المواطن

تجارة بوزروك : بين العشوائية والتلوث

الدار/  بوشعيب حمراوي

تعيش آلاف الأسر على طول الشريط الساحلي الرابط بين مدن المنصورية والمحمدية والدار البيضاء، من عائدات بيعها بلح البحر المعروف وطنيا ب(بوزروك)، وإذا كانت بعض الأسر تكتفي ببيعه خلال فترات موسمية (رمضان، الصيف)، فإن مجموعة كبيرة من ساكنة المناطق الساحلية القروية، يعتمدون على هذه التجارة  طيلة أيام السنة. ومنهم من يبيع (بوزروك) لمطاعم وفنادق . ومنهم من يواظب يوميا على توزيع كميات منه على زبائن راقيين بالشريط الساحلي. 

يقضي رواد هذه التجارة البحرية، اليوم كاملا في جني هذه الفاكهة البحرية، وطهيها وعرضها للبيع.  لكن مداخيلهم، لا ترقى إلى درجة تمكينهم من أرباح تعوض عنهم الأيام والفترات الصعبة. حيث يصعب الاقتراب من البحر  لشدة هيجان أمواجه. 

 تعددت واختلفت أسباب هذا التراجع الذي أضر بحرفة تجعلها بعض الأسر الساحلية موردها المالي الوحيد.  فعلى طول الطرق الساحلية، يلفت نظرك مجموعة من النساء والرجال والأطفال، نصبوا خياما بلاستيكية تحميهم من أشعة الشمس، أو عربات أو (فراشة) … وانشغلوا في تحضير بلح البحر المعروف لدى العامة ب(بوزروك). ووضعه داخل أكياس وأواني بلاستيكية قبل عرضه للبيع على السائقين والمارة. 

عملية تشارك فيها كل أفراد الأسرة. وتتوزع مهامهم بين من يكلف باقتلاع (بوزروك) من وسط الصخور الشاطئية، ومن يكلف بجمعه داخل أكياس كبيرة وحملها على الأكتاف أو باستعمال الدواب. ومن يقوم بتسخينه داخل سطل أو آنية كبيرة بها كمية من الماء، ومن يزيل قشرته، ويحتفظ باللحوم التي توجد بداخله. 

ويرى بعض الزبائن أنه (بوزروك) يشكل خطرا كبيرا على جسم الإنسان، وأن خطورته تبدأ من مصدره، الذي قد يكون ملوثا، وهو ما يجعله وجبة مضرة. كما أنهم، يجهلون التاريخ الذي تم فيه استخراج بلح البحر. إذ لا يتردد بعض الباعة، في استعمال كمياته قديمة منه. إضافة إلى أن الأواني التي يتم داخلها تسخين (سلق) بوزروك، غالبا ما تكون قديمة ومتسخة  بها الصدأ، أو بقايا مواد سامة كالصباغة. أو مواد كيماوية فلاحية. كما أشار البعض إلى تضرر بلح البحر من بطش الإنسان.

أبرز ما يؤثر في عملية تكاثر (بوزروك)، إضافة إلى الجني المبكر لصغاره، هم فئة الصيادين وباعة ما يعرف ب(الدود)، الذين يستعملونه كطعم في الصنارة. إذ أنهم يبحثون عنه وسط ما يعرف ب(مخيمات) بوزروك ، ويستعملون المعول (الكدومة) في تكسير وقتل بلح البحر، من أجل الحصول على هذا الطعم. كما أن البعض يستعمل مواد كيماوية ترغم الدود على مغادرة جحوره، والخروج إلى السطح. وهي مواد كما تقتل أو تلوث  بلح البحر.

 ولم ينف أحد الباعة  وقوع بعض حالات التسمم الغذائي لدى بعض المستهلكين، مشيرا إلى أنها تعود إلى الصدأ الذي ينتشر بالأواني التي تستعمل في تنظيف وطهي بلح البحر . كما قد تكون بسبب تقادم المواد المسوقة، أو بسبب تسمم آخر أصابها داخل البحر الذي تكون شواطئه ملوثة.

 وتعتبر منطقة زناتة التابعة لعمالة المحمدية وبعض الأماكن الساحلية المجاورة لها على صعيد  ولاية الدار البيضاء (البرنوصي، عين السبع…) من بين المناطق المعروفة بجني (بوزروك). فمعظم ساكنة دواوير (سيمو وكريسطال ومزاب وبيكي…)، والمعنيون بالرحيل في إطار مشروع مدينة زناتة الكبرى. يعيشون من مداخيل بيع (بوزروك)، ولا يمكن أن تجد أسرة  لا يشتغل أحد أفرادها في هذا المجال. كما ينشط العشرات من الأسر بجماعة المنصورية التابعة لإقليم ابن سليمان، في بيع بلح البحر. وخصوصا بدوار (بن شقشق)، والدواوير القربة منه على طول الطريق الساحلية الرابطة بين بوزنيقة والمحمدية. 

تتراوح أثمنة الكيلو الواحد من لحم بوزروك ما بين 30 و50 درهم. ويجمع كل من الباعة والمستهلكين أن (بوزروك) ومعه عدة أنواع أخرى من فواكه البحر، يتم استغلالها بطرق عشوائية، ولا تحظى بأية حماية بيئية أو بيولوجية، ولا بفترات الراحة، كما هو  الشأن للأسماك والرخويات، مؤكدين أن الكل يشارك في تدمير أماكن تجمع (بوزروك) بطرق مباشرة أو غير مباشرة، وأن على الجهات المعنية التدخل من أجل تقنين عملية الجني، ومحاولة إيجاد طرق عصرية لضمان حماية بوزروك، والتخفيف من العبء الذي يتحمله الأشخاص المكلفين يوميا بجنيه.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

7 − ستة =

زر الذهاب إلى الأعلى