مستشار رئيس حكومة القبائل يكتب عن التحرر من قيود النظام الجزائري
بقلم: أكسيل بالعباسي*
في قلب منطقة القبائل، تخيلوا معى كهفًا مظلمًا، حيث يعيش شعب كامل في قيود منذ أجيال طويلة. هذه القيود ليست من حديد، بل هي سلاسل من الأوهام والأكاذيب والخوف التي زرعها النظام الجزائري في عقولهم. هؤلاء السكان، الذين يديرون ظهورهم للنور، لا يرون سوى الظلال الملقاة على جدران الكهف بفعل نار بعيدة. هذه الظلال، التي تحولت إلى صور مشوهة، تمثل النسخة المفروضة لهويتهم وتاريخهم، وهو ما يتبناه الكثيرون منهم باعتباره الحقيقة.
ولكن في يوم من الأيام، ينجح بعضهم في التحرر من قيودهم. هؤلاء “القبائل الحرة” يخرجون من الكهف ليكتشفوا الحقيقة: عالم حيث يمكن لشعبهم أن يقف منتصبًا، مستقلًا، وأسيادًا على مصيرهم. لكن هذه الحقيقة ليست خالية من الألم. فبمجرد أن يذهلهم الضوء الأول للحرية، عليهم أن يتعلموا كيف يرون، ويفهمون، ويقبلون هذه الحقيقة التي تقلب كل ما كانوا يعتقدون أنهم يعرفونه.
أول رد فعل لهم هو العودة إلى الكهف، مدفوعين بحب عميق لإخوانهم وأخواتهم الذين ما زالوا مقيدين. يرغبون في فتح أعينهم، في إظهار ما رأوه. لكن أولئك الذين ظلوا أسرى الظلال، المتمسكين بالأمان الزائف للقيود، يرفضون الاستماع إليهم.
أما “الكُي دي إس” (القبائل الخدم)، فيسخرون منهم ويتهمونهم بالجنون. متمسكين بالولاء للنظام الجزائري، يرون في الضوء الذي جلبه الأحرار تهديدًا لا يُحتمل. يفضلون الظلال التي تُطمئنهم داخل الكهف على الحقيقة الساطعة في الخارج. بل إن بعضهم يذهب إلى حد التحالف مع النار التي تلقي هذه الظلال، خائنين إخوانهم لحماية عالمهم الوهمي.
لكن القبائل الحرة، على الرغم من الرفض والهجوم، يصرون على مواقفهم. فهم يعلمون أن الضوء أقوى من أن يتم تجاهله إلى الأبد. عاجلًا أم آجلًا، ستنكشف الحقيقة، وسيفهم حتى أولئك الذين يهاجمونهم الآن أنهم كانوا يقاومون حريتهم الخاصة.
كما في “الأليغورية” الشهيرة لأفلاطون، قد يسعى القامعون من الداخل إلى إسكات الأحرار، وتقليلهم إلى الصمت، بل وربما تدميرهم. لكن التاريخ يثبت شيئًا واحدًا: أن نور الحرية في النهاية يتغلب على ظلمات القمع، حتى في أكثر القلوب ظلمة.
*مستشار رئيس حكومة القبائل