس على الأقل، لتفاصيل احتجاز الناقلة الإيرانية بمياه مضيق جبل طارق، حيث أن تعرض الناقلة لضرر ما قد يشكل أكبر كارثة بيئية لهذا المضيق في كل تاريخه على الإطلاق.

دور المراقب الذي يلعبه المغرب حتى الآن، يبدو حكيما بالنظر إلى أن الصراع حتى اليوم هو خماسي، بين أمريكا وإيران، وأيضا بين سلطات جبل طارق وإسبانيا وبين بريطانيا.

لكن توفر المغرب على أكبر ميناء بحوض المتوسط، ووجود ثاني أكبر مدن المغرب على الصعيد الاقتصادي والبشري على مسافة كيلومترات من مكان الصراع، لن يجعل منه مجرد مراقب عادي، بحيث أن تفجر الصراع في المنطقة سيهدد بشكل أكيد المصالح الإستراتيجية للمغرب، لذلك إذا تحولت حرب الناقلات من الخليج إلى مضيق جبل طارق، فإن المغرب لن يصبح مجرد مراقب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة + اثنا عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى