
الدار/ تحليل
استقبل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، يوم الجمعة بالعاصمة الرباط، الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لمنطقة الساحل، السيد جواو غوميش كرافينيو.
وخلال هذا اللقاء، أكد المسؤول الأوروبي على أهمية الدور المحوري الذي يضطلع به المغرب في دعم جهود الاستقرار والتنمية في منطقة الساحل، معتبراً أن المملكة تُعد “شريكاً استراتيجياً لا يمكن تجاوزه” في رؤية الاتحاد الأوروبي للتعاطي مع التحديات الأمنية والإنسانية في المنطقة.
ويأتي هذا اللقاء في وقت يتعزز فيه الحضور المغربي على الساحة الإفريقية، لاسيما في المناطق التي تعرف اضطرابات أمنية وتصاعداً في تهديدات الجماعات المسلحة والإرهاب العابر للحدود. فقد أبان المغرب، خلال السنوات الأخيرة، عن التزامه الثابت بدعم الاستقرار الإقليمي، سواء من خلال مبادرات الوساطة السياسية أو الدعم اللوجستي والتقني للدول الإفريقية.
وأكد السيد كرافينيو أن الاتحاد الأوروبي يولي أهمية خاصة للتعاون مع المغرب، نظراً لمكانته الجغرافية والسياسية، فضلاً عن خبرته في ملفات مكافحة التطرف وتعزيز التنمية المستدامة. وأضاف أن الشراكة بين الجانبين تتجاوز الجوانب الأمنية لتشمل ملفات الهجرة والتنمية الاقتصادية والحكامة الجيدة.
من جانبه، جدد السيد بوريطة التزام المغرب بالعمل المشترك مع الاتحاد الأوروبي في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الساحل، مؤكداً أن التعاون المغربي الأوروبي يقوم على الثقة المتبادلة والرؤية الاستراتيجية الموحدة لمواجهة التحديات المشتركة.
وتجدر الإشارة إلى أن المغرب يشارك بشكل فعّال في عدد من المبادرات والآليات الإقليمية والدولية المتعلقة بمنطقة الساحل، من بينها مجموعة دول الساحل والصحراء، كما أنه يحتضن عدداً من الاجتماعات الأمنية والتنسيقية بشأن مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
وتشهد منطقة الساحل وضعاً أمنياً معقداً، حيث تواجه الدول الخمس الأساسية في الإقليم (مالي، النيجر، بوركينا فاسو، تشاد، وموريتانيا) تصاعداً في هجمات الجماعات الإرهابية، إضافة إلى أزمات إنسانية عميقة ناتجة عن الجفاف والتغيرات المناخية وضعف البنى التحتية.
ويُنظر إلى المغرب كشريك ذي مصداقية قادر على المساهمة في تقديم مقاربات شاملة لا تعتمد فقط على البعد الأمني، بل تدمج التنمية الاقتصادية، وإشراك المجتمعات المحلية، وتمكين الشباب والنساء، وهي أولويات يتقاطع حولها المغرب والاتحاد الأوروبي.
يأتي هذا اللقاء في ظل توجّه متزايد لدى بروكسيل نحو تعزيز التعاون مع الفاعلين الإقليميين الموثوقين، في وقت تعيد فيه بعض دول الساحل النظر في تحالفاتها التقليدية. وقد أكد الطرفان، خلال محادثاتهما، على ضرورة مواصلة التنسيق الوثيق وتبادل الخبرات، واستكشاف إمكانيات جديدة لدعم دول الساحل بشكل ملموس.
وتعكس هذه الزيارة رغبة الاتحاد الأوروبي في ترسيخ علاقته مع الرباط كحليف أساسي في قلب معادلة الأمن والتنمية في القارة الإفريقية، كما تبرز الدور المتصاعد للمغرب كجسر حيوي بين أوروبا وإفريقيا في مواجهة التحديات المتشابكة التي تعرفها المنطقة.