المواطن

جاء الصيف.. يرافقه الغش

الدار/ أحمد الخليفي

عادة ما يأكل المغاربة أي شيء، وبلا تحفظ، وهم يرددون عبارة "اللّي ما قْتل يسمّنْ".. وهي حكمة تعني أن "مولاها ربي"، وأن الاحتياط لا ينفع في شيء عندما يكثر الغش والغشاشون.

مع مقدم الصيف يصبح الأكل في المغرب معضلة حقيقية، وتزدحم أقسام المستعجلات بالضحايا الذين نادرا ما يتوجهون، بعد الإفلات، إلى مصالح الشرطة أو المحاكم لمقاضاة المذنبين والغشاشين، ويكتفون بمقاضاتهم يوم القيامة أمام الله.

هناك أسئلة كثيرة تطرح حول جودة ما يأكله المغاربة طوال السنة، ويصبح السؤال أمرّ حول جودة وطبيعة الأكل خلال الصيف.

وفي مختلف مناطق المغرب يمكن رؤية لحم معلق على محلات بيع اللحم وعليه علامات الزرقة الفاقعة. وهناك أشخاص اشتروا لحما واكتشفوا أنه يحمل ديدانا. وآخرون وصلوا أقسام المستعجلات وأفلتوا من الموت بمعجزة لأنهم اشتروا لحما أو كفتة من تجار بلا ضمير يبيعون للناس النطيحة وما عاف السبع. 

وفي الأسواق الشعبية يمكن رؤية حلويات مغطاة بالذباب الأزرق يتهافت عليها الأطفال. وعلى حواف الطرق يوجد أشخاص متسخون يبيعون زيت الزيتون في علب بلاستيكية قذرة، أو يبيعون السمن واللبن والزبدة ولا أحد يسألهم كيف صنعوا تلك الزبدة وبأية وسيلة حصلوا على هذا السمن واللبن.

ومن باب سبتة تمر كل يوم أطنان من المواد الغذائية وأغلبها انصرم أجل صلاحيته فتحولت إلى سموم قاتلة تباع في الأسواق المغربية. وهناك شبكات مافيوزية مهمتها تغيير تواريخ المواد الغذائية وتسريبها إلى المغرب، أو إدخال المواد الغذائية المرفوضة في بلدان الاتحاد الأوروبي وباقي مناطق العالم. بل هناك سيارات وشاحنات خاصة تهرّب "الكْبدة" الفاسدة من داخل سبتة لبيعها في المغرب. والمشكلة أنها لا هي حلال ولا هي صالحة للأكل. 

في أبواب المدارس هناك عربات تبيع أي شيء ولا يراقبها أحد، وسيارات مهترئة تقف أمام أبواب المؤسسات التعليمية وتبيع للتلاميذ حلويات مضى أجل بيعها في المتاجر، فتقوم بتصريفها سريا في معدات الأطفال.

أكيد هناك مجهودات كثيرة تبذل من اجل زجر الغشاشين وتجار الحروب، لكن الغش انتشر في البر والبحر.. وحتى في الجبل.. وصار من شبه المستحيل القضاء عليه من دون سياسة زجرية قاسية تجعل الغشاش جانيا في حق الوطن والمجتمع.

لكن يبدو أن الغشاشين في قوت المغاربة لا يزال أمامهم وقت طويل لكي يلعبوا كيفما شاؤوا.. وعلى الناس التحلي بمزيد من اليقظة.. والصبر.. إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

18 − 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى