مؤثرو الخليج يغوصون في عمق “الصين الحقيقية”: جولة سياحية تكشف الوجه الإنساني والثقافي لبلد التنين

الدار/ تقارير
انطلقت أواخر شهر مايو 2025 جولة استكشافية مميزة داخل الصين، بمشاركة عدد من أبرز مؤثري الإنترنت من دول مجلس التعاون الخليجي. وتأتي هذه الرحلة، التي تستمر لعشرة أيام، في إطار مبادرة سياحية وإعلامية تهدف إلى تقديم صورة حقيقية ومعاصرة عن الصين، بعيداً عن الصور النمطية الشائعة.
تجوب المجموعة الخليجية عدداً من المدن الصينية المتنوعة مثل شنغهاي، وسوتشو، وهوتشو، وبكين، في مسار غني يدمج بين المعالم التاريخية والحضارية، والتجارب الحياتية اليومية. ويشارك المؤثرون، الذين يتراوح عدد متابعيهم بين مئات الآلاف والمليون، انطباعاتهم الحية عبر منصات مثل إنستغرام ويوتيوب وسناب شات، ما يتيح لجمهورهم اكتشاف الصين من منظور شخصي وحميم.
في شنغهاي، المحطة الأولى من الجولة، زار المؤثرون متحف المدينة العريق، ومتحف بودونغ للفنون الجميلة، واستكشفوا الزخم العمراني والثقافي الذي يجمع بين الحداثة والعراقة. الإماراتية سارة المدني، التي سبق أن عاشت في الصين قبل عشر سنوات، أبدت دهشتها من حجم التطور الذي عرفته شنغهاي، خاصة خلال زيارتها لشارع ووكانغ الذي يحتفظ بطابعه التاريخي رغم التحديثات المعمارية.
سارة، التي تعمل في مجال تصميم الأزياء، لم تنس الجانب الإنساني من التجربة، حيث تحدثت عن دفء التعامل الذي لاقته من السكان، وقامت باقتناء هدايا تقليدية لطفلها، مؤكدة أن الإبداع الصيني في الصناعات الثقافية أصبح يحظى باهتمام متزايد في المنطقة العربية.
أحمد حسن، المؤثر المتخصص في السفر والمغامرات، شارك أكثر من عشرة مقاطع وقصص قصيرة توثق لحظاته في الصين خلال يومين فقط. من رحلته الجوية إلى تفاصيل الضيافة الفندقية، وصولاً إلى التجول بين الأسواق الشعبية والمعالم السياحية، استطاع أحمد أن ينقل نبض الشارع الصيني إلى متابعيه بطريقة جذابة ومباشرة.
ووفقاً لما أكده ليو يانغ، مدير مركز الثقافة الصينية في الإمارات، فإن هذه المبادرة تستهدف مد جسور جديدة بين الثقافتين الصينية والخليجية عبر الإعلام الرقمي. وأوضح أن اختيار مؤثرين نشطين في مجالات السفر، والموضة، والرياضة، يهدف إلى تنويع الرسائل التي تصل إلى المتابعين، بحيث تعكس الصين بصورها المتعددة والمعقدة.
تعكس هذه الزيارة أيضًا البعد الدبلوماسي والاقتصادي للعلاقات الخليجية الصينية، حيث أعلنت بكين مؤخراً عن سياسة تجريبية تتيح لحاملي جوازات السفر العادية من السعودية، سلطنة عمان، الكويت، والبحرين دخول الأراضي الصينية دون الحاجة إلى تأشيرة لمدة تصل إلى 30 يوماً، بدءاً من 9 يونيو 2025 وحتى 8 يونيو 2026.
وبانضمام هذه الدول الأربع إلى الإمارات وقطر، اللتين تستفيدان من الإعفاء المتبادل من التأشيرات منذ عام 2018، أصبحت جميع دول الخليج مشمولة بهذه التسهيلات، وهو ما يشكل منعطفاً جديداً في مسار العلاقات الثنائية ويشجع على تدفق السياحة الخليجية نحو الصين.
المرشد السياحي الصيني تشانغ جيون أشار إلى أن السياح الخليجيين والمشاركين في الجولة لا يقتصر اهتمامهم على المعالم الكبرى، بل يحرصون على التفاعل مع الحياة اليومية للمواطنين الصينيين، من خلال تجربة الأطعمة الشعبية، وزيارة الأسواق، وملاحظة تفاصيل الثقافة المجتمعية. هذا النهج يعكس تحولاً نوعياً في مفهوم السياحة، حيث لم تعد الصور البراقة تكفي، بل باتت الأصالة والعمق الثقافي عنصرين أساسيين في التجربة.
من خلال هذه الجولة، تؤكد الصين حرصها على تعزيز الحضور الإنساني والثقافي في علاقاتها مع دول الخليج، مستفيدة من الأدوات الحديثة للتواصل الرقمي التي يمتلكها المؤثرون العرب. وفي المقابل، تمنح دول الخليج مؤثريها دوراً متقدماً في تعزيز الانفتاح على الحضارات الأخرى، ليس فقط من منظور استهلاكي، بل أيضاً من باب تبادل القيم والمعرفة.
إنها رحلة لا تكتفي بإبراز “الصين الجميلة”، بل تكشف عن “الصين الحقيقية”، كما يراها زائر فضولي، ينقل انطباعاته دون تصنع، إلى جمهور عطشان لفهم أعمق لما يجري وراء الصور الرسمية.