علوم وتكنولوجيا

أذرع الأخطبوط قادرة على اتخاذ قرارات دون الرجوع للمخ

يجسد الأخطبوط نموذجا للكائنات البحرية الذكية، بما له من قدرة فائقة على استخدام جسمه الخالي من العظام، لكن ذكاء الأخطبوط مبني على نحو غريب للغاية؛ إذ إن له شكلا مغايرا تماما للرخويات، وعن أي نوع آخر من الكائنات الحية على كوكب الأرض، حتى أن بعض الدراسات السابقة -التي تم رفضها- تكهنت بأن الأخطبوطات كائنات فضائية في الأساس. 

خلايا عصبية موزعة
وعرض في المؤتمر العلمي للأحياء الفلكية -الذي عقد في الفترة بين 24 و26 يونيو 2019 بواشنطن- بحث أعلن فيه ديفيد جيري عالم الأعصاب بجامعة واشنطن أن ثلثي الخلايا العصبية للأخطبوط منتشرة في كامل جسمه.

وهي موزعة بين الأذرع الثمانية، على عكس الفقاريات التي لديها نظام عصبي مركزي؛ ومن هنا خلص الباحثون إلى أن تلك الخلايا العصبية لها قدرة على اتخاذ القرارات دون الرجوع إلى الدماغ.

يقول ديفيد "إن هناك أسئلة كثيرة تدور في أذهاننا حول الكيفية التي يعمل بها جهاز عصبي موزعة خلاياه في شتى أنحاء الجسد، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بفعل أشياء معقدة، مثل عملية البحث عن الطعام في قاع المحيط أو السباحة، وأيضا، حول ماهية الترابط بين عقد الخلايا العصبية المنتشرة مع بعضها البعض".

70% من الخلايا العصبية 
وأجرى الباحثون في شمال المحيط الهادئ (حيث الموطن الأصلي لبعض سلالات الأخطبوط) دراستهم على أخطبوطين؛ أخطبوط المحيط الهادئ العملاق (Enteroctopus Dofleini)، والأخطبوط روبي أو أخطبوط شرق المحيط الهادئ الأحمر (Octopus Rubescens).

ووجد الباحثون أن لدى هذين الأخطبوطين نحو خمسمئة مليون خلية عصبية، ينتشر ما يقرب من 350 مليونا منها على الأذرع فقط، وتتجمع هذه الخلايا في تكتلات تسمى "العقد"، مما يساعدهما على اتخاذ القرارات والتفاعل مع البيئة المحيطة بصورة حثيثة.    

ويقول دومينيك سيفيتيلي عالم الأعصاب السلوكي بجامعة واشنطن وأحد الباحثين في الدراسة؛ "إن كل ذراع من أذرع الأخطبوط بها حلقة عصبية، ومن ثم يمكن أن تتناقل المعلومات فيما بينها دون إدراك ووعي الدماغ، وفي حين أن الدماغ لا يمكنه تحديد موقع كل ذراع، يمكن للأذرع أن تحدد موقع كل واحد من الآخر؛ مما يتسنى لها التنسيق والتعاون أثناء الزحف والحركة أو في حال وجود خطر ما". 

تقنيات تتبع السلوك
ولاختبار تفاعل الأذرع مع البيئة المحيطة، قدم الفريق البحثي للأخطبوطين طعاما، ووضعوا لهما مجموعة متنوعة من الأشياء، مثل الصخور المزخرفة، ومكعبات الليغو، والأحجية.

وباستخدام تقنيات تتبع السلوك والتسجيل العصبي، سعى الفريق لتحديد ماهية تدفق المعلومات عبر النظام العصبي للأخطبوطين أثناء بحثهما عن الطعام، ووجدوا أنه عندما تستقبل الأذرع معلومات حسية وحركية من حولها، تبدأ الخلايا العصبية في الذراع معالجتها والتفاعل معها دون أي تدخل من المخ.  

ويقول ديفيد "إنه بمجرد رؤية أذرعها تتحرك، ونستنتج أن ثمة قرارات صغيرة اتخذتها العقد "الخلايا العصبية " بها، وأحد أهم الأمور التي نعمل عليها حاليا هو تحليل هذه الحركات من منظور حسابي".

نموذج بديل للذكاء
واستطرد ديفيد قائلا "إننا نسلط الضوء الآن أكثر من ذي قبل على الكيفية التي يمكن بها للأخطبوط دمج المعلومات الحسية في هذه الشبكة، وفي نفس الآن، يتخذ قرارات معقدة".

وتابع ديفيد "إن هذه الاستنتاجات تتفق مع الأبحاث السابقة، التي وجدت أن أذرع الأخطبوط يمكن أن تستمر في الاستجابة للمنبهات من البيئة المحيطة بها حتى بعد نفوق الأخطبوط".

ومن المثير للدهشة أن بعض التكهنات ذهبت إلى أن الأخطبوط كائن فضائي، وعلى هذا النحو فإنه من الضروري دراسة ذكاء الأخطبوط، ليس لفهم الذكاء على الأرض فحسب، ولكن -ربما- إذا حدث ذلك اليوم تكون خطوة مسبقة لاستقبال الغرباء الأذكياء".

ويقول سيفيتيلي "إنه نموذج بديل للذكاء، يمنحنا فهما فيما يتعلق بتنوع الإدراك والمعرفة والعلم على الأرض، وربما في الكون بأكمله".

المصدر / وكالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

20 − 12 =

زر الذهاب إلى الأعلى