الأقليات الدينية في المغرب.. سوء الفهم

الدار/ أحمد الخليفي
تقرير من 250 صفحة أنجزته مؤخرا الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ويتضمن إحالة شبه شاملة على الوضع الحقوقي الذي تعيشه ما يسمى الأقليات الدينية في المغرب، مع أن عبارة "الأقليات الدينية" تثير في المغاربة شعورا كبيرا بالغموض والالتباس.
من بين ما جاء في التقرير أن "المغاربة المسيحيين" يمارسون شعائرهم في بلادهم في ظل غياب كنائس مغربية معترف بها من طرف سلطات البلاد، وهو ما يجعل هذه "الأقلية" تمارس شعائرها الدينية في "كنائس منزلية" فقط.
من غير المجدي مناقشة ما جاء في هذا التقرير الضخم والعبارات شديدة اللهجة المدافعة عن حق المسيحيين المغاربة في ممارسة شعائرهم، مع إدراج "أقليات" أخرى تبدو نفسها وكأنها أقلية أمام الأقلية المسيحية، حتى يبدو وكأن التقرير أعد من أجل "المسيحيين" فقط.
رئيس تنسيقية المسيحيين المغاربة زهير الدكالي، قال إنه "من العار أن يعيش المسيحيون المغاربة في بلادهم بدون أن تحمى حقوقهم العقائدية، خاصة أن الأمر يشير في النهاية إلى تناقض مع دولة الحق والقانون".
ربما لا يعرف زهير الدكالي، وربما يعرف، أنه خلال زيارة البابا فرانسيسكو إلى المغرب، في زيارة رسمية للمغرب، والاحتفاء به على أعلى المستويات، كان هناك حض واضح من البابا على تجنب كل الحركات التبشيرية في المغرب، وقال البابا بصريح العبارة أن مسيحيي المغرب ليس من شأنهم خوض حملات التبشير، غير أنه وبعد بضعة أيام فقط من تلك الزيارة، تم توزيع منشورات تبشيرية في عدد من المدن المغربية، وهي منشورات عبارة عن مطويات بالألوان ومكتوبة بعربية فصيحة، وتم توزيعها في الشوارع العمومية، خصوصا على أطفال المدارس، الذين لا يدركون كنهها، والذين حملوها إلي بيوتهم بسعادة، ورفقة هذا الموضوع يمكن للدكالي، وأيضا للجمعية المغربية لحقوق الإنسان الاطلاع على صور لهذه المطويات.
وقبل بضعة أيام صدم المغاربة بصورة مطبوعة باحترافية كبيرة، وبواسطة السكانير، على الجدران وأجزاء من اللوحات الإشهارية في المغرب، ويمكن أيضا للدكالي وأعضاء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن يطلعوا على صورة منها رفقة هذا الموضوع، حيث تم طبعها في أماكن عمومية حساسة.
إن كل من يملك هذه الجرأة، وهذه القدرة الكبيرة على تحدي القوانين واستفزاز شعور الأغلبية، لا يمكنه أن يتحدث عن مظلومية الأقلية، فالمظلوم في هذه الحالة هو الشعب المغربي، الذي يرى أقلية تستفزه وتتحدى البابا نفسه الذي يحضها على تجنب العمليات التبشيرية، والسبب واضح، لا علاقة للتبشير بالدين المسيحي، إنه عملية سياسية هدفها واضح، خلق أقليات دينية، واستخدامها لاحقا مثل مسامير جحا.
اللعبة واضحة إذن، ونتمنى من الدكالي والجمعية التوقف عن التباكي باسم الدين وحقوق الإنسان، ففي هذه البلاد أشياء كثيرة جدا يجب الدفاع عنها بالفعل.