كأس أمم إفريقيا.. والحدود المغربية الجزائرية
الدار/ أحمد الخليفي
كانت رسالة قوية تلك التي شاهدها العالم جميعا عندما تجمع مغاربة وجزائريون على جانبي النقطة الحدودية في المنطقة الشرقية ورددوا معها أهازيج الانتشاء بتأهل المنتخب الجزائري إلى دور نصف النهائي أمام منتخب الكوت ديفوار بعد مباراة حارقة احترقت فيها أعصاب أنصار، ليس المنتخب الجزائر، بل المغرب العربي.
كان مشهدا رومانسيا جميلا يثبت أن القيم الإنسانية والعائلية والاجتماعية التي تجمع المغاربة والجزائريين لا يمكن أن تقف أمامها حدود، وتصبح مباريات كرة القدم ترجمة حقيقية لهذه المشاعر الجياشة، حيث كثيرا ما شاهدنا مباريات المنتخبين المغربي والجزائري كلا على حدة، في أوربا أو مناطق أخرى من العالم، حيث ترفرف في المدرجات أعلام البلدين وكأنها أعلام بلد واحد، ويهتف الجمهور أهازيج مشتركة.
في تلك الأمسية على جانبي الحدود، أخذ الحماس مأخذه من شاب جزائري وقفز فوق الأسلاك، صحيح أن ذلك السلوك غير قانوني، لكنه يترجم رغبة الملايين من الجزائريين في أن تتفهم سلطات بلادهم عمق هذه المشاعر الجياشة بين الشعبين وتقوم بفتح حدود طال أمد إغلاقها.
منذ أزيد من ربع قرن والحدود مغلقة، وفي أكثر من مرة عبر المغرب عن أمله في رفع حالة التيه السياسي والاجتماعي عن حدود كان من المفترض أن تكون رابطا سياسيا وأسريا واجتماعيا واقتصاديا بين البلدين وبين الشعبين.
وعكس ما يعتقده كثير من السياسيين الجزائريين، ففتح الحدود ليس مطلبا رسميا للمغرب، بل هو مطلب شعبي للجزائريين والمغاربة، ومن يدرك عمق العلاقات الأسرية والاجتماعية والاقتصادية، خصوصا بين سكان المناطق الحدودية، يدرك حجم الجرم المرتبط باستمرار هذا الإغلاق.
لنعد قليلا إلى الماضي ونلقي نظرة على أهم نقطتين حدوديتين بين المغرب والجزائر، وجدة ومغنية، أو تلمسان أيضا، حيث كانت المنطقة تغلي بالأنشطة الاقتصادية والاجتماعية حتى لا يعرف من يرى سحنات الناس ولهجتهم من هو المغربي ومن هو الجزائري.
المنتخب الجزائري سيخوض مباراته الحاسمة أمام نيجيريا، ولو تأهل سيتكرر المشهد نفسه، ولو أن المنتخب المغربي سار في الاتجاه نفس ولم يتعرض "للتقواس" فإننا كنا سنرى الحماس نفسه من جانب الإخوة الجزائريين، فكرة القدم ليست مجرد كرة منفوخة بالهواء، إنها كرة منفوخة بكل شيء تقريبا، بالرياضة والاقتصاد والمشاعر الإنسانية وأشياء أخرى كثيرة.