المواطن

مولاي بوسلهام.. شبه الجزيرة التي تستفيق من سباتها كل صيف

الدار/تحقيق: بوشعيب حمراوي

تستفيق مدينة مولاي بوسلهام من سباتها العميق كل صيف من سباتها، لتتحول من قرية شاطئية منسية، يفوق عدد القطط والكلاب الضالة عدد سكانها الأصليين. لتتحول إلى قطب سياحي، بترتيب جد محترم بين المواقع السياحية  المغربية.

مركز مولاي بوسلهام  الحضري عبارة عن شبه جزيرة حاضنة لستة أولياء صالحين في مقدمتهم مولاي بوسلهام، تحج إليها فئات عريضة من طالبي الشفاء والزواج والانتقام، ومدينة صغيرة  بشوارع وأزقة مجهولة الأسماء، وشواطئ لم تنفض غبار الموسم الماضي، ومحلات تجارية لا تخضع لأدنى مراقبة للأسعار وجودة المعروضات، ومنازل مختلفة بني معظمها بهدف الاصطياف أو الكراء الصيفي. 

تخرج من كل  هذا اليومي البائس والروتين المضجع، لتصبح مدينة الآلاف من المصطافين، الذين يغلقون أزقتها وشوارعها بسياراتهم، ويعوضون ساكنتها أيام العزلة والملل، التي يقضونها طيلة فصول الخريف والشتاء والربيع. ويمنحون بعضهم فرصة الاستثمار والعمل من أجل توفير موارد مالية تسد حاجياتهم المستقبلية.  

تفتح المنطقة الشاطئية بابها لتستقبل عشرات الآلاف من المصطافين الذي يتدبرون منازل تابعة لشركات أو قطاعات عمومية، أو منازل خاصة يتم كراءها عن طريق وسطاء (أطفال وشبان ورجال)، يعرضون خدماتهم على كل وافد جديد. 

مدينة ترغم ضيوفها على تدبير أمورهم في السير والجولان والتبضع والسكن على هوى أصحابها.  وعلى التدحرج فوق سلاليم معظمها مهدم لولوج شواطئها، يصل عدد أدراج كل سلم 150 درج. مولاي بوسلهام، حيث(المرجة الزرقاء)، أهم المناطق الرطبة في المغرب، المصنفة عالميا محمية للطيور. باعتبارها حضنا آمنا للمئات من أنواع الطيور. وحيث ضيعات (الدلاح، والبطيخ، والتوت…)، وحيث شواطئ (الكورنيش) و(هواي)…و(المرسة ) الصغيرة التي تحتضن مئات الصيادين التقليديين، يقضون معظم أيامهم في الصيد بقواربهم التقليدية، ويفضلون خلال فصل الصيف، مساومة المصطافين  بأثمنة خيالية من أجل نقلهم الضفة الثاني من شاطئ (هواي) بأثمنة قد تقارب أو تفوق المائة درهم. 

بمولاي بوسلهام كل شيء مباح

إذا رسا بك مخططك الصيفي، لاختيار مولاي بوسلهام كوجهة لقضاء جزء من عطلة الصيف، يجب أن تغظ الطرف عن مجموعة من قوانين السير لكي لا  تفاجأ بالعشرات من السيارات والشاحنات مركونة على رصيف يحمل علامات ممنوع الوقوف. فعلى طول كورنيش المرجة الزرقاء ترى العيون مئات السيارات مركونة دون احترام لعلامات  منع الوقوف والرصيف الملون من الأحمر والأبيض. و حيثما وليت وجهك تجد حراس السيارات شاهرين تذاكر الحراسة في وجه السائقين، يطالبون بأثمنة خيالية تتراوح ما بين 5 و20 دراهم. قد يتراجعون عنها في حال انتقادها من طرف البعض، ملتمسين (لي جاب الله) وهامسين في أذن منتقديهم (حنا ما علينا والوا غير خدامين… سلك الله يرحم الوالدين). 

بعض الأزقة، تغلق فجأة وبدون علامات تحذيرية، بالسيارات أو الشاحنات أو مواد البناء…  ولا تستغرب حين يأمرك دركي المرور بإخلال رصيف ما، وتكتشف فيما بعد أن الدركي يحرس ذلك الجزء من الرصيف لصديق أو قريب له. 

 حتى أصحاب المحلات التجارية يرفعون أسعارهم مع تزايد عدد السياح والضيوف دون اعتبار لنوعية المصطافين الذي يحجون إلى المنطقة، وهم في غالبيتهم متوسطي الدخل. 

 بشواطئ مولاي بوسلهام كل شيء مباح … فأصحاب القوارب ذات المحركات والدراجات النارية  المائية يمارسون هوايتهم اليومية وسط السباحين الضيوف، ويهددون حياتهم، وممارسي كرة القدم يراوغون بعضهم البعض  ويسددون قذفاتهم الصاروخية دون اعتبار لآلاف المصطافين من النساء والأطفال، وبعض الفتيان والفتيات يمارسون غرائزهم الجنسية في واضحة النهار و أمام أعين  بعض الأسر الذين يضطرون إلى تغيير المكان أو إلغاء الاصطياف بالمنطقة، و(الحشاشون) و(السكيرون) يتباهون بحمل (الشيشا) وقنينات الخمر والصراخ في وجه المصطافين. 

تستمر معاناة المصطافين حتى في بعض فترات الليل ، حيث ما إن يبادروا للخروج من أجل استنشاق هوى البحر، حتى يفاجئوا بطابور من الفتيان والفتيات على  طول انحدار السلالم المؤدية إلى الشاطئ، يستغلون ظلمة الليل من أجل ممارسة الجنس ومعاقرة الخمر وتناول المخدرات. 

معاناة أصحاب الأرض

لم يكتب لساكنة المنطقة التي ضلت لمدة سنوات موضع صراع بين مسؤولي عدة جهات من أجل ضمها إلى جهاتهم، أن يستفيدوا من خيرات منطقتهم الغنية بمواردها الفلاحية ومياهها الغزيرة ومنطقتها الرطبة  ومواردها البحرية من رمال تستنزف يوميا وأسماك يصعب على الصيادين تسويقها بسبب استمرار إغلاق سوق السمك الجديد والذي هو عبارة عن محل اسمنتي بدون أدنى الشروط اللازمة من ماء وكهرباء وثلاجات، وسوق محلي متعفن، حيث تعرض الأسماك بدون أدنى شروط السلامة في غياب الماء وأماكن الحفظ. 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

18 − 10 =

زر الذهاب إلى الأعلى